وَزَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ :﴿وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ﴾ أَنَّهَا تَأْتِي مَرَّةً جَنُوبًا وَشِمَالاً وَقُبُولاً وَدُبُورًا، ثُمَّ قَالَ : وَذَلِكَ تَصْرِيفُهَا.
وَهَذِهِ الصِّفَةُ الَّتِي وَصَفَ الرِّيَاحَ بِهَا صِفَةُ تَصَرُّفِهَا لاَ صِفَةُ تَصْرِيفِهَا ؛ لِأَنَّ تَصْرِيفَهَا تَصْرِيفُ اللَّهِ لَهَا، وَتَصَرُّفُهَا اخْتِلاَفُ هُبُوبُهَا.
وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ :﴿وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ﴾ تَصْرِيفُ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ هُبُوبَ الرِّيَاحِ بِاخْتِلاَفِ مَهَابِّهَا.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لَآيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾
يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ ﴿وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ﴾ وَفِي السَّحَابِ المسخر.
والسَّحَابِ جَمْعُ سَحَابَةٍ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ :﴿وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ﴾.
ووَحَّدَ الْمُسَخَّرَ وَذَكَّرَهُ كَمَا قَالَ : هَذِهِ تَمْرَةٌ، وَهَذَا تَمْرٌ كَثِيرٌ فِي جَمْعِهِ، وَهَذِهِ نَخْلَةٌ، وَهَذَا نَخْلٌ.
وَإِنَّمَا قِيلَ لِلسَّحَابِ سَحَابٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لِجَرِّ بَعْضِهِ بَعْضًا وَسَحْبِهِ إِيَّاهُ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ : مَرَّ فُلاَنٌ يَسحب ذَيْلَهُ : بعْنِي يَجرهُ.


الصفحة التالية
Icon