قال الزجاج : اعلم ان النكاح سبب لنفى الفقر ولا يلزم أن يكون هذا حاصلاً لكل فقير إذا تزوج فإن ذلك مقيد بالمشيئة، وقد يوجد في الخارج كثير من الفقراء لا يحصل لهم الغنى إذا تزوجوا.
وقيل المعنى : إنه يغنيه بغنى النفس.
وقيل المعنى : إن يكونوا فقراء إلى النكاح يغنهم الله من فضله بالحلال ليتعففوا عن الزنا والوجه الأول أولى كما ذكر الشوكاني رحمه الله، ويدل عليه قوله سبحانه :" وان خفتم عيلة فسوف يغنيهم الله من فضله إن شاء "
(( وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً وءاتوهم من مال الله الذي ءاتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصناً لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم ((
وليستعفف : اى يطلب العفة عن الزنا والحرام من لا يجد نكاحاً.
أي سبب النكاح وهو المال.
وقيل النكاح هنا ما تنكح به المرأة من المهر والنفقة.
حتى يغنيهم الله من فضله : أي يرزقهم رزقاً يستغنون به ويتمكنون بسببه من النكاح وفي هذه الآية ما يدل على تقييد الغنى بالمشيئة كما سبق ولو كان الغنى والزواج متلازمين لما كان للأمر بالاستعفاف مع الفقر كبير فائدة.
" والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم " معنى المكاتبة في الشرع : أن يكاتب الرجل عبده على مال يؤديه منجما فإذا أداه فهو حر.
فكاتبوهم : أن العبد إذا طلب المكاتبة من سيده وجب عليه ان يكاتبه بالشرط المذكور بعده.
إن علمتم فيهم خيرا : الخير هو القدرة على أداء ما كوتب عليه وإن يكن له مال وقيل هو المال فقط.
وقيل: إن رجوتم عندهم وفاءً وتأدية للمال.
وقيل : الخير هو الأمانة والدين.
وقيل : الخير هو إقامة الصلاة.
- وقال الطحاوي الخير الدين والصدق لأن العبد مال لمولاه فكيف يكون له مال ؟
وهذا انسب فإنه لا يقال إن علمتم فيهم مالاً.