الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾
يَعْنِي عَزَّ ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ :﴿وَيَهْدِيهِمْ﴾ وَيُرْشِدُهُمْ وَيُسَدِّدُهُمْ ﴿إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ يَقُولُ : إِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ، وَهُوَ دِينُ اللَّهِ الْقَوِيمُ الَّذِي لاَ اعْوِجَاجَ فِيهِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخُلْقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾
هَذَا ذَمٌّ مِنَ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ لِلنَّصَارَى وَالنَّصْرَانِيَّةِ الَّذِينَ ضَلُّوا عَنْ سُبُلِ السَّلامِ، وَاحْتِجَاجٌ مِنْهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فِرْيَتِهِمْ عَلَيْهِ بِادِّعَائِهِمْ لَهُ وَلَدًا، يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : أُقْسِمُ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا : إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ، وَكُفْرُهُمْ فِي ذَلِكَ تَغْطِيَتُهُمُ الْحَقَّ فِي تَرْكِهِمْ نَفْيَ الْوَلَدِ عَنِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ، وَادَّعَائِهِمْ أَنَّ الْمَسِيحَ هُوَ اللَّهُ فِرْيَةً وَكَذِبًا عَلَيْهِ.
وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْمَسِيحِ فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا﴾.
يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِلنَّصَارَى الَّذِينَ افْتَرَوْا عَلَيَّ، وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ، بِقِيلِهِمْ : إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ﴿مَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا﴾ يَقُولُ : مَنِ الَّذِي يُطِيقُ أَنْ يَدْفَعَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ شَيْئًا، فَيَرُدُّهُ إِذَا قَضَاهُ ؛ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ : مَلَكْتُ عَلَى فُلاَنٍ أَمْرَهُ : إِذَا صَارَ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يُنْفِذَ أَمْرًا إِلا بِهِ.


الصفحة التالية
Icon