قَالُوا : فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ :﴿فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾ إِنَّمَا مَعْنَاهُ : فَقُلُوبُهُمْ لاَ تَخْرُجُ مِنْ أَحِدِ هَذَيْنِ الْمَثَلَيْنِ إِمَّا أَنْ تَكُونَ مَثَلاً لِلْحِجَارَةِ فِي الْقَسْوَةِ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ أَشَدَّ مِنْهَا قَسْوَةً. وَمَعْنَى ذَلِكَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ : فَبَعْضُهَا كَالْحِجَارَةِ قَسْوَةً، وَبَعْضُهَا أَشَدُّ قَسْوَةً مِنَ الْحِجَارَةِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ : أَوْ فِي قَوْلِهِ :﴿أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾ بِمَعْنَى : وَأَشَدُّ قَسْوَةً، كَمَا قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى :﴿وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا﴾ بِمَعْنَى : وَكَفُورًا. وَكَمَا قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَطِيَّةَ :.

نَالَ الْخِلاَقَةَ أَوْ كَانَتْ لَهُ قَدَرًا كَمَا أَتَى رَبَّهُ مُوسَى عَلَى قَدَرِ
يَعْنِي نَالَ الْخِلاَفَةَ وَكَانَتْ لَهُ قَدَرًا. وَكَمَا قَالَ النَّابِغَةُ :.
قَالَتْ أَلاَ لَيْتَمَا هَذَا الْحَمَامُ لَنَا إِلَى حَمَامَتِنَا أَوْ نِصْفُهُ فَقَدِ
يُرِيدُ وَنِصْفُهُ.
وَقَالَ آخَرُونَ : أَوْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِمَعْنَى وَبَلْ، فَكَانَ تَأْوِيلُهُ عِنْدَهُمْ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ بَلْ أَشَدُّ قَسْوَةً، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ :﴿وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ﴾ بِمَعْنَى : بَلْ يَزِيدُونَ.


الصفحة التالية
Icon