وَأَمَّا قَوْلُهُ :﴿وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ فَإِنَّهُ يَقُولُ : وَإِنْ تَنْتَهُوا يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ وَجَمَاعَةَ الْكُفَّارِ عَنِ الْكُفْرِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَقِتَالِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ بِهِ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ فِي دُنْيَاكُمْ وَآخِرَتِكُمْ. ﴿وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ﴾ يَقُولُ : وَإِنْ تَعُودُوا لِحَرْبِهِ وَقِتَالِهِ وَقِتَالِ أَتْبَاعِهِ الْمُؤْمِنِينَ، نَعُدْ : أَيْ : بِمِثْلِ الْوَاقِعَةِ الَّتِي أُوقِعَتْ بِكُمْ يَوْمَ بَدْرٍ.
وَقَوْلُهُ :﴿وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ﴾ يَقُولُ : وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ لِهَلاَكِكُمْ بِأَيْدِي أَوْلِيَائِي وَهَزِيمَتِكُمْ، وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ عِنْدَ عَوْدِي لِقَتْلِكُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَسَبْيِكُمْ وَهَزْمِكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ، يَعْنِي جُنْدَهُمْ وَجَمَاعَتَهُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، كَمَا لَمْ يُغْنُوا عَنْهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ مَعَ كَثْرَةِ عَدَدِهِمْ وَقِلَّةِ عَدَدِ الْمُؤْمِنِينَ شَيْئًا ﴿وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ يَقُولُ جَلَّ ذِكْرُهُ : وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ مَنْ آمَنَ بِهِ مِنْ عِبَادِهِ عَلَى مَنْ كَفَرَ بِهِ مِنْهُمْ، يَنْصُرُهُمْ عَلَيْهِمْ، كَمَا أَظْهَرَهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ عَلَى الْمُشْرِكِينَ.
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
١٥٩٢٦- حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فِي قَوْلِهِ :﴿وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ قَالَ : يَقُولُ لِقُرَيْشٍ : وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ لِمِثْلِ الْوَاقِعَةِ الَّتِي أَصَابَتْكُمْ يَوْمَ بَدْرٍ. ﴿وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ أَيْ : وَإِنْ كَثُرَ عَدَدُكُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ لَنْ يُغْنِيَ عَنْكُمْ شَيْئًا، وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ يَنْصُرُهُمْ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ.


الصفحة التالية
Icon