فَقَالَ. يَا خَاتَمَ النُّبَآءِ، عَلَى أَنَّ وَاحِدَهُمُ نَبِيءٌ مَهْمُوزٌ.
وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمُ : النَّبِيُّ وَالنُّبُوَّةُ غَيْرُ مَهْمُوزٍ. لِأَنَّهُمَا مَأْخُوذَانِ مِنَ النَّبْوَةِ، وَهِيَ مِثْلُ النَّجْوَةِ، وَهُما الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ. وَكَانَ يَقُولُ إِنَّ أَصْلَ النَّبِيِّ الطَّرِيقُ، وَيَسْتَشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ بِبَيْتِ الْقُطَامِيِّ :.
لَمَّا وَرَدْنَ نَبِيًّا وَاسْتَتَبَّ لنا | مُسْحَنْفِرٌ كَخُطُوطِ السَّيْحِ مُنْسَحِلُ |
وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ :﴿وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقْتُلُونَ رُسُلَ اللَّهِ بِغَيْرِ إِذْنِ اللَّهِ لَهُمْ بِقَتْلِهِمْ مُنْكِرِينَ رِسَالَتَهُمْ جَاحِدِينَ نُبُوَّتَهُمْ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ﴾.
وَقَوْلُهُ :﴿ذَلِكَ﴾ رَدٌّ عَلَى ذَلِكَ الأُولَى. وَمَعْنَى الْكَلاَمِ : وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ، وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ، مِنْ أَجْلِ كُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ، وَقَتْلِهِمُ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ، مِنْ أَجْلِ عِصِيَانِهِمْ رَبَّهُمْ، وَاعْتِدَائِهِمْ حُدُودَهُ ؛ فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ :﴿ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا﴾ وَالْمَعْنَى : ذَلِكَ بِعِصْيَانِهِمْ وَكُونهِمْ مُعْتَدِينَ.