﴿فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ﴾ يَقُولُ : يَحْلِفَانِ بِاللَّهِ إِنِ اتَّهَمْتُمُوهُمَا بِخِيَانَةٍ فِيمَا ائْتُمِنَا عَلَيْهِ مِنْ تَغْيِيرِ وَصِيَّةٍ أُوصَى إِلَيْهِمَا بِهَا، أَوْ تَبْدِيلِهَا وَالاِرْتِيَابُ : هُوَ الاِتِّهَامُ ﴿لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا﴾ يَقُولُ : يَحْلِفَانِ بِاللَّهِ لاَ نَشْتَرِي بِأَيْمَانِنَا بِاللَّهِ ثَمَنًا، يَقُولُ : لاَ نَحْلِفُ كَاذِبَيْنِ عَلَى عِوَضٍ نَأْخُذُهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى مَالٍ نَذْهَبُ بِهِ، أَوْ لِحَقٍّ نَجْحَدُهُ لِهَؤُلاَءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ أَوْصَى إِلَيْنَا وَإِلَيْهِمْ وَصِيَّتِهِمْ.
وَالْهَاءُ فِي قَوْلِهِ ﴿بِهِ﴾ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ، وَالْمَعْنِيُّ بِهِ الْحَلِفُ وَالْقَسَمُ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ قَدْ جَرَى قَبْلَ ذَلِكَ ذِكْرُ الْقَسَمِ بِهِ، فَيُعْرَفُ مِنْ مَعْنَى الْكَلاَمِ، وَاكْتُفِيَ بِهِ مِنْ إِعَادَةِ ذِكْرِ الْقَسَمِ وَالْحَلِفِ.
﴿وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى﴾ يَقُولُ : يُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لاَ نَطْلُبُ بِإِقْسَامِنَا بِاللَّهِ عِوَضًا فَنَكْذِبُ فِيهَا لِأَحَدٍ، وَلَوْ كَانَ الَّذِي نُقْسِمُ بِهِ لَهُ ذَا قَرَابَةٍ مِنَّا.
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ رُوِيَ الْخَبَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
١٢٩٩٨- حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ :﴿أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ﴾ : فَهَذَا لِمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَأَمَرَهُ اللَّهُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنِ ارْتِيبَ فِي شَهَادَتِهِمَا اسْتُحْلِفَا بَعْدَ الصَّلاَةِ بِاللَّهِ : لَمْ نَشْتَرِ بِشَهَادَتِنَا ثَمَنًا قَلِيلاً.