وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ عِنْدَنَا، قَوْلُ مَنْ قَالَ : تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ صَلاَةِ الْعَصْرِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَرَّفَ الصَّلاَةَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِإِدْخَالِ الأَلِفِ وَاللاَّمِ فِيهَا، وَلاَ تُدْخِلُهُمَا الْعَرَبُ إِلاَّ فِي مَعْرُوفٍ، إِمَّا فِي جِنْسٍ، أَوْ فِي وَاحِدٍ مَعْهُودٍ مَعْرُوفٍ عِنْدَ الْمُتَخَاطِبِينَ. فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، وَكَانَتِ الصَّلاَةُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مُجْمَعًا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْنِ بِهَا جَمِيعَ الصَّلَوَاتِ، لَمْ يُجَزْ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا بِهَا صَلاَةُ الْمُسْتَحْلَفِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، لِأَنَّ لَهُمْ صَلَوَاتٌ لَيْسَتْ وَاحِدَةً، فَيَكُونُ مَعْلُومًا أَنَّهَا الْمَعْنِيَّةُ بِذَلِكَ. فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، صَحَّ أَنَّهَا صَلاَةٌ بِعَيْنِهَا مِنْ صَلَوَاتِ الْمُسْلِمِينَ. وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحِيحًا عَنْهُ أَنَّهُ إِذْ لاَعَنَ بَيْنَ الْعَجْلاَنِيَّيْنِ لاَعَنَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ دُونَ غَيْرِهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ، كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الَّتِي عُنِيَتْ بِقَوْلِهِ :﴿تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاَةِ﴾ هِيَ الصَّلاَةُ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَيَّرُهَا لاِسْتِحْلاَفِ مَنْ أَرَادَ تَغْلِيظَ الْيَمِينِ عَلَيْهِ. هَذَا مَعَ مَا عِنْدَ أَهْلِ الْكُفْرِ بِاللَّهِ مِنْ تَعْظِيمِ ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَذَلِكَ لِقُرْبِهِ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ.
وَكَانَ ابْنُ زَيْدٍ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ :﴿لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا﴾.
١٣٠٠٦- مَا حَدَّثَنِي بِهِ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ : قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ :﴿لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا﴾، قَالَ : نَأْخُذُ بِهِ رِشْوَةً.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الآثِمِينَ﴾.


الصفحة التالية
Icon