وَأَمَّا مَا قُلْنَا مِنْ خَوْفِهِمُ الْفَضِيحَةَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، فَإِنَّ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ كَانَ يَقُولُ : إِنَّ الْقَوْمَ إِذْ أُمِرُوا بِذِبْحِ الْبَقَرَةِ إِنَّمَا قَالُوا لِمُوسَى :﴿أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا﴾ لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّهُمْ سَيَفْتَضِحُونَ إِذَا ذُبِحَتْ فَحَادُوا عَنْ ذَبْحِهَا.
١٢٩٥- حُدِّثْتُ بِذَلِكَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ مَعْقِلٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ.
وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ : إِنَّ الْقَوْمَ بَعْدَ أَنْ أَحْيَا اللَّهُ الْمَيِّتَ فَأَخْبَرَهُمْ بِقَاتِلِهِ، أَنْكَرَتْ قَتَلَتُهُ قَتْلَهُ، فَقَالُوا : وَاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ، بَعْدَ أَنْ رَأَوُا الآيَةَ وَالْحَقَّ.
١٢٩٦- حَدَّثَنِي بِذَلِكَ، مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ : حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾.
يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ :﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا﴾ وَاذْكُرُوا يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا. وَالنَّفْسُ الَّتِي قَتَلُوهَا هِيَ النَّفْسُ الَّتِي ذَكَرْنَا قِصَّتَهَا فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾.
وَقَوْلُهُ :﴿فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا﴾ يَعْنِي فَاخْتَلَفْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ، وَإِنَّمَا هُوَ فَتَدَارَأْتُمْ فِيهَا عَلَى مِثَالِ تَفَاعَلْتُمْ مِنَ الدَّرْءِ، وَالدَّرْءُ : الْعِوَجُ، وَمِنْهُ قَوْلُ أَبِي النَّجْمِ الْعِجْلِيِّ :.
| خَشْيَةَ طَغَّامٍ إِذَا هَمَّ جَسَرْ | يَأْكُلُ ذَا الدَّرْءِ وَيُقْصِي مَنْ حَقَرْ |
يَعْنِي ذَا الْعِوَجِ وَالْعُسْرِ وَمِنْهُ قَوْلُ رُؤْبَةَ بْنِ الْعَجَّاجِ :.
| أَدْرَكْتُهَا قُدَّامَ كُلِّ مِدْرَهِ | بِالدَّفْعِ عَنِّي دَرْءَ كُلِّ عُنْجُهِ. |
الصفحة التالية