وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِتَأْوِيلِ الآيَةِ، قَوْلُ مَنْ قَالَ : كُلُّ مَا صَادَ مِنَ الطَّيْرِ وَالسِّبَاعِ فَمِنَ الْجَوَارِحِ، وَإِنَّ صَيْدَ جَمِيعِ ذَلِك َكله حَلالٌ إِذَا صَادَ بَعْدَ التَّعْلِيمِ، لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَمَّ بِقَوْلِهِ :﴿وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ﴾ كُلَّ جَارِحَةٍ، وَلَمْ يُخَصِّصْ مِنْهَا شَيْئًا، فَكُلُّ جَارِحَةٍ كَانَتْ بِالصِّفَةِ الَّتِي وَصَفَ اللَّهُ مِنْ كُلِّ طَائِرٍ وَسَبْعٍ فَحَلاَلٌ أَكْلُ صَيْدِهَا.
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِنَحْو مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ خَبَرٌ، مَعَ مَا فِي الآيَةِ مِنَ الدَّلاَلَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ، وَهُوَ مَا :.
١١٢٢٠- حَدَّثَنَا بِهِ، هَنَّادٌ، قَالَ : حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ عَنْ صَيْدِ الْبَازِي، فَقَالَ : مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ فَكُلْ فَأَبَاحَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَيْدَ الْبَازِي وَجَعَلَهُ مِنَ الْجَوَارِحِ، فَفِي ذَلِكَ دَلاَلَةٌ بَيِّنَةٌ عَلَى فَسَادِ قَوْلِ مَنْ قَالَ : عَنَى اللَّهُ بِقَوْلِهِ :﴿وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ﴾ مَا عَلَّمْنَا مِنَ الْكِلاَبِ خَاصَّةً دُونَ غَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ الْجَوَارِحِ.
فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ فِي قَوْلِهِ ﴿مُكَلِّبِينَ﴾ دَلاَلَةً عَلَى أَنَّ الْجَوَارِحَ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي قَوْلِهِ :﴿وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ﴾ هِيَ الْكِلاَبُ خَاصَّةً، فَقَدْ ظَنَّ غَيْرَ الصَّوَابِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى الآيَةِ : قُلْ أُحِلَّ لَكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ فِي حَالِ مَصِيرِكُمْ أَصْحَابَ كِلاَبٍ الطَّيِّبَاتِ وَصَيْدِ مَا عَلَّمْتُمُوهُ الصَّيْدَ مِنْ كَوَاسِبِ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ. فَقَوْلُهُ :﴿مُكَلِّبِينَ﴾ صِفَةٌ لِلْقَانِصِ، @