وعلى ذلك فكل أهل السنة والشيعة الزيدية هم نواصب عندهم لأنهم أقروا بخلافة أبي بكر وعمر وعثمان قبل علي رضي الله عنهم أجمعين.
تاسعًا: أهل السنة والجماعة هم أحق الناس بأهل البيت وأكثر الناس حُبًّا لهم، لذا يذكرون أن حب أهل البيت دين وإيمان، بل يذكرون الأمر بوجوب محبة أهل البيت في كتب العقائد عندهم للتنبيه على أهميته، وفي ذلك أبلغ ردٍّ على الشيعة حيث يسمونهم بالنواصب (١).

(١) - قال الإمام الطحاوي في عقيدته: ومن أحسن القول في أصحاب رسول الله وأزواجه الطاهرات من كل دنس وذرياته المقدسين من كل رجس فقد بريء من النفاق"أهـ (شرح الطحاوية ص: ٤٢٠)
ويقول الإمام ابن تيمية في ( العقيدة الواسطية ) :" ومن أصول أهل السنة والجماعة أنهم يحبون أهل بيت رسول الله ﷺ ويتولونهم، ويحفظون فيهم وصية رسول الله ﷺ حيث قال يوم ( غدير خم ) :" أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي" [ رواه مسلم ]، وقال ﷺ للعباس عمه - وقد اشتكى إليه أن بعض قريش يجفو بني هاشم - ( والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي ) [ رواه أحمد والترمذي وفي سنده يزيد بن أبي زياد (ضعيف)]، وقال ﷺ ( إنَّ الله اصطفى بنى إسماعيل، واصطفى من بني إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريشًا، واصطفى من قريش بنى هاشم، واصطفاني من بني هاشم"[رواه مسلم] ويتوَلَّوْن أزواجَ رسول الله ﷺ أمَّهات المؤمنين، ويؤمنون بأنَّهنَّ أزواجُه في الآخرة، خصوصاً خديجة رضي الله عنها، أمُّ أكثر أولاده، وأوَّل مَن آمن به وعاضده على أمره، وكان لها منه المنزلة العالية، والصدِّيقة بنت الصدِّيق رضي الله عنها، التي قال فيها النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (فضلُ عائشة على النساء كفضل الثَّريد على سائر الطعام)[متفق عليه]، ويتبرَّؤون من طريقة الروافض الذين يُبغضون الصحابةَ ويَسبُّونَهم، وطريقةِ النَّواصب الذين يُؤذون أهلَ البيت بقول أو عمل "أهـ [العقيدة الواسطية بشرحهاللشيخ محمد خليل هراس ص١٥٣].
وقال ابن تيمية رحمه الله في رسالة ( فضل أهل البيت وحقوقهم ) (ص: ٣٩-٤١) "... وأما العالم العادل فلا يقول إلا بالحق ولا يتبع إلا إياه، ولهذا من يتبع المنقول الثابت عن النبي - ﷺ - وخلفائه وأصحابه وأئمة أهل بيته، مثل الإمام علي بن الحسين زين العابدين، وابنه الإمام أبي جعفر محمد بن علي الباقر، وابنه الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق شيخ علماء الأمة، ومثل مالك بن أنس والثوري وطبقتهما، وجد ذلك جميعه متفقاً مجتمعاً في أصول دينهم وجماع شريعتهم، ووجد في ذلك ما يشغله وما يغنيه عما أحدثه كثير من المتأخرين من أنواع المقالات التي تخالف ما كان عليه أولئك السلف، ممن ينتصب لعداوة آل بيت رسول الله - ﷺ - ويبخسهم حقوقهم ويؤذيهم، أو ممن يغلو فيهم غير الحق، ويفتري عليهم الكذب، ويبخس السابقين والطائعين حقوقهم " أهـ،
و لا يخفى أن كتب الحديث ودواوين السنة مليئة بفضائل أهل البيت ووجوب محبتهم. وقد صرح الأئمة البيهقي والبغوي والشافعي وغيرهم بأن محبة آل البيت من فرائض الدين، وللإمام الشافعي في حب آل البيت الطاهرين شعر كثير ومنه:
يا أهلَ بيت رسول الله حبكم * فرضٌ من الله في القرآنِ أنزلَه
كفاكم من عظيم القدر أنكم * من لا يصلي عليكم لا صلاة له
ويقول ابن كثير في التفسير(٤/١١٢-١١٣) : ولا ننكر الوصاة بأهل البيت، والأمر بالإحسان إليهم واحترامهم وإكرامهم، فإنهم من ذرية طاهرة، من أشرف بيت وجد على وجه الأرض، فخرًا وحسبًا ونسبًا، ولا سيما إذا كانوا متبعين للسنة النبوية الصحيحة الواضحة الجلية، كما كان عليه سلفهم كالعباس وبنيه، وعليّ وأهل بيته وذريته، رضي الله عنهم أجمعين. أهـ


الصفحة التالية
Icon