* ويقول المفيد (ت٤١٣ه‍(-الذي يلقبونه بركن الإسلام وآية الله الملك العلاّم-: "إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد ﷺ باختلاف القرآن وما أحدثه بعض الطاعنين فيه من الحذف والنقصان" (١) ويقول: "واتفقوا - أي الإمامية - على أن أئمة الضلال - يعني بهم كبار صحابة رسول ﷺ الذين رضي الله عنه ورضوا عنه، وعلى رأسهم الخلفاء الثلاثة قبل علي رضي الله عنهم- خالفوا في كثير من تأليف القرآن وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنة النبي صلى الله عليه وسلم" (٢) ويقول بما قاله مفيدهم طائفة كبيرة من شيوخهم.
هذان-كما ترى- قولان مختلفان ومتعارضان صدرا من شيخين من شيوخهم يجمعهما وحدة الزمان والمكان، ويتفقان في الهوية المذهبية، بل إن هذا المفيد هو تلميذ لابن بابويه القمي. فمن نصدق منهما؟ وأي القولين يعبر عن مذهب الشيعة؟ ونجد أن تلميذين من تلامذة المفيد ومن أكبر شيوخ الشيعة - وهما الطوسي، وابن المرتضى - يقولان بما قاله ابن بابويه وأن مذهب أهل التحقيق من الشيعة إنكار هذه الفرية - كما سيأتي -، وكل قول من هذين القولين يؤيده جناح من الشيعة، بل يدعي حيناً أن لا قول للشيعة سواه وغيره افتراء على الشيعة وكذب.. والتعرف على الحقيقة وسط هذا الركام من الأقوال المتعارضة والمتناقضة ليس بسهل المنال. خاصة مع أناس يدينون بالتقية.
والحاصل انقسام الشيعة في قضية حفظ القرآن وادعاء تحريفه إلى قولين:
الأول: قول جمهور الشيعة بالتحريف ونذكر منهم :
* علي بن إبراهيم القمي
فقد قال في مقدمة تفسيره (٣) :

(١) - أوائل المقالات: ص: ٨١
(٢) - أوائل المقالات: ص: ٤٦
(٣) - تفسير القمي (١/١٠) تصحيح وتعليق وتقديم : السيد طيب الموسوي الجزائري.


الصفحة التالية
Icon