ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
١٧٩٩٢- حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ :﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا﴾ ﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ وَنَحْوُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَحْرِصُ أَنْ يُؤْمِنَ جَمِيعُ النَّاسِ، وَيُتَابِعُوهُ عَلَى الْهُدَى، فَأَخْبَرَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ يُؤْمِنُ مِنْ قَوْمِهِ إِلاَّ مَنْ قَدْ سَبَقَ لَهُ مِنَ اللَّهِ السَّعَادَةُ فِي الذِّكْرِ الأَوَّلِ، وَلاَ يَضِلُّ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ لَهُ مِنَ اللَّهِ الشَّقَاءُ فِي الذِّكْرِ الأَوَّلِ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَمَا وَجْهُ قَوْلِهِ :﴿لَآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا﴾ فَالْكُلُّ يَدُلُّ عَلَى الْجَمِيعِ، وَالْجَمِيعُ عَلَى الْكَلِّ، فَمَا وَجْهُ تَكْرَارِ ذَلِكَ، وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تُغْنِي عَنِ الأُخْرَى ؟
قِيلَ : قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي أَهْلِ الْبَصْرَةِ : جَاءَ بِقَوْلِهِ جَمِيعًا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ تَوْكِيدًا كَمَا قَالَ :﴿لاَ تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ﴾ [النحل] فَفِي قَوْلِهِ :﴿إِلَهَيْنِ﴾ دَلِيلٌ عَلَى الاِثْنَيْنِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ : جَاءَ بِقَوْلِهِ ﴿جَمِيعًا﴾ بَعْدَ ﴿كُلُّهُمْ﴾، لِأَنَّ جَمِيعًا لاَ تَقَعُ إِلاَّ تَوْكِيدًا، و كُلُّهُمْ يَقَعُ تَوْكِيدًا وَاسْمًا ؛ فَلِذَلِكَ جَاءَ بِـ ﴿جَمِيعًا﴾ بَعْدَ كُلُّهُمْ. قَالَ : وَلَوْ قِيلَ إِنَّهُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا لِيُعْلَمَ أَنَّ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ لَجَازَ هَهُنَا.


الصفحة التالية
Icon