وبعد: لقد منَّ الله تعالى على الأمة المحمدية بأن أنزل عليهم القرآن الكريم أعظم كتبه والمهيمن عليها، وهو المصدر الأساسي لهذا الدين والنبع الصافي الذي تستمد منه الأمة منهجها وقوتها وحياتها وقوامها ووحدتها، ولقد سطرت القرون الثلاثة المفضلة الأولى من هذه الأمة أنصع صفحات التاريخ لقوة ارتباطهم وتمسكهم بهذا الكتاب الخالد. حتى حار أعداء الإسلام في قوة هذا الدين وقوة أتباعه الذين أزالوا أعظم امبراطوريتين وقتها: الروم والفرس، وأيقنوا أنهم لن يستطيعوا القضاء على هذا الدين بقوة السلاح بعدما باءت محاولاتهم العسكرية بالفشل، لِما يتمتع به المسلمون من قوة الإيمان والتضحية في سبيل هذا الدين القويم، فلجأ هؤلاء الأعداء إلى محاربة هذا الدين بطريقة أخرى أنجع فائدة وأقل خسارة، وذلك بأن يدعي بعضهم الإسلام في الظاهر ثم ينخر في جسد الأمة كالسوس، ونشطت حركة هؤلاء الأدعياء في البلاد الإسلامية النائية عن العلم والعلماء، إذ كل دعوة هدّامة لا تفرخ إلا في البيئات الجاهلة التي حُرم أهلُها نورَ العلم الذي يطفيء كل فتنة، وادّعى كثير من هؤلاء التشيع لأهل البيت رضي الله عنهم، واندس في شيعتهم، لا حبًا لأهل البيت، وإنما بغضًا وحقدًا على الإسلام وأهله، ورغبة في القضاء عليه بعدما تهاوت أمامه امبراطوريات الكفر التي نشأ فيها معظم هؤلاء، وقد نجح هؤلاء الأدعياء في بعض أهدافهم، وشقوا عصا المسلمين، وساعدهم على ذلك أنهم خرجوا في حين فرقة بين المسلمين، ودائمًا في وقت الحروب والخلافات يجد أصحاب الدعوات الهدامة فرصةً سانحة لترويج أفكارهم، وقد وضعوا ألاف الأحاديث والآثار المكذوبة على رسول الله ﷺ وأهل بيته الأطهار لترويج أفكارهم التي أدت إلى انحراف أكثر الشيعة عن الجادة وعن المذهب الحقيقي لأهل البيت - رضي الله عنهم - الذي يزعمون الانتماء إليه.


الصفحة التالية
Icon