وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ :﴿وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ﴾ وَإِنْ تَعُودُوا لِلاِسْتِفْتَاحِ نَعُدْ لَفَتْحِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَهَذَا الْقَوْلُ لاَ مَعْنًى لَهُ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ كَانَ ضَمِنَ لِنَبِيِّهِ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ حِينَ أَذِنَ لَهُ فِي حَرْبِ أَعْدَائِهِ إِظْهَارَ دِينِهِ وَإِعْلاَءَ كَلِمَتِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَسْتَفْتِحَ أَبُو جَهْلٍ وَحِزْبُهُ، فَلاَ وَجْهَ لِأَنْ يُقَالَ وَالأَمْرُ كَذَلِكَ إِنْ تَنْتَهُوا عَنِ الاِسْتِفْتَاحِ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ كَانَ وَعَدَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَتْحَ بِقَوْلِهِ :﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ اسْتَفْتَحَ الْمُشْرِكُونَ أَوْ لَمْ يَسْتَفْتِحُوا.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
١٥٩٢٧- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ :﴿وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ﴾ إِنْ تَسْتَفْتِحُوا الثَّانِيَةَ نَفْتَحْ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ﴿وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ.
وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ :﴿وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ فَفَتَحَهَا عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، بِمَعْنَى : وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ، وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ. فَعَطَفَ بِـ أَنَّ. عَلَى مَوْضِعِ وَلَوْ كَثُرَتْ كَأَنَّهُ قَالَ : لِكَثْرَتِهَا، وَلِأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَكُونُ مَوْضِعُ أَنَّ حِينَئِذٍ نَصْبًا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ.


الصفحة التالية
Icon