الأول: الجمع في الصدور: عن طريق الحفظ والاستظهار. وهذه الأمة المباركة قد فضلها الله تعالى بهذه الخاصية التي لم تكن لغيرها، حتى أنهم كانوا قبل الإسلام يحفظون الأشعار والأحساب والأنساب، ويستظهرونها، بل تجد منهم الجم الغفير الذي يحفظ المعلقات العشر على كثرة أشعارها وصعوبة حفظها. فلما نزل القرآن تبادر إليه الصحابة وتداعت الهمم لحفظه، بما لم يحصل لغيره، حتى حَفِظه في حياة النبي الكثير منهم، ويكفي أن تعرف أنه قد قتل من الحفاظ سبعون ببئر معونة في حياته ﷺ ومثلهم يوم اليمامة بعد موته بقليل. هذا بخلاف الجم الغفير الذي لم يقتل. وكان الصحابة يتلون القرآن آناء الليل وأطراف النهار، حتى أنه كان يسمع لهم دويٌّ كدويّ النحل. وكان مَن يمر بمنازلهم يسمع ذلك، ففي الصحيحين: البخاري(٣٩٩١) ومسلم(٢٤٩٩) عَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري رضي الله عنه قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي لَأَعْرِفُ أَصْوَاتَ رُفْقَةِ الْأَشْعَرِيِّينَ بِالْقُرْآنِ حِينَ يَدْخُلُونَ بِاللَّيْلِ، وَأَعْرِفُ مَنَازِلَهُمْ مِنْ أَصْوَاتِهِمْ بِالْقُرْآنِ بِاللَّيْلِ، وَإِنْ كُنْتُ لَمْ أَرَ مَنَازِلَهُمْ حِينَ نَزَلُوا بِالنَّهَارِ"
الثاني: الجمع في السطور:


الصفحة التالية
Icon