فَلَمْ يَكُنِ الْمُتَعَبِّدُونَ بِإِقَامَتِهِ، يَجِدُونَ لِرِضَا اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ مَطْلَبًا يَنَالُونَ بِهِ الْجَنَّةَ، وَيَسْتَوْجِبُونَ به مِنْهُ الْقُرْبَةَ، إِلاَّ مِنَ الْوَجْهِ الْوَاحِدِ، الَّذِي أُنْزِلَ بِهِ كِتَابُهُمْ، وَذَلِكَ هُوَ الْبَابُ الْوَاحِدُ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، الَّذِي نَزَلَ مِنْهُ ذَلِكَ الْكِتَابُ، وَخَصَّ اللَّهُ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُمَّتَهُ، بِأَنْ أَنْزَلَ عَلَيْهِمْ كِتَابَهُ، عَلَى أَوْجُهٍ سَبْعَةٍ، مِنَ الْوُجُوهِ الَّتِي يَنَالُونَ بِهَا رِضْوَانَ اللَّهِ، وَيَدْرِكُونَ بِهَا الْفَوْزَ بِالْجَنَّةِ، إِذَا أَقَامُوهَا ؛ فَكُلِّ وَجْهٍ مِنْ أَوْجُهِهِ السَّبْعَةِ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الَّذِي نَزَلَ مِنْهُ الْقُرْآنُ، لِأَنَّ الْعَامِلَ بِكُلِّ وَجْهٍ مِنْ أَوْجُهِهِ السَّبْعَةِ، عَامَلٌ على بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ وَطَالِبٌ مِنْ قِبَلِهِ الْفَوْزَ بِهَا، وَالْعَمَلَ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ فِي كِتَابِهِ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةَ، وَتَرْكُ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ فِيهِ بَابٌ آخَرُ ثَانٍ مِنْ أَبْوَابِهَا، وَتَحْلِيلُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِيهِ بَابٌ ثَالِثٌ مِنْ أَبْوَابِهَا، وَتَحْرِيمُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِيهِ بَابٌ رَابِعٌ مِنْ أَبْوَابِهَا، وَالإِيمَانُ بِمُحْكَمِهِ الْمُبِينِ بَابٌ خَامِسٌ مِنْ أَبْوَابِهَا، وَالتَّسْلِيمُ لِمُتَشَابِهِهِ الَّذِي اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِعِلْمِهِ، وَحَجَبَ عِلْمَهُ عَنْ خَلْقِهِ، وَالإِقْرَارِ بِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ بَابٌ سَادِسٌ مِنْ أَبْوَابِهَا، وَالاِعْتِبَارُ بِأَمْثَالِهِ وَالاِتِّعَاظُ بِعِظَاتِهِ بَابٌ سَابِعٌ مِنْ أَبْوَابِهَا.
فَجَمِيعُ مَا فِي الْقُرْآنِ، مِنْ حُرُوفِهِ السَّبْعَةِ، وَأَبْوَابِهِ السَّبْعَةِ، الَّتِي نَزَلَ مِنْهَا، جَعَلَهُ اللَّهُ لِعِبَادِهِ، إِلَى رِضْوَانِهِ هَادِيًا، وَلَهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ قَائِدًا. فَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نَزَلَ الْقُرْآنُ مِنْ سَبْعَةِ أَبْوَابِ من الْجَنَّةِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الْقُرْآنِ : إِنَّ لِكُلِّ حَرْفٍ مِنْهُ حَدًّا يَعْنِي لِكُلِّ وَجْهٍ مِنْ أَوْجُهِهِ السَّبْعَةِ حَدٌّ حَدَّهُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، لاَ يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَجَاوَزَهُ.


الصفحة التالية
Icon