غَيْرَ أَنَّ الأَمْرَ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الَّذِي نَقُولُ بِهِ فِي الَّذِي يُدْعَى لِشَهَادَةٍ لِيَشْهَدَ عَلَيْهَا إِذَا كَانَ بِمَوْضِعٍ لَيْسَ بِهِ سِوَاهُ مِمَّنْ يَصْلُحُ لِلشَّهَادَةِ، فَإِنَّ الْفَرْضَ عَلَيْهِ إِجَابَةُ دَاعِيهِ إِلَيْهَا كَمَا فُرِضَ عَلَى الْكَاتِبِ إِذَا اسْتُكْتِبَ بِمَوْضِعٍ لاَ كَاتِبَ بِهِ سِوَاهُ، فَفُرِضَ عَلَيْهِ أَنْ يَكْتُبَ، كَمَا فُرِضَ عَلَى مَنْ كَانَ بِمَوْضِعٍ لاَ أَحَدَ بِهِ سِوَاهُ يَعْرِفُ الإِيمَانَ وَشَرَائِعَ الإِسْلاَمِ، فَحَضَرَهُ جَاهِلٌ بِالإِيمَانِ وَبِفَرَائِضِ اللَّهِ فَسَأَلَهُ تَعْلِيمَهُ وَبَيَانَ ذَلِكَ لَهُ أَنْ يُعَلِّمَهُ وَيُبَيِّنَهُ لَهُ، وَلَمْ نُوجِبْ مَا أَوْجَبْنَا عَلَى الرَّجُلِ مِنَ الإِجَابَةِ لِلشَّهَادَةِ إِذَا دُعِيَ ابْتِدَاءً لِيَشْهَدَ عَلَى مَا يتُشْهِدَ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الآيَةِ، وَلَكِنْ بِأَدِلَّةٍ سِوَاهَا، وَهِيَ مَا ذَكَرْنَا، وَانَْ فَرَضْنَا عَلَى الرَّجُلِ إِحْيَاءَ مَا قَدَرَ عَلَى إِحْيَائِهِ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، وَالشُّهَدَاءُ جَمْعُ شَهِيدٍ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿وَلاَ تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ﴾ يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثناؤُهُ : وَلاَ تَسْأَمُوا أَيُّهَا الَّذِينَ تُدَايِنُونَ النَّاسَ إِلَى أَجَلٍ أَنْ تَكْتُبُوا صَغِيرَ الْحَقِّ، يَعْنِي قَلِيلَهُ أَوْ كَبِيرَهُ يَعْنِي أَوْ كَثِيرَهُ ﴿إِلَى أَجَلِهِ﴾ يعنى إِلَى أَجَلِ الْحَقِّ، فَإِنَّ الْكِتَابَ أَحْصَى لِلأَجَلِ وَالْمَالِ.
٦٤٣٧- حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ : حَدَّثَنَا سُوَيْدٌ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ :﴿وَلاَ تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ﴾ قَالَ : هُوَ الحق الذى بينهما الدَّيْنُ وَمَعْنَى قَوْلِهِ :﴿وَلاَ تَسْأَمُوا﴾ لاَ تَمَلُّوا، يُقَالُ مِنْهُ : سَئِمْتُ فَأَنَا أَسْأَمُ سَآمَةً وَسَأْمَةً، وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ :@


الصفحة التالية
Icon