وَلَوْ قِيلَ : مَعْنَاهُ : لِتُنْذِرَ بِهِ وَتُذَكِّرَ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ، فَتَقُولُ لَهُمْ : اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ. كَانَ غَيْرَ مَدْفُوعٍ.
وَقَدْ كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يَقُولُ : قَوْلُهُ :﴿اتَّبِعُوا﴾ خِطَابٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعْنَاهُ : كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ، فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ، اتَّبِعْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ. وَيَرَى أَنَّ ذَلِكَ نَظِيرُ قَوْلِ اللَّهِ :﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾، إِذِ ابْتَدَأَ خِطَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ جَعَلَ الْفِعْلَ لِلْجَمِيعِ، إِذْ كَانَ أَمْرُ اللَّهِ نَبِيَّهُ بِأَمْرٍ أَمْرًا مِنْهُ لِجَمِيعِ أُمَّتِهِ، كَمَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ يُفْرَدُ بِالْخِطَابِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُوَ وَجَمَاعَةُ أَتْبَاعِهِ أَوْ عَشِيرَتِهِ وَقَبِيلَتِهِ : أَمَا تَتَّقُونَ اللَّهَ ؟ أَمَا تَسْتَحْيَوْنَ مِنَ اللَّهِ ؟ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْكَلاَمِ.
وَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ وَجْهًا غَيْرَ مَدْفُوعٍ، فَالْقَوْلُ الَّذِي اخْتَرْنَاهُ أَوْلَى بِمَعْنَى الْكَلاَمِ لِدَلاَلَةِ الظَّاهِرِ الَّذِي وَصَفْنَا عَلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ :﴿قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ﴾ يَقُولُ : قَلِيلاً مَا تَتَّعِظُونَ وَتَعْتَبِرُونَ، فَتُرَاجِعُونَ الْحَقَّ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ﴾.


الصفحة التالية
Icon