وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ :(إِنْ هَذَا إِلاَّ سَاحِرٌ مُبِينٌ) بِمَعْنَى : مَا هَذَا، يَعْنِي بِهِ عِيسَى، إِلاَّ سَاحِرٌ مُبِينٌ، يَقُولُ : يُبِينُ بِأَفْعَالِهِ وَمَا يَأْتِي بِهِ مِنْ هَذِهِ الأُمُورِ الْعَجِيبَةِ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ سَاحِرٌ لاَ نَبِيُّ صَادِقٌ.
وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ صَحِيحَتَا الْمَعْنَى مُتَّفِقَتَانِ غَيْرُ مُخْتَلِفَتَيْنِ، وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ مَوْصُوفًا بِفِعْلِ السِّحْرِ فَهُوَ مَوْصُوفٌ بِأَنَّهُ سَاحِرٌ، وَمَنْ كَانَ مَوْصُوفًا بِأَنَّهُ سَاحِرٌ فَإِنَّهُ مَوْصُوفٌ بِفِعْلِ السِّحْرِ، فَالْفِعْلُ دَالٌ عَلَى فَاعِلِهِ وَالصِّفَةُ تَدُلُّ عَلَى مَوْصُوفِهَا، وَالْمَوْصُوفُ يَدُلُّ عَلَى صِفَتِهِ وَالْفَاعِلُ يَدُلُّ عَلَى فِعْلِهِ، فَبِأَيِّ ذَلِكَ قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ الصَّوَابَ فِي قِرَاءَتِهِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوَا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ﴾.
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَاذْكُرْ أَيْضًا يَا عِيسَى إِذْ أَلْقَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ، وَهُمْ وزَرَاءُ عِيسَى عَلَى دِينِهِ.
وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى ذَلِكَ، وَلِمَ قِيلَ لَهُمُ الْحَوَارِيُّونَ فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ..
وَقَدِ اخْتَلَفَتِ أَلْفَاظُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ :﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ﴾ وَإِنْ كَانَتْ مُتَّفِقَةَ الْمَعَانِي، فَقَالَ بَعْضُهُمْ.
١٣٠٤٤- بِمَا حَدَّثَنِي بِهِ، مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ :﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ﴾ يَقُولُ : قَذَفْتُ فِي قُلُوبِهِمْ.