٢- الشيعة، والتشيع، والمشايعة في القرآن- وكذا في اللغة- تدور حول معنى المتابعة، والمناصرة، والموافقة بالرأي، والاجتماع على الأمر، أو الممالأة عليه. كما في قوله تعالى:﴿وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ ﴾﴿الصافات: ٨٣﴾ فإبراهيم من شيعة نوح ويتابعه على منهجه. وقال تعالى:﴿فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ﴾﴿ القصص: ١٥﴾أي استغاثه الإسرائيلي الذي من أنصاره وعلى دينه على الفرعوني الذي هو عدوه.
وقد جاءت بمعنى الطائفة أو الفرقة المجتمعة على رأيٍ ما أو دينٍ ما، كما في قوله تعالى:﴿ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيّاً ﴾﴿مريم: ٦٩﴾ وقوله تعالى:﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾﴿الأنعام: ١٥٩﴾.
ثانيًا: في الأحداث التاريخية في صدر الإسلام وردت لفظ الشيعة بمعناها اللغوي الصرف، وهو المناصرة والمتابعة، بل إننا نجد في وثيقة التحكيم بين الخليفة عليّ، ومعاوية - رضي الله عنهما - ورود لفظ الشيعة بهذا المعنى، حيث أطلق على أتباع عليّ شيعة، كما أطلق على أتباع معاوية شيعة، ولم يختص لفظ الشيعة بأتباع عليّ.
ومما جاء في صحيفة التحكيم :"هذا ما تقاضى عليه علي بن أبي طالب، ومعاوية بن أبي سفيان، وشيعتهما...... (ومنها): وأن علياً وشيعته رضوا بعبد الله بن قيس، ورضي معاوية وشيعته بعمرو بن العاص. (١)
ثالثًا: والوقائع التاريخية تقول بأن لقب الشيعة لم يختص إطلاقه على أتباع عليّ إلا بعد مقتل عليّ - رضي الله عنه - كما يرى البعض (٢)، أو بعد مقتل الحسين كما يرى آخرون.

(١) - الدينوري/ الأخبار الطوال ص: ١٩٤-١٩٦، وانظر: تاريخ الطبري: (٥/٥٣ – ٥٤)، وانظر أصول مذهب الشيعة الإمامية الاثنى عشرية(١/٣٨-٣٩)
(٢) - محمد أبو زهرة/ الميراث عند الجعفرية ص: ٢٢


الصفحة التالية
Icon