فَمَنْ قَالَ لَغَيْتُ، قَالَ أَلْغَى لَغًا، وَهِيَ لُغَةٌ لِبَعْضِ الْعَرَبِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ :

وَرُبِّ أَسْرَابِ حَجِيجٍ كُظَّمِ عَنِ اللَّغَا، وَرَفَثِ التَّكَلُّمِ
فَإِذَا كَانَ اللَّغْوُ مَا وَصَفْتُ، وَكَانَ الْحَالِفُ بِاللَّهِ مَا فَعَلْتُ كَذَا وَقَدْ فَعَلَ ؛ وَلَقَدْ فَعَلْتُ كَذَا وَمَا فَعَلَ، وَاصِلاً بِذَلِكَ كَلاَمَهُ عَلَى سَبِيلِ سُبُوقِ لِسَانِهِ مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدِ إِثْمٍ فِي يَمِينِهِ، وَلَكِنْ لِعَادَةٍ قَدْ جَرَتْ لَهُ عِنْدَ عَجَلَةِ الْكَلاَمِ، وَالْقَائِلُ : وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لِفُلاَنٌ وَهُوَ يَرَاهُ كَمَا قَالَ، أَوْ وَاللَّهِ مَا هَذَا فُلاَنٌ وَهُوَ يَرَاهُ لَيْسَ بِهِ، وَالْقَائِلُ : لَيَفْعَلَنَّ كَذَا وَاللَّهِ، أَوْ لاَ يَفْعَلُ كَذَا وَاللَّهِ، عَلَى سَبِيلِ مَا وَصَفْنَا مِنْ عَجَلَةِ الْكَلاَمِ، وَسُبُوقِ اللِّسَانِ لِلْعَادَةِ، عَلَى غَيْرِ تَعَمُّدِ حَلِفٍ عَلَى بَاطِلٍ، وَالْقَائِلُ هُوَ مُشْرِكٌ أَوْ هُوَ يَهُودِيُّ أَوْ نَصْرَانِيُّ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ كَذَا، أَوْ إِنْ فَعَلَ كَذَا مِنْ غَيْرِ عَزْمٍ عَلَى كُفْرٍ، أَوْ يَهُودِيَّةٌ أَوْ نَصْرَانِيَّةٌ ؛ جَمِيعُهُمْ قَائِلُونَ هُجْرًا مِنَ الْقَوْلِ، وَذَمِيمًا مِنَ الْمِنْطَقِ، وَحَالِفُونَ مِنَ الأَيْمَانِ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَمْ تَتَعَمَّدْ فِيهِ الإِثْمُ قُلُوبُهُمْ. كَانَ مَعْلُومًا أَنَّهُمْ لُغَاةٌ فِي أَيْمَانِهِمْ لاَ تَلْزَمُهُمُ كَفَّارَةٌ فِي الْعَاجِلِ، وَلاَ عُقُوبَةٌ فِي الآجِلِ لِإِخْبَارِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنَّهُ غَيْرُ مُؤَاخِذِ عِبَادَهُ بِمَا لَغَوْا مِنْ أَيْمَانِهِمْ، وَأَنَّ الَّذِي هُوَ مُؤَاخِذِهُمْ بِهِ مَا تَعَمَّدَتْ فِيهِ الإِثْمَ قُلُوبُهُمْ.
وَإِذ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَكَانَ صَحِيحًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ@


الصفحة التالية
Icon