فَإِذَا كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ قَوْلَهُ :﴿لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا﴾ إِنَّمَا مَعْنَاهُ : قَسَمُنَا أَحَقُّ مِنْ قَسَمِهِمَا، وَكَانَ قَسَمُ اللَّذَيْنِ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا أَثِمَا هُوَ الشَّهَادَةُ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ :﴿أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا﴾، صَحَّ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ :﴿شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ﴾ بِمَعْنَى الشَّهَادَةِ فِي قَوْلِهِ :﴿لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا﴾، وَأَنَّهَا بِمَعْنَى الْقَسَمِ.
وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ :﴿مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأَوْلَيَانِ﴾، فَقَرَأَ ذَلِكَ قُرَّاءُ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ :(مِنَ الَّذِينَ اسْتُحِقَّ عَلَيْهِمُ الأَوْلَيَانِ) بِضَمِّ التَّاءِ.
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُمْ قَرَءُوا ذَلِكَ :﴿مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ﴾ بِفَتْحِ التَّاءِ.
وَاخْتَلَفَتْ أَيْضًا فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ :﴿الأَوْلَيَانِ﴾، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ وَالْبَصْرَةِ :﴿الأَوْلَيَانِ﴾.
وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْكُوفَةِ : الأَوَّلَيْنِ.
وَذُكِرَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ ذَلِكَ :(مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأَوَّلاَنِ).
وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي قَوْلِهِ :(مِنَ الَّذِينَ اسْتُحِقَّ عَلَيْهِمُ) قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ بِضَمِّ التَّاءِ، لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَيْهِ، مَعَ مُسَاعَدَةِ عَامَّةِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ عَلَى صِحَّةِ تَأْوِيلِهِ، وَذَلِكَ إِجْمَاعُ عَامَّتِهِمْ عَلَى أَنَّ تَأْوِيلَهُ : فَآخَرَانِ مِنْ أَهْلِ الْمَيِّتِ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ الْمُؤْتَمِنَانِ عَلَى مَالِ الْمَيِّتِ الإِثْمَ فِيهِمْ، يَقُومَانِ مَقَامَ الْمُسْتَحِقِّ الإِثْمَ فِيهِمَا بِخِيَانَتِهِمَا مَا خَانَا مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ.
وَقَدْ ذَكَرْنَا قَائِلَ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ قَائِلِيهِ فِيمَا مَضَى قَبْلُ، وَنَحْنُ ذَاكِرُوا بَاقِيهِمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ.