١٠٦٤- حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ : أَنْبَأَنَا ابْنُ زَيْدٍ، قَالَ : كَانَ طَعَامُ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي التِّيهِ وَاحِدًا، وَشَرَابُهُمْ وَاحِدًا، كَانَ شَرَابُهُمْ عَسَلاً يَنْزِلُ لَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ يُقَالُ لَهُ الْمَنُّ، وَطَعَامُهُمْ طَيْرٌ يُقَالُ لَهُ السَّلْوَى، يَأْكُلُونَ الطَّيْرَ وَيَشْرَبُونَ الْعَسَلَ، لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ خُبْزًا وَلاَ غَيْرَهُ. فَقَالُوا : يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ، فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا. فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ :﴿اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ﴾.
وَإِنَّمَا قَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ :﴿يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ﴾ وَلَمْ يَذْكُرِ الَّذِي سَأَلُوهُ أَنْ يَدْعُوَ رَبَّهُ لِيُخْرِجَ لَهُمْ مِنَ الأَرْضِ، فَيَقُولُوا : قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا كَذَا وَكَذَا مِمَّا تُنْبِتُهُ الأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا، لِأَنَّ مِنْ تَأْتِي بِمَعْنَى التَّبْعِيضِ لِمَا بَعْدَهَا، فَاكْتُفِيَ بِهَا منْ ذِكْرِ المبْعضِ، إِذْ كَانَ مَعْلُومًا بِدُخُولِهَا مَعْنَى مَا أُرِيدَ بِالْكَلاَمِ الَّذِي هِيَ فِيهِ كَقَوْلِ الْقَائِلِ : أَصْبَت الْيَوْمَ عِنْدَ فُلاَنٍ مِنَ الطَّعَامِ يُرِيدُ : أصبت شَيْئًا مِنْهُ.
وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ : مِنْ هَهُنَا بِمَعْنَى الإِلْغَاءِ وَالإِسْقَاطِ، كَأَنَّ مَعْنَى الْكَلاَمِ عِنْدَهُ : يُخْرِجْ لَنَا مَا تَنْبُتُ الأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا. وَاسْتَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِ الْعَرَبِ : مَا رَأَيْتُ مِنْ أَحَدٍ، بِمَعْنَى : مَا رَأَيْتُ أَحَدًا، @


الصفحة التالية
Icon