يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ :﴿أُولَئِكَ﴾ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ فِي شَأْنِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخَسِيسِ مِنَ الرِّشْوَةِ يُعْطُونَهَا، فَيُحَرِّفُونَ لِذَلِكَ آيَاتِ اللَّهِ وَيُغَيِّرُونَ مَعَانِيهَا ﴿مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ﴾ بِأَكْلِهِمْ مَا أَكَلُوا مِنَ الرُّشَا عَلَى ذَلِكَ وَالْجِعَالَةِ وَمَا أَخَذُوا عَلَيْهِ مِنَ الأَجْرِ ﴿إِلاَّ النَّارَ﴾ يَعْنِي إِلاَّ مَا يُورِدُهُمُ النَّارَ وَيُصْلِيهُمُوهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ :﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾ مَعْنَاهُ : مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ مَا يُورِدُهُمُ النَّارَ بِأَكْلِهِمْ. فَاسْتَغْنَى بِذِكْرِ النَّارِ وَفَهْمِ السَّامِعِينَ مَعْنَى الْكَلاَمِ مَنْ ذِكْرِ مَا يُورِدُهُمْ أَوْ يُدْخِلُهُمْ.
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :.
٢٥١١- حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، ﴿أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ﴾ يَقُولُ : مَا أَخَذُوا عَلَيْهِ مِنَ الأَجْرِ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَهَلْ يَكُونُ الأَكْلُ فِي غَيْرِ الْبَطْنِ فَيُقَالُ : مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ؟
قِيلَ له : قَدْ تَقُولُ الْعَرَبُ جُعْتُ فِي غَيْرِ بَطْنِي، وَشَبِعْتُ فِي غَيْرِ بَطْنِي، فَقِيلَ فِي بُطُونِهِمْ لِذَلِكَ كَمَا يُقَالُ : فَعَلَ فُلاَنٌ هَذَا نَفْسُهُ وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ فِيمَا مَضَى.