﴿بَغْيًا﴾ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ وَمَنَ مَعَهُمَا مِنْ قَوْمِهِمَا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴿وَعَدْوًا﴾. يَقُولُ : وَاعْتَدَاءً عَلَيْهِمْ.
وَهُوَ مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِهِمْ : عَدَا فُلاَنٌ عَلَى فُلاَنٍ فِي الظُّلْمِ يَعْدُو عَلَيْهِ عَدْوًا، مِثْلُ غَزَا يَغْزُو غَزْوًا.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ : بَغْيًا وَعَدْوًا وَهُوَ أَيْضًا مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِهِمْ : عَدَا يَعْدُو عَدْوًا، مِثْلُ عَلاَ يَعْلُو عُلُوًّا.
﴿حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ﴾ يَقُولُ : حَتَّى إِذَا أَحَاطَ بِهِ الْغَرَقُ. وَفِي الْكَلاَمِ مَتْرُوكٌ قَدْ تُرِكَ ذِكْرُهُ بِدَلاَلَةِ مَا ظَهَرَ مِنَ الْكَلاَمِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ : فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا فِيهِ، فَغَرَّقْنَاهُ حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ.
وَقَوْلُهُ :﴿قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُخْبِرًا عَنْ قِيلِ فِرْعَوْنَ حِينَ أَشْرَفَ عَلَى الْغَرَقِ وَأَيْقَنَ بِالْهَلَكَةِ :﴿آمَنْتُ﴾ يَقُولُ : أَقْرَرْتُ، ﴿أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ﴾.
وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ قِرَاءَةُ عَامَّةِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ : أَنَّهُ بِفَتْحِ الأَلِفِ مِنْ أَنَّهُ عَلَى إِعْمَالِ آمَنْتُ فِيهَا وَنَصْبَهَا بِهِ.
وَقَرَأَ آخَرُونَ : آمَنْتُ إِنَّهُ بِكَسْرِ الأَلِفِ مِنْ أَنَّهُ عَلَى ابْتِدَاءِ الْخَبَرِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ عَامَّةِ الْكُوفِيِّينَ.
وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى، وَبِأَيِّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ.
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.