وَهَذَا حَضٌّ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى قِتَالِ كُلِّ مَنْ كَفَرَ بِهِ مِنَ الْمَمَالِيكِ، وَإِغْرَاءٌ مِنْهُ لَهُمْ بِحَرْبِهِمْ.
وَقَوْلُهُ :﴿وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ نُصَيْرٍ﴾ يَقُولُ : وَمَا لَكُمْ مِنْ أَحَدٍ هُوَ لَكُمْ حَلِيفٌ مِنْ دُونِ اللَّهِ يُظَاهِرُكُمْ عَلَيْهِ إِنْ أَنْتُمْ خَالَفْتُمْ أَمْرَ اللَّهِ فَعَاقَبَكُمْ عَلَى خِلاَفِكُمْ أَمْرَهُ يَسْتَنْقِذَكُمْ مِنْ عِقَابِهِ، وَلاَ نُصَيْرَ يَنْصُرُكُمْ مِنْهُ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا. يَقُولُ : فَبِاللهِ فَثِقُوا، وَإِيَّاهُ فَارْهَبُوا، وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ مَنْ كَفَرَ بِهِ، فَإِنَّهُ قَدِ اشْتَرَى مِنْكُمْ أَنْفُسَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ بِأَنَّ لَكُمُ الْجَنَّةَ، تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ فَتَقْتُلُونَ وَتُقتَلُونَ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾.
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : لَقَدْ رَزَقَ اللَّهُ الإِنَابَةَ إِلَى أَمْرِهِ وَطَاعَتِهِ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْمُهَاجِرِينَ دِيَارَهُمْ وَعَشِيرَتَهُمْ إِلَى دَارِ الإِسْلاَمِ، وَأَنْصَارَ رَسُولِهِ فِي اللَّهِ، الَّذِينَ اتَّبَعُوا رَسُولَ اللَّهِ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْهُمْ مِنَ النَّفَقَةِ وَالظَّهْرِ وَالزَّادِ وَالْمَاءِ ﴿مِنْ بَعْدَ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ﴾ يَقُولُ : مِنْ بَعْدَ مَا كَادَ يَمِيلُ قُلُوبُ بَعْضِهِمْ عَنِ الْحَقِّ وَيَشُكُّ فِي دِينِهِ وَيَرْتَابُ بِالَّذِي نَالَهُ مِنَ الْمَشَقَّةِ وَالشِّدَّةِ فِي سَفَرِهِ وَغَزْوِهِ ﴿ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ﴾ يَقُولُ : ثُمَّ رَزَقَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الإِنَابَةَ وَالرُّجُوعَ إِلَى الثَّبَاتِ عَلَى دِينِهِ وَإِبْصَارِ الْحَقِّ الَّذِي كَانَ قَدْ كَادَ يَلْتَبِسُ عَلَيْهِمْ.