١٨٠٣٩- حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ : حَدَّثَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ : سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ :﴿أَلاَ إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ﴾ يَقُولُ : تَثْنَوْنِي صُدُورُهُمْ.
وَهَذَا التَّأْوِيلُ الَّذِي تَأَوَّلَهُ الضَّحَّاكُ عَلَى مَذْهَبِ قِرَاءَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ، إِلاَّ أَنَّ الَّذِيَ حَدَّثَنَا هَكَذَا ذَكَرَ الْقِرَاءَةَ فِي الرِّوَايَةِ.
فَإِذَا كَانَتِ الْقِرَاءَةُ الَّتِي ذَكَرْنَا أَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَيْهَا. فَأَوْلَى التَّأْوِيلاَتِ بِتَأْوِيلِ ذَلِكَ، تَأْوِيلُ مَنْ قَالَ : إِنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ جَهْلاً مِنْهُمْ بِاللَّهِ أَنَّهُ يَخْفَى عَلَيْهِ مَا تُضْمِرْهُ نُفُوسُهُمْ أَوْ تَنَاجُوهُ بَيْنَهُمْ.
وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى التَّأْوِيلاَتِ بِالآيَةِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ :﴿لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ﴾ بِمَعْنَى : لِيَسْتَخْفُوا مِنَ اللَّهِ، وَأَنَّ الْهَاءَ فِي قَوْلِهِ :﴿مِنْهُ﴾ عَائِدَةٌ عَلَى اسْمِ اللَّهِ، وَلَمْ يَجْرِ لِمُحَمَّدٍ ذِكْرٌ قَبْلُ. فَيُجْعَلْ مِنْ ذِكْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ فِي سِيَاقِ الْخَبَرِ عَنِ اللَّهِ. فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَتْ بِأَنْ تَكُونَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أَوْلَى. وَإِذَا صَحَّ أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ، كَانَ مَعْلُومًا أَنَّهُمْ لَمْ يُحْدِّثُوا أَنْفُسَهُمْ أَنَّهُمْ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ إِلاَّ بِجَهْلِهِمْ بِهِ، فَلَمَّا أَخْبَرَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ سِرُّ أُمُورِهِمْ وَعَلاَنِيَتِهَا عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانُوا تَغَشُّوا بِالثِّيَابِ أَوْ أَظْهَرُوا بِالْبَزَارِ، فَقَالَ :﴿أَلاَ حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ﴾ يَعْنِي : يَتَغَشُّونَ ثِيَابَهُمْ يَتَغَطَّونَهَا وَيَلْبِسُونَ.


الصفحة التالية
Icon