١٥٩٩٠- حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ : قَالَ الزُّبَيْرُ : لَقَدْ خُوِّفْنَا بِهَا، يَعْنِي قَوْلَهُ :﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً﴾.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ :﴿اتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ قَوْلُهُ : لاَ تُصِيبَنَّ، لَيْسَ بِجَوَابٍ، وَلَكِنَّهُ نَهْي بَعْدَ أَمْرٍ، وَلَوْ كَانَ جَوَابًا مَا دَخَلَتِ النُّونُ.
وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ : قَوْلُهُ :﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ أَمَرَهُمْ ثُمَّ نَهَاهُمْ، وَمِنْكُمْ ظَرْفٌ مِنَ الْجَزَاءِ وَإِنْ كَانَ نَهْيًا. قَالَ : وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ :﴿يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ﴾ أَمَرَهُمْ ثُمَّ نَهَاهُمْ، وَفِيهِ تَأْوِيلُ الْجَزَاءِ. وَكَأَنَّ مَعْنَى الْكَلاَمِ عندَهُ : اتَّقُوا فِتْنَةً إِنْ لَمْ تَتَّقُوهَا أَصَابَتْكُمْ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ :﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾، فإنه تحذيرٌ من اللهِ، ووعيدٌ لمن واقَع الفتنةَ التي حذَّره إياها بقولِه :﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً﴾، يقولُ : اعلموا، أيُّها المؤمنون، أن ربَّكم شديدٌ عقابه لمن افْتَتن بظلمِ نفسِه، وخالَف أمرَه، فأثِم به.


الصفحة التالية
Icon