ولا يخفى مخالفة هذا لصريح نصوص القرآن التي تبين أن القرآن حجة بذاته وعلى كل المكلفين تدبر آياته ومعرفة أحكامه والاهتداء بها ولزوم الأخذ بما يفهم من ظاهرها. كقول الله تعالى: ﴿ هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ﴾[آل عمران: ١٣٨]. وقوله تعالى :﴿فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾[الدخان: ٥٨ ]. وقوله تعالى :﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ﴾[القمر: ١٧] ". وقوله تعالى :﴿أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً ﴾[النساء: ٨٢]. إلى غير ذلك من الآيات.
ونرى أن علماء الشيعة الاثنى عشرية قسمان: إخباريون يعتمدون على الأخبار، وأصوليون يعتمدون على الاستنباط والاجتهاد وإعمال العقل.
فالإخباريون لا يجوزون العمل بظاهر القرآن.
والأصوليون يقولون بحجية ظواهر القرآن، ولكن لا يجوزون الاستقلال في العمل بظواهر القرآن إلا بعد الرجوع إلى الأخبار الواردة عن الأئمة.
وقد قال الخوئي في تفسيره بوجوب العمل بما في القرآن ولزوم الأخذ بما يفهم من ظواهره- وقد ذكر بعض الآيات الدالة على ذلك - ثم قال: ومما يدل على حجية ظواهر الكتاب وفهم العرب لمعانيه :
١- أن القرآن نزل حجة على الرسالة، وأن النبي - ص - قد تحدى البشر على أن يأتوا ولو بسورة من مثله، ومعنى هذا : أن العرب كانت تفهم معاني القرآن من ظواهره، ولو كان القرآن من قبيل الالغاز لم تصح مطالبتهم بمعارضته، ولم يثبت لهم إعجازه، لانهم ليسوا ممن يستطيعون فهمه، وهذا ينافي الغرض من إنزال القرآن ودعوة البشر إلى الايمان به.
٢ - الروايات المتضافرة الآمرة بالتمسك بالثقلين الذين تركهما النبي في المسلمين، فإن من البين أن معنى التمسك بالكتاب هو الأخذ به، والعمل بما يشتمل عليه، ولا معنى له سوى ذلك.


الصفحة التالية
Icon