الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ﴾.
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَإِذَا قِيلَ لِهَؤُلاَءِ الَّذِينَ يَبْحَرُونَ الْبَحَائِرَ وَيُسَيِّبُونَ السَّوَائِبَ، الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ أَنَّهُمْ بِإِضَافَتِهِمْ تَحْرِيمَ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ : تَعَالَوْا إِلَى تَنْزِيلِ اللَّهِ وَآيِ كِتَابِهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، لِيَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَذِبُ قِيلِكُمْ فِيمَ تُضِيفُونَهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ تَحْرِيمِكُمْ مَا تُحَرِّمُونَ مِنْ هَذِهِ الأَشْيَاءِ، أَجَابُوا مَنْ دَعَاهُمْ إِلَى ذَلِكَ، بِأَنْ يَقُولُوا : حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ مِنْ قَبْلِنَا آبَاءَنَا يَعْمَلُونَ بِهِ، وَيَقُولُونَ : نَحْنُ لَهُمْ تَبَعٌ، وَهُمْ لَنَا أَئِمَّةٌ وَقَادَةٌ، وَقَدِ اكْتَفَيْنَا بِمَا أَخَذْنَا عَنْهُمْ، وَرَضِينَا بِمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ تَحْرِيمٍ وَتَحْلِيلٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَلَوْ كَانَ آبَاءُ هَؤُلاَءِ الْقَائِلِينَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ ﴿لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا﴾، يَقُولُ : لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ أَنَّ مَا يُضِيفُونَهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ تَحْرِيمِ الْبَحِيرَةِ وَالسَّائِبَةِ وَالْوَصِيلَةِ وَالْحَامِ كَذِبٌ وَفِرْيَةٌ عَلَى اللَّهِ، لاَ حَقِيقَةَ لِذَلِكَ وَلاَ صِحَّةَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَتْبَاعَ الْمُفْتَرِينَ الَّذِينَ ابْتَدَءُوا تَحْرِيمَ ذَلِكَ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ بِقِيلِهِمْ مَا كَانُوا يَقُولُونَ مِنْ إِضَافَتِهِمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مَا يُضِيفُونَ مَا كَانُوا فِيمَا هُمْ بِهِ عَامِلُونَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى اسْتِقَامَةٍ وَصَوَابٍ، بَلْ كَانُوا عَلَى ضَلاَلَةٍ وَخَطَأٍ.