كيف ننطق الضاد؟ الآن ننطق الضاد أمامية شديدة وهي في لغة العرب جانبية رخوة فالمخرج والصفة مختلفان. إذا قرأنا (فإذا أفضتم من عرفات) أو (اضطررتم إليه) الضاد التي هي دال مطبقة هي أخت التاء وما دامت أخت التاء ينبغي أن يكون هناك إدغام فأنت هنا إما أن تُدغِم إدغاماً ناقصاً وهذا لم يقل به أحد لا من الأولين ولا من الآخرين، وإما أن تقلقل وما قال أحد لا من الأولين ولا من الآخرين أن تقلقلها. هذا مشكل والمَخْلَص أن نحاول أن نتكلّف او نعلّم التلامذة كيف ينطقون الضاد الصحيحة بخروج الريح من أحد الشدقين. فإن لم نستطع نأخذ بفتوى الإمام فخر الدين الرازي (٦٠٤هـ): حتى نتخلص من مشكلة (أفضتم) و(اضطررتم) وا أشبه ذلك. هو يُفتي بنطقها ظاء ويقول: "المختار عندنا أن إشتباه الضاد بالظاء لا يُبطل الصلاة لأن المعنى معروف والتمييز عسر. المشابهة من وجوه: الأول أنهما من الحروف المجهورة والثاني أنهما من الحروف الرخوة والثالث أنهما من الحروف المطبقة والرابع أن الظاء وإن كان مخرجه من بين طرفي اللسان وأطراف الشفة العليا ومخرج الضاد من أول حافة اللسان وما يليها من الأضراس إلا أنه حصل في الضاد إنبساط لأجل رخاوتها وبهذا السبب يقرب من مخرج الظاء. التمييز عسر يين هذين الحرفين ليس في محل التكليف.".
والسؤال الذي يرد: أن كلمة المسّ واقعة وكلمة الخير منتظرة (وإن يمسسك الله بضر) قرّبها، هو إحتمال لكن قريب. يُردك أيضاً لكن المسّ فيه شيء ماديّ والإرادة فيها شيء أبعد. كلا الفعلين على أمل الحدوث ليس مجزوماً بحدوثه ولكن هذا لأنه فيه جانب المس على إحتمال الحدوث لكن المسّ أقرب فاستعمل معه كلمة الكشف لأن المس عادة يكون واقع (مسّه أي وقع) فكشفه لكن الإرادة قبل ذلك فاستعمل معها رادّ لذا استعمل هنا كاشف وهنا رادّ.
لماذا قال المس مع الضر ويردك مع الخير(إن يمسسك بضر)؟ الكلام هنا على قدرة الله سبحانه وتعالى ورد الأمر إليه وقبل ذلك كان الكلام على الظلم ولذا تقدم الكلام على الضر وتأخر الكلام على النفع فيه نوع من إشعار المسلم المتلقي بضرورة اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى لأنه موطن تخويف من الإنحراف عن طاعة الله تعالى ةفي موطن التخويف أنت تقدم العقاب. لاحظ الآية السابقة: (وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) تحذير من الشِرك (وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ) تحذير، (فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ) الغالب على الجو جو تخويف وتحذير. هذا الجو يستدعي أن يبدأ بالعقاب، يبدأ بما يخيف حتى ينسجم بعد ذلك. لاحظ مثلاً قوله تعالى (والعصر إن الإنسان لفي خسر) العربي لما يسمعها يشعر بالخسر ثم يأتيه قوله (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات) فترفعه مرة أخرى كأنه يخرج من بئر. هذا أسلوب القرآن الكريم في التعامل مع القلوب. الجو هنا جو تحذير وتنبيه وتخويف فالذي يناسبه أن يبدأ بالكلام بالمسّ بالضُرّ، أن لا تكون ظالماً ولا تدعو من دون الله ولا تكن من المشركين فإذا مسّك الله تعالى بضر، هذا منسجم مع قوله (فلا كاشف له إلا هو) هذه كلها لا تنفع: الشرك والدعوة من دون الله لا تنفع إذا مُسست بضُر حتى ينسجم الكلام.
نعم أمر الله تعالى الملائكة بالسجود لآدم أمراً عامّاً (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴿٣٤﴾ البقرة) وأمر إبليس بالسجود أمراً خاصاً (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ﴿١٢﴾ الأعراف).
* لماذا جاء ذكر ابليس مع الملائكة عندما امرهم الله تعالى بالسجود لآدم مع العلم أن ابليس ليس من جنس الملائكة؟(د. فاضل السامرائى)
الله تعالى أمر الملائكة بالسجود لآدم في آية سورة البقرة (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴿٣٤﴾) وأمر ابليس على وجه الخصوص في آية سورة الأعراف (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ﴿١٢﴾) فليس بالضرورة أن الله تعالى أمر ابليس بالسجود مع الملائكة لكنه تعالى أمر الملائكة بالسجود كما في آية سورة البقرة وأمر ابليس وحده بالسجود لآدم امراًخاصاً به في آية أخرى (آية سورة الأعراف).
*لماذا استخدمت كلمة ابليس مع آدم ولم تستخدم كلمة الشيطان؟(د. فاضل السامرائى)
في سورة القصص سياق الآيات (٧٠ – ٧٣) هو في نعم الدنيا من الآية: (وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الاولى والآخرة وله الحكم واليه ترجعون، قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون، قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون، ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيع ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون) فالسياق كله في الدنيا وما أودع الله تعالى من النعم في الأولى. فلذا ناسب تقديم الاولى على الآخرة في سورة القصص. وقال تعالى: (وله الحمد) ايضاً الذي يدل على أن النعم يجب أن تقابل بالحمد والشكر والاختيار ناسب السياق للآيات وهو تذكير للإنسان بنعم الله تعالى في الدنيا. اما في سورة الليل فقال تعالى (إن لنا للآخرة والأولى) لم يذكر الحمد وقدم الآخرة.
آية (٧١-٧٢):
*ما دلالة الاختلاف فى الفاصلة بين الآيتين(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء أَفَلَا تَسْمَعُونَ (٧١) القصص) والآية بعدها (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (٧٢) القصص)؟(د. فاضل السامرائى)
مع (نا) للمتكلمين يفعل الشيء نفسه إنّا وإننا، لكنا ولكننا وكأنا وكأننا ما أن يحافظ على كيانها فتكون (نا) مفصولة عنها (إننا، كأننا، لكننا). وإما أن يخفف بحذف النون الثانية فتدغم النون الأولى لأنها نون الضمير فتصير: كأنا، لكنا، إنا. فهنا حذف وخفف لأن التوكيدات كثرت فخفف التأكيد وتوصّل عن طريق هذا إلى الإدغام المشعِر بهذا الإلتصاق بين أنصار الله لذا قال (واشهد بأنا مسلمون) ولم يقل بأننا لأن الصورة صورة مناصرة يراد لها صفّ وقرب وإلتصاق.
في آية المائدة الكلام على الإيمان وهو إلهام الله عز وجل لهذه الصفوة أن تؤمن، و هذه الآية ليس فيها تأكيدات فحوفظ على (إنّ) كاملة حتى يكون فيها التأكيد لإسلامهم. (واشهد بأننا) أننا آكد من أنّا من حيث التأكيد. (واشهد بأننا مسلمون) فيها إلتفات. قال آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون ولم يقولوا مؤمنون لأن الإيمان لا يظهر وعيسى عليه السلام يحتاج لمن يظهر له علامة الإيمان وعلامة الإيمان التطبيق (الإسلام) النبي يريد منهم أن يظهروا إسلامهم واشهد أننا مطبقون لهذا الإيمان لأن الإيمان يكون ضمناً.
*ما سبب اختلاف الضمير بين الآيتين(آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴿ ٥٢ ﴾ آل عمران) - (قَالُوا آَمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ ﴿ ١١١ ﴾ المائدة)؟(د. أحمد الكبيسى)
استخلاص هذا المثقال من هذا المكان يحتاج إلى لطف وإلى خبرة والخبرة هي العلم ببواطن الأمور والخبير هو العليم ببواطن الأمور. واللطيف هو الذي يتوصل إلى أشياء بالخفاء. وقسم قال اللطيف أي الذي لا يُرى وقالوا (اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ (١٩) الشورى) بمعنى آخر أنه يلطف بهم ويرأف بهم. اللطيف هو الذي يأتي بأمور بخفاء يستخلصها بخبرته وبطريق الخفاء ويأتي بها من دون أن يحطم الصخرة بلطف وخفاء تمتد قدرته إليها فيستخلصها. ذكر هذا الأمر من لقمان لابنه أولاً يعلمه أنه إذا كان رب العالمين سحانه وتعالى يأتي بمثقال حبة من خردل من هذه الأماكن فلماذا الشرك؟ ماذا يفعل الشريك؟ لا شيء إذن لماذا الشرك؟ الشريك لا يستطيع أن يمنع هذه الحبة الصعيرة من أن يأتي بها الله فلماذا الشرك. ثم هناك أمر آخر أن لقمان يبين المسألة ويوضح قدرة الله لابنه وفي هذا يعلمنا لقمان بحكمته أن ليست المسألة فقط في الأوامر والنواهي لا تفعل كذا لا تفعل كذا وإنما يضرب له الأمثال ويبين له بالحجج حتى يقتنع ويستوعب المسألة وهذا فيه توجيه للآباء والوعاظ والمرشدين بأن لا يكثروا فقط من الأوامر والنواهي هكذا وإنما ينبغي أن يعلّلوا ويبينوا حتى يقتنع السامع بعقله ويقبل هذ الشيء أما أن تذكر فقط أوامر ونواهي هكذا فلا. هذا التعليم من حسن التربية أولاً الرفق دائماً يردد قول (يا بني) وعندما يذكر الأمر يعلل له العلة حتى يقتنع بما يقول وحتى يستوعب المسألة وحتى تتضح له المسألة وليس مجرد أوامر وهذا توجيه للآباء والمرشدين عموماً أولاً أن يحسنوا في القول ويلطفوا في القول لا يكونوا أشداء، اللطف واللين في القول والأمر الآخر أن الأمر ليس مجرد أمور ونواهي وإنما عليهم أن يوضحوا ويبينوا ويأتوا بالحجج المبينة حتى يقبل العقل ما يقولون.
آية (١٧):
إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (٢٩))
أي ما كانت العقوبة أو الأخذة إلا صيحة واحدة وإسم كان ضمير مستتر ونقى بـ (إنْ) ومل ينف بـ(ما) ذلك لأن (إن) أقوى من (ما) ولذلك مثيراً ما تقترن بـ(إلا) لإفادة القصر. ويتبين من مواطن اجتماعهما. قال تعالى (ما هذا إلا بشر إن هذا إلا ملك كريم (٣١) يوسف) فإثبات الملكية ليوسف يحتاج إلة قوة ولذلك نفى بـ(ما) أولاً ثم نفى بـ (إنْ) وإلاّ لما هو أقوى. ونحو ذلك ما ذكرناه في قوله (ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون) فنفى أولاً بـ(ما) ثم نفى وأثبت بـ(إنْ) و(إلا) ونحوه ما مر قريباً وهو قوله تعالى (وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء... إن كانت إلا صيحة واحدة) فنفى بـ (ما) أولاً ثم نفى وأثبت بـ(إنْ) و(إلا).
وقوله (واحدة) نعت مؤكد وقد أفاد أمرين: بيان بالغ قدرة الله وبيان هوانهم وضعفهم فإنهم لم يحتاجوا إلى أكثر من صيحة واحدة. وأضمر إسم كان لظهوره ووضوحه فإنه دل عليه القيام وإن لم يجر له ذكر. وجاء بالفاء وإذا الفجائية للدلالة على سرعة هلاكهم فإن الفاء تفيد الترتيب والتعقيب و(إذا) تفيد المفاجأة وجاء بهما معاً للدلالة على سلاعة المفاجأة بحيث لم تكن بين الصيحة وخمودهم مهلة. وريؤدي أي حرف هذا المؤدى فلو جاء بـ(ثم) فقال ثم إذا هم خامدون لدلّ على أن خمودهم إنما حصل بعد مدة من الصيحة نظير قوله تعالى (ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم تنتشرون (٢٠) الروم). ولو جاء بالواو لم يدل ذلك على التعقيب أيضاً ولم يدل أن ذلك إنما كان بسبب الصيحة فإن الواو لا تفيد السبب بل تفيد الاتباع فجاء بالفاء للدلالة على معنيين السبب والسرعة ولا يؤدي أي حرف مؤداها.
مثال آخر للجمع والمؤنث: (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا (١٧) الزمر) هنا الطاغوت ليس مفرد وإنما مؤنث جمع أي الأصنام، كيف عرفنا أنها جمع؟ بدليل قوله تعالى في الآية (فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ (١٥) الزمر) صار تعددية. فإذن الطاغوت مفرد، جمع، مذكر، مؤنث واستعملت كلها في القرآن الكريم.
الجبت: أحياناً يأتي بمعنى الطاغوت. في كتب اللغة يقولون الجبت ليس من محض العربية في الأصل. وهي عامة تأتي حتى في الحديث "العيافة والطير من الجبت" اليعافة أي الكهنة والسحرة، فالجبت كلمة عامة تطلق على الطاغوت، الساحر، الكاهن، وتطلق الأفعال والأعمال غير المرضية مثل الطيرة والعيافة والاعتقادات الباطلة. والبعض قال هي إسم صنم وأطلقت عامة. الجبت لها نفس دلالة الطاغوت وفيها توسع في المعنى مثل العيافة والطير، تدخل تحتها مجموعة الأفكار والمفاهيم. ليس لها فعل صيغتها هكذا (الجبت) ليس لها جمع ولا مثنى ولا علاقة لها بكلمة ﷺ gypt. أحد أساتذتنا القدامى في الكلية قال أظنها من جوبيتر لأنه كان هناك من يعبد النجوم (وأنه هو رب الشعرى) هو قال هكذا لكن لا أدري من أين جاء بها؟ لكن الجبْت (بتسكين الباء) ليست من محض العربية أما الطاغوت فمن محض العربية.
آية (٥٦):
*(ورتل القرآن ترتيلاً) :
لم يقل ولو أنهم استقاموا أو وأنهم لو استقاموا وإنما قال (وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا) لو قال ولو أنهم استقاموا لربما أفهم أن ذلك مختص بهم دون غيرهم (لو أنهم) لكن الكلام عام ليس مختصاً بهم لكن لكل من يستقيم على الطريقة، لما قال (وألو استقاموا) هذا حكم عام ولو قال (ولو أنهم استقاموا) هذا مختص بهم المخاطبين الإخبار عنهم، أما في قوله (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ (٦٦) المائدة) هذا مختص باليهود والنصارى ما علاقة الآخرين بالتوراة والإنجيل؟.
*ما الفرق بين (أن) في الآية (وألو استقاموا) وبين (ولو أنهم) بالضمير هم؟
(أن) هل ذكر ضمير؟ لا، هنا ضمير الشأن محذوف يعود على الشأن وليس على المخاطبين، (وألو استقاموا) هذا حكم عام لم يخصصه بهم بينما (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ (٦٦) المائدة) هذا خاص بهؤلاء ثم هذا نسخ التوراة والإنجيل فالحكم كيف يأتي فيما بعد؟ إذن كل واحدة هي في مكانها.
*ما حكم التقديم والتأخير (وأن لو استقاموا )(و لو أنهم استقاموا)؟
الحكم سيكون واحداً لم يقل أنهم حتى لا يخصص فئة معينة فى آية الجن، هذا حكم عام لجميع الدنيا على مر الزمان من يستقم على الطريقة يسقى ماء غدقاً من قبل زمن نوح إلى قيام الساعة، هذا حكم عام بينما الآية الثانية حكم خاص.
(وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ (٦٦) المائدة) إقامة الشيء بأن تجعله قائماً وقد استعمل القرآن الإقامة (أقاموا) للدلالة على عدم الإضاعة فالشيء الذي يضيع منك يكون مطروحاً وملقى على الأرض والإنسان في حالة قيامه يكون أقدر على الأشياء.
آية (٦٧):
*انظر آية (٤١). ؟؟؟
وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاء سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حِكِيمٌ عَلِيمٌ (١٣٩) الأنعام) هذا تشريع والتشريه حاكم فمن الذي يشرع ويجازي؟ الله تعالى هو الذي يجازي وهو الذي يشرع (فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٨٣) وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (٨٤) الزخرف) لما يكون السياق في العلم يقدّم العلم ولما لا يكون السياق في العلم يقدّم الحكمة.
آية (١٣٠):
*ما الفرق بين يتلون عليكم آيات ربكم ويقصون عليكم في الآيات (أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ (٧١) الزمر) (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا (١٣٠) الأنعام)؟(د. فاضل السامرائى)
قال تعالى في سورة الأعراف (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُومَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴿١٥٠﴾) وقال في سورة طه (قَالَ يَبْنَؤمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ﴿٩٤﴾) وذكر الحرف وعدم ذكره له دوافع والقاعدة العامي فيه أنه عندما يكون السياق في مقام البسط والتفصيل يذكر الحرف سواء كان ياء أو غيرها من الأخرف كما في سورة طه وإذا كان المقام مقام إيجاز يوجز ويحذف الحرف إذا لم يؤدي ذلك إلى التباس في المعنى كما جاء في سورة الآعراف. وكذلك في قوله (أئن لنا لآجراً) وقد يكون مقام التوكيد بالحرف.
واذا جاءت (إذا) و(إن) في نفس الآية تدل (إذا) على الكثير و(إن) على الاقل كما في قوله تعالى:(يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وايديكم الى المرافق وامسحوا برؤوسكم وارجلكم الى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا) سورة المائدة، آية ٦، فإقامة الصلاة أكثر حدوثا من الجنابة لذا استعملت (إذا) مع اقامة الصلاة و(إن) مع الجنب.
(إذا) وردت في القرآن الكريم في ٣٦٢ موقعاً ولم تأت في موقع غير محتمل البتة فإما أن تأتي بأمر مجزوم بوقوعه كما في الآيات التي تصف الآخرة كقوله: (إذا الشمس كورت، واذا النجوم انكدرت...)لأن كل آيات الآخرة مقطوع بحصولها، او كثير الحصول كما ورد سابقاً.
(إن) تستعمل لما قد يقع ولما هو محتمل او مشكوك فيه او نادر او مستحيل كما في قوله: (أرايتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا) الموقف هنا افتراضي، وقوله: (وإن يروا كسفا من السماء ساقطا..) لم يقع ولكنه احتمال. وقوله تعالى: (انظر الى الجبل فإن استقر مكانه..) افتراضي واحتمال وقوعه.
والتردي حاصل والتردي اما أن يكون من الموت او الهلاك، او تردى في قبره، او في نار جهنم فماذا يغني عنه ماله عندها؟وهذه ليست افتراضاً وانما حصولها مؤكد وهي امر حاصل في كل لحظة ولهذا السبب جاء بلفظ (إذا) بدل (إن) لأن (إذا) مؤكد حصولها) و(إن) مشكوك فيها او محتمل حدوثها. وهذه إهابة بالشخص أن لا يبخل او يطغى او يكذب بالحسنى، إذن لا مفر منه فلماذا يبخل ويعسر على الآخرين ويطغى ويكذب بالحسنى؟
آية (١٢-١٣):*(إن علينا للهدى - وإن لنا للآخرة والأولى - )
*ما هو المعنى العام للآيات وارتباطها بما سبقها وما تلاها من الآيات؟
كثير على وزن فعيل وهي صفة مشبهة، أكثر إسم تفضيل. يعبّر بـ (أكثر) إذا كان السياق في تعداد أسوأ الصفات والإطالة في ذكرها. (أكثرهم) جاءت صيغة التفضيل هذه في مكانين في المائدة وآل عمران. في آية الحديد ذكر وانتقل إلى كلام آخر ليس له علاقة بأهل الكتاب، فالكلام عن أهل الكتاب جزء من آية ثم انتقل بكلام آخر ليس له علاقة بأهل الكتاب. أما في سورة المائدة فالآيات من (٥٧) إلى (٦٥) يستمر في ذكر الصفات فلما يطيل ذكرهم ويعدد مساوئهم يأتي بإسم التفضيل (أكثر). في آل عمران الآيات من(٦٦)-(٧٨) ومن (٩٨)-(١١٥) آيات كثيرة أفاض فيها فقال (أكثر). أما التي لا يطيل فيها فيقول (كثير). قد تشترك صيغة فعيل في المبالغة والصفة المشبهة وإسم المفعول من حيث الصيغة فقط أما إذا كان أصل الفعل متعدياً تصير مبالغة وإذا كان أصل الفعل لازماً تصير صفة مشبهة. مثال: سميع من سمع وهو فعل متعدي إذن سميع صيغة مبالغة، عليم من علم وهو فعل متعدي إذن عليم مبالغة، حتى في رحيم قالوا إذا كانت من رحِم فعل متعدي فهي مبالغة وإذا كانت من رَحُم فعل لازم تصير صفة مشبهة. وعندنا فعُل أبلغ من فعِل وأحياناً نحوِّل إلى فعُل بقصد المبالغة. طويل من طال فعل لازم فطويل صفة مشبهة وكذلك قصير وقبيح وجميل صفة مشبهة.
آية (١٧):
(اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (١٧))
*نظرة عامة على الآية وارتباطها بما قبلها وما بعدها: