اما اختيار كلمة رب فلانها تناسب ما بعدها (اهدنا الصراط المستقيم) لان من معاني الرب المربي وهي اشهر معانيه واولى مهام الرب الهداية لذا اقترنت الهداية كثيرا بلفظ الرب كما اقترنت العبادة بلفظ الله تعالى (قال فمن ربكما يا موسى قال ربنا الذي اعطى كل شيئ خلقه ثم هدى) (طه آية ٤٩-٥٠) (فاجتباه ربه فتاب عليه وهدى) (طه آية ١٢٢) (سبح اسم ربك الاعلى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى) (الأعلى آية ١-٣) (قل انني هداني ربي الى صراط مستقيم) (الانعام آية ١٦١) (وقل عسى ان يهدين ربي لاقرب من هذا رشدا) (الكهف آية ٢٤) (قال كلا ان معي ربي سيهدين) (الشعراء آية ٦٢) (وقال اني ذاهب الى ربي سيهدين) (الصافات آية ٩٩) (ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي ان يهديني سواء السبيل) (القصص آية ٢٢) لذا ناسب لفظ رب مع اهدنا الصراط المستقيم وفيها طلب الهداية.
الرحمن الرحيم:
الرحمن على وزن فعلان والرحيم على وزن فعيل ومن المقرر في علم التصريف في اللغة العربية ان الصفة فعلان تمثل الحدوث والتجدد والامتلاء والاتصاف بالوصف الى حده الاقصى فيقال غضبان بمعنى امتلأ غضبا (فرجع موسى الى قومه غضبان اسفا) لكن الغضب زال (فلما سكت عن موسى الغضب) ومثل ذلك عطشان، ريان، جوعان يكون عطشان فيشرب فيذهب العطش
اما صيغة فعيل فهي تدل على الثبوت سواء كان خلقة ويسمى تحول في الصفات مثل طويل، جميل، قبيح فلا يقال خطيب لمن ألقى خطبة واحدة وانما تقال لمن يمارس الخطابة وكذلك الفقيه.
هذا الاحساس اللغوي بصفات فعلان وفعيل لا يزال في لغتنا الدارجة الى الآن فنقول بدا عليه الطول (طولان) فيرد هو طويل (صفة ثابتة) فلان ضعفان (حدث فيه شيئ جديد لم يكن) فيرد هو ضعيف (هذه صفته الثابتة فهو اصلا ضعيف)
أولاً هذا التفريق غير دقيق فالذوق والمس يأتي للضر وغير الضر، الذوق هو إدراك الطعم والمسّ هو أي إتصال. أما كون المس يأتي مع الشر فغير صحيح لأن المس يأتي مع الرحمة أيضاً (إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (٢٠) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (٢١) المعارج) (إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ (١٢٠) آل عمران) (وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ (١٧) الأنعام) وكذلك الإذاقة تأتي مع العذاب ومع الرحمة (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢١) السجدة) (وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا (٤٨) الشورى) (وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا (١٩) الفرقان) ليس هنالك تقييد في الاستعمال.
آية (١٤):
*ما الفرق بين قوله تعالى (جعلكم خلائف الأرض) و(جعلكم خلائف في الأرض)؟(د. فاضل السامرائى)
أما في الآية الثانية فالفعل مُسند إلى واو الجماعة ولم تباشره نون التوكيد وأصل الفعل إذا حذفنا نون التوكيد (يقولون) والآية ٨ من سورة هود (وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٨)).
ولهذا فلا بد أن يكون الفعل في الآية الأولى مبني على الفتح لأنه مُسند إلى اسم ظاهر (ليقولَّن) والثاني مُسند إلى واو الجماعة (ليقولُنّ) مرفوع بالنون المحذوفة لتوالي الأمثال والواو المحذوفة لالتقاء الساكنين. أصل الفعل يقولون مرفوع بثبات النون وعندما جاءت نون التوكيد الثقيلة يصبح عندنا ٣ نونات ويصبح هذا كثيراً فيحذفون نون الرفع وتبقى نون التوكيد واللام لام الفعل.
وفي الآية الأولى اللام في (ليقولنّ) واقعة في جواب القسم. (لئن) اللام موطّئة للقسم و(إن) الشرطية و(لئن) قسم. واللام في الاثبات لا بد أن تأتي في الجواب (حتى يكون الفعل مثبتاً). فإذا قلنا لئن سألتهم من خلق السموات والأرض يقولون يُصبح الفعل منفيّاً. في جواب القسم إذا أجبنا القسم بفعل مضارع إذا كان الفعل مثبتاً فلا بد من أن نأتي باللام سواء معه نون أو لم يكن معه نون كأن نقول "والله لأذهب الآن، أو والله لأذهبنّ" فلو حُذفت اللام فتعني النفي قطعاً فّإذا قلنا والله أذهب معناها لا أذهب كما في قوله تعالى في سورة يوسف (قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ (٨٥)) بمعنى لا تفتأ. فمتى أجبت القسم بالفعل المضارع ولم تأت باللام فهو نفي قطعاً كما في هذه الأبيات:
رأيت الخمر صالحة وفيها مناقب تُفسد الرجل الكريما
فلا والله أشربها حياتي ولا أشفي بها أبداً سقيما
آية (١٣):
موضوع الرؤى قد يطول الكلام فيه لكنه بصورة موجزة هو عالم آخر غير عالم الشهادة يدخل في عالم الغيب يمكن أن يكون بينه وبين عالم الشهادة نوع من الإرتباط أو الصلة أحياناً كأن يكون الإنسان يفكر في شيء ثم يراه. لكن في كثير من الأحيان هو يرى أشياء قد لا تكون خطرت له على بال والرسول - ﷺ - كان يسأل أصحابه بين حين وآخر: من رأى رؤيا فأعبّرها له؟ يعني أأوّلها أذكر تأويلها وتأويلات الرؤى هي لا شك نتيجة تراكم خبرات عند الناس أنه كلما يرى هذا المشهد أو هذه الصورة يتحقق عنده الشيء الفلاني قيكون هناك ربط ومن الناس من ألّف في هذا. قد تكون الرؤيا علامة تنبيه للشخص قد يكون بسبب استمرار تفكيره في قضية وعينة يعني هذه مسألة غير خاضعة للجانب المادء المحض. ونحن عندنا الرسول - ﷺ - لما رأى كما في الحديث الذي ورد في مسلم وبعض كتب السُنّة أنه رأى أنه أُلبِس سوارين من ذهب فكرهتهما كيف ألبس الذهب؟ فقيل لي انفخهما فنفختهما فطارا. والسوار هو قيد فقيل: ما أوّلت هذا يا رسول الله؟ قال: أوّلتهما بهذين الكذابين (مسيلمة الكذاب والأسود العنسي) كانا مع الإسلام أشبه بطوق ثم نُفِخا. الرائي يوسف - عليه السلام - وهو صغير رأى شيئاً، هذا الشيء تمثّله أنه شمس وقمر وكواكب يعني كان نظره إلى السماء. الشمس والقمرأُوّلتا بالأب والأم فشيء طبيعي أنه لما يكون شمس وقمر أن يكون الإخوة كواكب. لكن كيف رآهم ساجدين؟ هل السجود هنا بمعنى الخضوع؟ يعني هل رأى صورة الشمس والقمر أسفل من جلسته هو كأن يكون جالساً في مكان عال ويكونون تحت مستوى رجليه؟ أو رآهم على شكل هيئة أناس لكن تمثّلهم بالكواكب والشمس والقمر؟ هذا في الحقيقة لم يتبيّن لنا وأي جزئية في كتاب الله عز وجل تتحدث عن قضية غيبية لم تُتبيّن الخوض فيها من كدّ الذهن في ما لا ثمرة من ورائه.
*ما دلالة لفظ ربهم أو لفظ الجلالة؟(د. فاضل السامرائى)
ذكرنا في أكثر من مناسبة أن الرب هو المربي والقيم على الأمر والرازق والهادي ورب الشخص عادة يريد له هدايته وصلاحه وخيره والشخص إذا أصابه سوء أو فزع فزع إلى مالك الأمر والقائم عليه إذن رب الجماعة يريد لهم الخير هذا من ناحية ناسب ذكر الربّ. لكن هنالك في الحقيقة أمر في القرآن الكريم لم يرد إسناد فعل إرادة السوء أو الضر (أراد أو أريد) إلى الرب وإنما تسند إلى الله، فعل الإرادة. مثلاً لم يرد (أراد ربهم أن يهلكهم) مثلاً يقول (قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا (١٧) المائدة) لم يقل ربهم، (وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ (١١) الرعد) لم يقل الرب (قُلْ مَن ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُم مِّنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا (١٧) الأحزاب) (أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً) الله تعالى ينسب إلى نفسه الرحمة والرشد وينسب إن أراد السوء والضر إن أراد. لكن فعل الإرادة بالذات لا يأتي إلا مع الله لا يأتي مع الرب وإذا أتى يأتي في السوء والضر. (
وكلمة ابتلى هي أشد من (بلا) ويظهر فيها معنى الاختبار أكثر. والبلاء قد لا يكون بالضرورة سيئاً والابتلاء اختبار كما في قوله تعالى في سورة الفجر (فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (١٥)).
آية (٨):
* قال تعالى في سورة لقمان (وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (١٢)) وقال في سورة ابراهيم (وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (٨))ما الفرق؟(د. فاضل السامرائى)
في الآية الأولى أكدها بـ (إن) بقوله (فإن الله غني حميد) وغني نكرة وحميد نكرة. أما في الآية الثانية فأكذّ بـ (إن) واللام (فإن الله لغني حميد). وفي سورة لقمان أيضاً قال تعالى (لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٢٦)) باستخدام الضمير (هو) والتعريف (الغني الحميد) أما في سورة الحج (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٦٤)) زاد تعالى اللام على الضمير المنفصل (لهو) لماذا؟
في الفرق بين آية لقمان الأولى وآية سورة ابراهيم نجد أن الثانية آكد من الأولى لأنه ذكر اللام. في آية سورة لقمان ذكر تعالى صنفين أي جعل الخلق على قسمين : من شكر ومن كفر، ومن كفر بعض من الناس. أما في آية سورة ابراهيم (وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (٨)) افترض كُفر أهل الأرض جميعاً لذا جاء قوله (فإن الله لغني حميد) أعم وأشمل.
نلاحظ الإختلاف بين التعبيرين في ثلاثة أمور:
قال تعالى:"وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ(١٤)لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ". فالإنسان إذا خرج من جو الأرض انتقل إلى ظلام فلا يبصر، وبهذا تكون السموات جزءا من السماء، لأن السماء كل ما علا وارتفع مما عدا الأرض، والسموات جزء منها بهذا المعنى الواسع الذي يشمل الفضاء والسقف والمطر والسحاب، فإن (السماء) تكون أوسع من (السموات) فهي تشملها وغيرهاوالعلم التجريبي يؤكد على أن هناك طبقة من النور حول الأرض هي طبقة لا تتعدى ٢٠٠ كم، و هي في النصف المواجه للشمس، وإن باقي الكون ظلام دامس، و عندما يتخطى الإنسان هذه الطبقة فإنه يرى ظلام دامس. و لما تخطى أحد رواد الفضاء الأمريكيون هذه الطبقة لأول مرة قال عن شعوره في تلك اللحظة "I have almost lost my eye sight or something magic has come over me." كأني فقدت بصري، أو اعتراني شيء من السحر". وهو تماماً تفسير للآية الكريمة. أما قوله تعالى " و لو فتحنا عليهم باباً" و الباب لا يفتح في فراغ أبدا، و القرآن يؤكد أن السماء بناء أي أن السماء بناء مؤلف من لبنات أي لا فراغ فيها. يقول علماء الفلك : إنه لحظة الانفجار العظيم امتلأ الكون بالمادة و الطاقة، فخلقت المادة و الطاقة كما خلق المكن و الزمان، أي لا يوجد زمان بغير مكان و مكان بغير زمان و لا يوجد زمان و مكان بغير مادة و طاقة، فالطاقة تملأ هذا الكون. " يعرجون " أي السير بشكل متعرج، و قد جاء العلم ليؤكد أنه لا يمكن الحركة في الكون في خط مستقيم أبداً، وإنما في خط متعرج.
آية (١٩):
*ما دلالة الآية (ألقينا فيها رواسي) ألم تكن الجبال مخلوقة من قبل؟(د. فاضل السامرائى)
الآية الأولى (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (١٠) يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ) تنبت في الأرض وجزء من الأرض فإنه ذكر ما يتعلق في الزرع والآية (وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ) في الأرض فالآيتين في الأرض وجزء من الأرض. الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم أكثر إذن الأرض آية وهذه آيات. لما ذكر ما يتعلق بالأرض أو جزء منها قال (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً) ولما ذكر الشمس والقمر والليل والنهار والنجوم قال (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ). جزء من الأرض، شيء من الأرض قال (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً). الشمس آية والقمر آية والنجوم آيات لذا قال (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ). لما ذكر جزءاً من الأرض جعلها آية ولما ذكر ما هو أكثر من الأرض جعلها آيات.
العبودية قسمان إختيارية وقسرية، القسرية ليس فيها فضل كلنا عبد لله شاء أم أبى (إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (٩٣) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (٩٥) مريم) ليس فيها فضل الفضل هو في الاختيار كلما عبد وذلل الإنسان نفسه لله ازداد تقرباً إليه وزاد رفعة عنده، هذه العبودية الاختيارية.
ثم السؤال قال لماذا قال (ليلاً) مع أن الإسراء والسُرى يكون ليلاً. نحن عندنا عموماً الظروف قسمان ظرف مؤسِس وظرف مؤكد والحال عندنا حال مؤسِسة وحال مؤكِّدة والصفة صفة مؤسِسة وصفة مؤكِّدة. ضبط المؤكد كأن تقول سريت ليلاً. المؤسس تأتي بشيء جديد والمؤكد يؤكد المعنى الذي قبله، مكثت زمناً المكث يجب أن يكون زمناً إذن هذا ظرف مؤكِّد لم يؤسس معنى جديداً. في اللغة عندنا الظرف والحال والصفة مؤسسة ومؤكدة. ليدلنا على أن كل هذا الذي حصل هو في جزء من الليل. ولو قال (أسرى) لا يعني جزء من الليل وإنما قد يكون بدأ بالإسراء في الليل، لا نعلم ولو قال أسرى ليس بالضرورة أن ينتهي بالليل وإنما يبدأ بالليل، قد يكون ستة أشهر لأن الليل مدة بعيدة. قال (أسرى بعبده ليلاً) يعني تمت هذه بجزء من الليل ذهاباً وإياباً، ليس فقط التوكيد وإنما أراد ربنا أن يعلمنا أن الأمر كله تم واكتمل بجزء من الليل. لو قال أسرى قد يكون استغرق الليل كله ولكنه قال ليلاً يعني بجزء من الليل.
سؤال: هل هنالك فرق بين ليلاً والليل؟
أولاً أهل الكهف لم يموتوا وإنما ناموا لأنه تعالى قال: (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (١٨) الكهف) الراقد ليس ميتاً ولذلك لا يصلح أن يقول: أماتهم. ولم يحدد الله تعالى عددهم وما أسماؤهم. والأصل في تعاملنا مع القرآن أن ما سكت عنه ربنا سبحانه وتعالى نسكت عنه لأنه لا ثمرة فيه إلا إذا ورد فيه خبر صحيح من رسول الله - ﷺ - يكون موضحاً لجزئية معينة.
الضرب هو إيقاع شيء على شيء وإذا قيل فلان يضرب في الأرض يعني إذا سافر مسافات طويلة إشارة إلى ضرب قدمه على الأرض. (فضربنا على آذانهم) كأنه ضرب حاجزاً أو شيئاً على الآذان لأن الذي يوقظ النائم بشكل طبيعي هو الصوت، لأن الأذن مفتوحة أما العين فمغلقة عند النوم. (فضربنا على آذانهم) أي لم يعودوا يسمعون شيئاً وكان الضرب سنين معدودة تعدّ عداً. والضرب له إستعمالات كثيرة حسب السياق مثل قوله تعالى: (فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ (١٣) الحديد) أي بمعنى بُنيَ سور.. (ثم بعثناهم) لأنهم صاروا حزبين والعلم هنا هو علم الله المشاهدة وليس علمه اللدني الذي عنده أي علم مشاهدة وعلم وقوع وحدوث، بعضهم قال لبثت يوماً وبعض قال الله أعلم كم لبثنا.
ألهذا السمع مقدم على البصر في القرآن؟ قد يكون هذا من الأسباب وقد يكون أن الإنسان يستقبل الآيات ويستقبل المواعظ الآيات من الرسل بالأذن أكثر من إستقبالها بالبصر، يسمع ما يلقيه عليه الرسل ثم ينظر في ملكوت الله ثم يعمل ما سمعه وما نظره في فؤاده.
*ما دلالة استخدام صيغة الجمع في القرآن مثل ضربنا، رفعنا، قلنا، أنزلنا وغيرها مما ورد في القرآن؟(د. فاضل السامرائى)
أما في سورة مريم فجاء التبشير في قوله تعالى (قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (١٩)) باستخدام كلمة غلام فجاء ردّ مريم (قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (٢٠)) باستخدام نفس الكلمة غلام لأن المَلَك أخبرها أنه يبشرها بغلام. أما مع زكريا وتبشيره بيحيى فقد جاء أيضاً في سورة مريم بنفس الكلمة غلام فكان الرد في الآيتين باستخدام كلمة غلام.
*ما الفرق بين(وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ) و(وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا)؟ (د. أحمد الكبيسى)
وملخص القول في القسم الاول من السورة أن القصص الثلاث : قصة آدم (إني جاعل في الارض خليفة) وقصة بني اسرائيل (واني فضلتكم على العالمين) وقصة سيدنا ابراهيم - عليه السلام - (إني جاعلك للناس اماما) هذه القصص الثلاث بدايتها واحدة وهي الاستخلاف في الارض وعلينا نحن امة المسلمين أن نتعلم من تجارب الذين سبقونا وأن نستشعر الأخطاء التي وقعت فيها الامم السابقة ونعرضها على انفسنا دائما لنرى ان كنا نرتكب مثل هذه الاخطاء فتوقف عن ذلك ونحذو حذو الامم السابقة الذين نجحوا في مهمة الاستخلاف في الارض كسيدنا ابراهيم - عليه السلام -. وفي القصص الثلاث ايضاً اختبار نماذج مختلفة من الناس في طاعة الله تعالى فاختبار سيدنا آدم - عليه السلام - كان في طاعة الله (أكل من الشجرة ام لا) واختبار بني اسرائيل في طاعتهم لأوامر الله من خلال رسوله واختبار سيدنا ابراهيم - عليه السلام - بذبح ابنه اسماعيل ايضا اختبار طاعة لله تعالى (واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات). وخلاصة أخرى أن الآمة مسؤولة عن الارض والفرد أيضا مسؤول وللقيام بهذه المسؤولية فهو محتاج للعبادة وللأخذ بالعلم والتكنولوجيا.
؟ القسم الثاني من السورة (الجزء الثاني): أوامر ونواهي للأمة المسؤولة عن الأرض
وفي هذا القسم توجيه للناس الذين رأوا المناهج السابقة وتجارب الامم الغابرة يجب أن يتعلموا من الأخطاء وسنعطيكم أوامر ونواهي كي تكونوا مسؤولين عن الارض بحق وتكونوا نموذجا ناجحا في الاستخلاف في الارض. وينقسم هذا القسم الى:
كلمة ثعبان لم يستعملها إلا أمام فرعون في مكانين (فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ (١٠٧) الأعراف) (فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ (٣٢) الشعراء) وذلك لإخافة فرعون ثعبان ضخم يُدخل الرهبة في قلبه فذكر الثعبان فقط أمام فرعون.
كلمة الجان ذكرها في موطن خوف موسى ؟ في القصص (وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ (٣١)) وفي النمل (وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (١٠)) تتلوى وهي عصا واختيار كلمة جان في مقام الخوف (يَا مُوسَى لَا تَخَفْ) في القصص (فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ) عصا يلقيها تكون جان واختيار كلمة جان والإنسان يخاف من الجان والخوف والفزع. الجان دلالة الحركة السريعة، عصاه تهتز بسرعة. الجان يخيف أكثر من الثعبان فمع الخوف استعمل كلمة جان وسمي جان لأنه يستتر بمقابل الإنس (الإنس للظهور والجن للستر) هذا من حيث اللغة.
سؤال: كيف رآها وفيها معنى الإستتار؟
قد يظهر الجان بشكل أو يتشكل بشكل كما حدث مع أبو هريرة، قد يظهر الجان بشكل من الأشكال. كلمة (فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ) إضافة إلى أنها حية صغيرة تتلوى بسرعة إضافة إلى إيحائها اللغوي يُدخل الفزع لذلك استعملها في مكان (يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ). كلمة ثعبان أو حية لا تعطي هذه الدلالة. أناس كثيرون يمسكون الحية أو الثعبان ويقتلونها وفي الهند يمسكون بالثعبان. كل كلمة جعلها تعالى في مكانها.
قال الله تعالى :( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُون ). الفتق ) فتق ) : الشيء شقَّه. أما الرتق فهو ضد الفتق، رتق بمعنى التأم. تشير الآية إلى أن السماء والأرض كانتا ملتئمتين أي كتلة واحدة ففتقهما الله سبحانه.
ولقد جاء علم الفلك ليظهرهذه الحقيقةالتي ذكرهاالله في كتابه وتلاها نبيه على المسلمين قبل ألف وأربعمائة سنة :
يرجع العلماء الفلكيون نشأة الكون إلى ١٣. ٧ مليار عام وذلك طبقاً لما أعلنته إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) مؤخراً حيث حدثت حادثة تعرف باسم الضربة الكبرى (Big bang) و هي حادثة بداية الكون. و يعدون أن حدوث مثل هذه الحادثة كان أمراً واقعاً، إذا كانت المادة الموجودة حالياً في الكون مركزة بكثافة عالية جداً في هيئة بيضة كونية. ومن الأدلة على صحة نظرية الضربة الكونية الكبرى لنشأة الكون :
١. حركة التباعدالمجريةالظاهرةالتي استدل عليهامن خلال انحراف طيفهانحوالأحمروفق مايعرف بظاهرة دوبلر.
٢. الأمواج الراديوية الضعيفة المتوازنة، الواردة بتجانس تام من جميع أرجاء الكون، و بالشدة المتوقعة نفسها في عهدنا الحالي من الشعاع المتبرد عن الضربة الكبرى.
كما يؤكد العلماء أن هذا الانفجار الكوني العظيم قد نتج عنه غلالة من التراب و القرآن يقول غلالة من الدخان قال تعالى (ثم استوى إلى السماء و هي دخان ) فصلت ١١، و التجربة تؤكد أن هذا الجرم عالي الكثافة، إذا انفجر فلابد و أن يتحول إلى غلالة من الدخان و التعريف العلمي للدخان أنه جسم أغلبه غاز به بعض الجسيمات الصلبة له شيء من السواد الدكنة و له شيء من الحرارة.
السياق في سورة الحج موقف قضاء والله تعالى لا يجوز أن يفصل بين المتخاصمين (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) ولا يمكن له سبحانه أن يُفرّق بينهم ما داموا في طور الفصل (لذا جاءت الآسماء كلها منصوبة بإنّ) فالمتخاصمين إذن يجب أن يكونوا سواء أمام القاضي.
والعجيب في هذا قوله تعالى (إن الله يفصل بينهم) وفي آية أخرى في سورة السجدة (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴿٢٥﴾) لأنه هنا ربنا سبحانه وتعالى جعل الذين آمنوا من جملة المتخاصمين فلم يقل (ربك) حتى لا ينحاز للمؤمنين وإنما جاء بالإسم الأعمّ وهو (الله). وفي آية سورة السجدة ليس فيما قبلهاجماعة من جماعة المؤمنين.
والإختيار هنا ليس للقضاء فقط وإنما هناك أمر آخر وهو السِمة اللفظية، فكلمة (ربك) وردت في سورة الحج ثلاث مرات ووردت في السجدة عشر مرات، وكلمة (الله) وردت ٧٦ مرة في سورة الحج ومرة واحدة في سورة السجدة لذا اقتضى أن يأتي بكلمة (ربك) في سورة السجدة وكلمة (الله) في سورة الحج.
حتى أنه في آية سورة الحج لم يأت بـ (هو) (إن الله يفصل بينهم) وجاء بها في آية سورة السجدة (إن ربك هو يفصل بينهم) لأن خاتمة آية سورة السجدة (فيما كانوا فيه يختلفون) وخاتمة آية سورة الحج (إن الله على كل سيء شهيد) والإختلاف هو مظنّة الفصل لذا جاء بـ (هو) في آية سورة السجدة ولا يوجد اختلاف في آية سورة الحج.
د. حسام النعيمى:
جاء في (روح المعاني): "وعن أبي مسلم، أن الزكاة هنا بمعنى العمل الصالح كما في قوله تعالى: (خيراً منه زكاة) واختار الراغب أن الزكاة بمعنى الطهارة، واللام للتعليل والمعنى: والذين يفعلون ما يفعلون من العبادة ليزكيهم الله تعالى، أو يزكوا أنفسهم... قال صاحب "الكشاف" معنى الآية، الذين هم لأجل الطهارة وتزكية النفس عاملون الخير. ويرشد إلى ذلك قوله تعالى: (قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى) و (قد أفلح من زكاها)".
وجاء في (البحر المحيط): "وقيل (للزكاة) للعمل الصالح كقوله: (خيراً منه زكاة)، أي: عملاً صالحاً. قاله أبو مسلم. وقيل: الزكاة هنا: النماء والزيادة. واللام، لام العلة ومعمول فاعلون محذوف التقدير: والذين هم لأجل تحصيل النماء والزيادة فاعلون الخير".
فالزكاة إذن تحتمل العبادة المالية، وتحتمل العمل الصالح والتطهير والنماء، واللام تحتمل التقوية، وتحتمل التعليل، وهذه المعاني كلها مرادة مطلوبة، فهو يريد الذين يؤدون الزكاة، ويفعلون العمل الصالح، وتطهير النفس ويفعلون من أجل ذلك. ولا تجتمع هذه المعاني في أي تعبير آخر.
فلو أبدل كلمة (مؤتون) مكان (فاعلون) لاقتصر الأمر على زكاة المال، ولو حذف اللام، لم يفد معنى التعليل، فانظر كيف جمع عدة معان بأيسر سبيل.
جاء في (تفسير ابن كثير): "الأكثرون على أن المراد بالزكاة ههنا زكاة الأموال، مع أن هذه الآية مكية، وإنما فرضت الزكاة بالمدينة في سنة اثنتين من الهجرة. والظاهر أن التي فرضت بالمدينة، إنما هي ذات النصب والمقادير الخاصة، وإلا فالظاهر أن أصل الزكاة كان واجباً بمكة وقد يحتمل أن يكون المراد بالزكاة ههنا زكاة النفس منى الشرك والدنس كقوله: (قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها) وقد يحتمل أن يكون كلا الأمرين مراداً وهو زكاة النفوس وزكاة الأموال فغنه من جملة زكاة النفوس، والمؤمن الكامل، ة هو الذي يفعل هذا وهذا، والله أعلم"[٢٢].
ولا تقبلوا لهم شهادة) وردت مرة واحدة فقط لم يقل لا تقبلوا منهم. اللام كما يقول علماؤنا للملك والملكية. هؤلاء الذين يرمون المحصنات ورمي المحصنة شيء عظيم ليس بالأمر السهل أن تتهم المرأة في عفافها ولذلك العقوبة شديدة ثمانين جلدة أمام الناس ولا تقبل لهم شهادة. لم يقل ولا تقبلوا منهم أو عنهم كأنما لا ينبغي أصلاً أن يباشروا إصدار شهادة فلا تنفصل عنهم ولا تصدر منهم، هم لهم شهادة ولو كان في غير القرآن كان يمكن القول ولا تقبلوا شهادة لهم ولكن في القرآن قدّم (لهم) تعني أنهم يملكون شهادة في مناسبات أخرى لكن لا يُمكّنون من إظهارها أصلاً تبقى في ملكهم، هذه الشهادة لهم احتفظوا بها (لو قال تقبلوا منهم أو عنهم كأنها صدرت منهم، يسمعون ولا يقبلون) لكن المطلوب أصلاً أن لا يتكلم لأنه اتهم امرأة عفيفة بعفافها فجُلِد وحتى لو كان له شهادة احتفظ بها. هم يملكون شهادة لكن يقال لهم احتفظوا بملككم ولا يُمكّنون من إظهارها أصلاً حتى تقبل منهم أو تقبل عنهم. الشهادة ملكه لأنه ارتكب هذا الجرم العظيم وهو قذف المرأة المحصنة.
آية (٧)-(٩):
*(وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٧)) (وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٩) النور) ما الفرق بين اللعنة والغضب؟(د. فاضل السامرائى)
قال تعالى:(وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٧)) و(وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ(٩)).
هذا كلام يتعلق بما قلناه في سورة الأحزاب وقلنا أن الفاصلة ليست مرادة لذاتها ولكنها تأتي التقاطاً واللفظ هو المطلوب فهي تأتي في المرتبة الثانية بعد المعنى المُراد (كما سبق وذكرنا في سورة الضحى في استخدام وما قلى في الآية (ما ودعك ربك وما قلى) ولم يقل قلاك وذكرنا أنه ليس من المناسب أن يذكر ضمير المخاطب الكاف مع فعل قلى في حق الرسول - ﷺ - ) واستدللنا على ذلك فيما ذكرنا في الآية الرابعة من سورة الأحزاب وقلنا أنه ضحي بالفاصلة من أجل المعنى (والله يقول الحق وهو يهدي السبيل) مع ان جميع الآيات مطلقة في السورة وقلنا لأن كلمة السبيل عندما تقف عليها تقف على السكون والسكون فيه معنى الاستقرار والسكون و السبيل المعروف هو الاسلام.
فلان ما فلان؟ يؤتى بها للتفخيم والتعظيم (وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (٢٧) الواقعة) (وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (٤١) الواقعة) ماذا تعرف عن حقيقتهم؟ التعظيم يكون في الخير أو في السوء أو ما يصيبه من السوء، قال ربنا عذاب عظيم وقال فوز عظيم قال عظيم للعذاب والفوز. النُحاة ذكروا هذه المعاني لـ (ما) في كتب النحو والبلاغة.
آية (٣٢):
*ورد في القرآن الكريم ذكر عصى موسى عليه السلام بأوصاف مختلفة مرة جان ومرة ثعبان ومرة حية فما الفرق بينها؟(د. فاضل السامرائى)
المعنى اللغوي للكلمات: الجان هي الحية السريعة الحركة تتلوى بسرعة، الثعبان هو الحية الطويلة الضخمة الذَّكَر، الحية عامة تشمل الصغيرة والكبيرة فالثعبان حية والجان حية. الحية عامة تطلق على الجميع أما الثعبان فهو الذكر الضخم الطويل والجان هو الحية سريعة الحركة. ننظر كيف استعملها؟
كلمة ثعبان لم يستعملها إلا أمام فرعون في مكانين (فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ (١٠٧) الأعراف) (فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ (٣٢) الشعراء) وذلك لإخافة فرعون ثعبان ضخم يُدخل الرهبة في قلبه فذكر الثعبان فقط أمام فرعون.
- أيضاً قال (لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ -ayah text-primary">﴿٦﴾ يونس) المتقي هو المسلم زائد المؤمن يساوي المتقي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ -ayah text-primary">﴿٢٧٨﴾ البقرة) المؤمن الحق هو الذي يؤدي الطاعات بشكل رائع المُتقي هو الذي يجتنب النواهي بشكل رائع مُطلق قلبه محفوظ ولسانه محفوظ وعينه محفوظة هذا المتقي (الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ -ayah text-primary">﴿٦٣﴾ يونس) إذاً التقوى بعد ذلك. يأتي بعد ذلك قال (لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ) وليس للمتقين لقومٍ يتقون وليس للمؤمنين قال (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) المتقي خلاص صار بطلاً في التقوى مثل شخص رياضي لعب بالأولمبياد بالصين أخذ ميدالية هذا رياضي لكن نحن كل صبح نمشي شوي ونلعب حركات بسيطة نحن نلعب رياضة لكن نحن لسنا أبطال رياضة فلقومٍ يتقون يتقي يوم ويخربط يوم ويتقي يوم ويخربط يوم يعني لم يصبح بطلاً لكن يحاول قدر الإمكان هذا (لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ)، هناك للمتقين (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ -ayah text-primary">﴿٩﴾ العنكبوت) سنجعله بطلاً في الصلاح. حينئذٍ هؤلاء جميعاً هذا القرآن الكريم بشرى وهداية لهم كل واحد يستطيع أن يأخذ له منهجاً مفصلاً عليه (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا -ayah text-primary">﴿٤٨﴾ المائدة) ولذلك إياك أن تغتر وترى نفسك متقي أو من المؤمنين الكبار أو من العلماء الكبار وتزدري شخصاً لسه يؤدي الصلوات ثق هذا إذا كان يعترف أنه لسه في البداية وأنت ترى نفسك أحسن منه فهو أحسن منك بألف مرة فإياك هذا مستواه عيب على واحد طالب في الجامعة يحتقر طالباً في الصف الأول الابتدائي يا أخي هذا هو مستواه ما ينفع إلا يمر بهذه المرحلة لكن أن تحتقره لأنه في الابتدائي أنت أيضاً كنت في الابتدائي حينئذٍ هذا (لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ).
ما الفرق بين ردّ ورجع ؟ الرجوع عندما كنت تعرفه مقدماً أنت مسافر من هنا من دبي إلى الشام وأنت ناوي ترجع هذا رجوع يعني أنت أصلاً مقرر من ساعة ما إنطلقت من النقطة التي انطلقت منها أنت ناوي إلى الرجوع هذا رجع، وحينئذٍ كل مؤمن يؤمن بأننا سوف نرجع إلى الله عز وجل بعد أن نموت هذا رجوع. لكن واحد انطلق من دبي إلى الشام ومش ناوي يرجع كان مهاجراً ليس في خطته ولا في خريطته أن يعود انتهينا عوده يعني نهائي مهاجر كما يهاجر الكثيرون ولأمر ما أجبره على العودة هذا يسمى ردّ ولهذا فرق بين (فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ) وبين (رددناه إلى أمه)، رددناه هذه أم موسى وضعت الطفل في صندوق والصندوق في نايلون وترميه في البحر ولا تعرف أين ذهب؟ قطعاً ولا في بالها أن هذا سيعود انتهى فلما الله قال (إِنَّا رَادُّوهُ) على خلاف ما ظننتي.
*ما اللمسة البيانية في ورود لفظة اليم ٨ مرات في قصة موسى عليه السلام ووردت لفظة البحر ٨ مرات في القصة نفسها ووردت لفظة البحرين مرة واحدة؟(د. فاضل السامرائى)
الفرق (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا) والآية الأخرى (وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا) لتشرك وليس على أن تشرك وهو في سؤال في غاية الوجاهة من حيث أن هذا الأسلوب القرآني تكرر عدة مرات بل قد يكون عشر مرات في الكتاب العزيز. ولا بد أن نعرف ما الفرق (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ ﴿٣٢﴾ التوبة) (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ ﴿٨﴾ الصف)؟ وهكذا آيات كثيرة. الفرق بين هذا وذاك: عندما يأتي الفعل يريد وبعده أن وفعل آخر هذا إعلان الإرادة أريد أن أعلمك فقط أعلن نيتي أنا ما علمتك بعد، عندما أريد أن أعلمك أريد أن أعاقبك أريد أن أجزيك كل هذا إعلان للفعل أنا سأفعل هذا هذا وعدٌ سواء كان وعداً أو تهديداً أو تكريماً أو ما شاكل ذلك أريد أن أفعل كذا. إذا أقول أريد لأفعل كذا باللام المضمرة معناها إني قد اتخذت الأسباب وباشرت الفعل لما أقول أريد أن أعلمك هذا بعد ما بدأنا وعد أريد لأعلمك يعني أنا أحضرت الدفاتر والأوراق والكتب وفرشتها تعال اجلس، قلت ماذا تريد مني؟ أريد أن أعلمك أريد لأعلمك هذا في كل الآيات (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي) يعني يحاولون يا ابن الحلال أنت لازم ترجع من الإيمان وتعبد الأصنام كما هو أسباب النزول فقط إعلان أننا لا بد سنفعل ما نستطيع لكي ترجع من دينك إلى الشرك هذا (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى). (وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي) خلاص جاؤوا واستعملوا كل أساليب الترهيب والترغيب إذا ترد عن الإسلام نعطيك هكذا إذا ما ترد نعذبك جدال (مَا يُجَادِلُ فِي آَيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا ﴿٤﴾ غافر) حشدنا الحشود أحضرنا أقاربك اتخذنا أسباب كثيرة وهكذا (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ) هذا تهديد وعد إعلان. (
o تقوية عقيدة المسلمين قبل النقاش. (شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ * فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ) (الآيات ١٨ - ٢٠) والآيات (٨٣- ٨٥- ٨٧) (أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ * وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ).
o إيجاد نقاط اتفاق بين المسلمين وأهل الكتاب (الآية ٦٤ و٨٤) (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) (قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ).
في آية أخرى قدم أيضاً وقال (وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٤٢) الأحزاب). الآية (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧) الروم) أصلاً هو السياق في ذكر الساعة (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (١٤) فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (١٥) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآَخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (١٦) فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (١٨) الروم) السياق في الآخرة والساعة هي آخر الدنيا والمساء آخر النهار فربط بين هذه وتلك. وفي الحديث قال "ما بقي من يومكم إلا ما بين العصر والمغرب" يذكر أن الوقت قصير. فالمساء هو آخر النهار والساعة هي الآخر فقدم المساء لمناسبة الحديث العام عن الموضوع بينما الاية الأخرى (وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٤٢) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (٤٣) الأحزاب) نأخذ الآن القياس بين البكرة والأصيل الظلمات تمثل الليل والنور يمثل النهار بعد الظلمات نهار ونور بعد الليل نهار إذن (بُكْرَةً وَأَصِيلًا) لأن البكرة تأتي مباشرة بعد الظلمة، البكرة هي الصباح والأصيل المغرب لما قال (مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) يقدم البكرة على الأصيل طبيعة الحال لأن بعد الظلمات هي البكرة وليس الأصيل تلك مناسبة الساعة الآخر بالآخر ومناسبة الظلمات والنور.
إذن ترتيب الكلمات يخضع لنسق عام أراده المولى تبارك وتعالى، السياق من الناحية الفنية.
*د. فاضل السامرائى:
ثم الرحمة لما ذكر قوله تعالى (أن تميد بكم) هذا من الرحمة، ولما ذكر تسخير ما في السموات والأرض وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة، (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ (٢٠)) هل هناك أعظم من هذه الرحمة؟ من مظاهر الإحسان إيتاء الزكاة أليست الزكاة إحساناً للآخرين (وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ (٢٢))، الإحسان في الوصية بالوالدين والإحسان إليهما، إذن جو السورة كلها شائع فيه الهدى والرحمة والإحسان وهذه ليست في البقرة وإنما سورة البقرة ذكرت أموراً أخرى (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (٣)) (والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٤)) وصف كثير ثم انتهى (أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥)) أما في لقمان فاختصر (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ). في لقمان كرر كلمة (هم) في البقرة لم يكررها (وبالآخرة هم يوقنون).
*(هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ (٣) لقمان) ما دلالة نصب كلمة رحمة؟
فيها وجهان هي إما مفعول لأجله أو حال.
آية (٤-٥):
(الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٤) أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥))
*(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) الذاريات) وفي السجدة (وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٣) السجدة) الجنة مقصود بهم الجن فما الفرق بين الجن والجِنّة؟ وما دلالة البدء بالجن والجِنّة؟(د. فاضل السامرائى)
أحياناً نحن نتعلم شيئاً موجزاً فنظن أنه هذه القاعدة العامة. نحن عُلّمنا بشكل موجز أن (قد) إذا دخلت على الفعل الماضي تفيد التحقيق (فقد جاء) محققاً، وإذا دخلت على الفعل المضارع تفيد التقليل (قد يأتي زيد) أو الشك. هذا ليس على إطلاقه وإنما السياق يتحكم في (قد) ومن الممكن أن تأتي (قد) للتكثير، للكثرة. لما يقول الباري عز وجل (قد نرى تقلب وجهك في السماء) الرسول ؟ كان يقلّب وجهه في السماء فهل (قد نرى) تعني أن الله تعالى محتمل أن يراه؟ أو كثيراً ما كنا نرى تقلب وجهك في السماء؟ الحفظ القليل هذا هو للمتعلمين نعطي أموراً بسيطة يسيرة لكن في توسع النظر في لغة العرب عند ذلك نجد أن (قد) تستعمل في هذا المعنى ةفي هذا المعنى يضبطها السياق.
آية (٢٤):
*(إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (٢٤) الأحزاب) ما دلالة استخدام كان بصيغة الماضي؟(د. فاضل السامرائى)
التقديم والتأخير يأتي لسبب والسياق قد يكون الحاكم والموضح للأمور. إذا كان سياق الكلام أو الآية في العمل يقدّم العمل وإذا لم يكن السياق في العمل أو إذا كان الكلام على الله سبحانه وتعالى وصفاته يقدّم صفته. من باب تقديم العمل على البصر: (وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٠) البقرة) بهذا العمل بصير، إذا كان السياق عن العمل يقدم العمل على البصر وإذا كان الكلام ليس في السياق عن العمل أو الكلام على الله تعالى وصفاته يقدم صفته. (
مثال: لما قال ربنا تعالى في سيدنا عيسى (قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (٢٠) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (٢١)) (ولنجعله) على ماذا معطوفه؟ هل خلق عيسى فقط ليجعله آية للناس؟ هذه واو عاطفة، على ماذا عطفها؟ هل خلق عيسى - عليه السلام - فقط ليجعله آية للناس أو هناك أموراً أخرى؟ هنالك أمور أخرى لكنه لم يذكرها والآن ذكر (ولنجعله آية للناس). يقدرون المحذوف بمعنى ليكون نبياً ورسولاً ولنجعله آية للناس.
مثال: (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِي هََذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ (٢٥٩) البقرة) (ولنجعلك) على ماذا مععطوفة؟ عندما أحيا الله تعالى العزير هل أحياه فقط ليجعله آية للناس؟ هنالك أمور أخرى ذكر الآن منها (ولنجعلك آية للناس)، لما نجد العطف مقدر على محذوف نفهم أن هناك أموراً أخرى لم يذكرها الشرع.
آية (١٣):
*ما وجه الاختلاف بين الآيات (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ﴿٤٠﴾ النساء) - (وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴿٤٩﴾ النساء) - (وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴿٧٧﴾ النساء) - (وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ﴿١٢٤﴾ النساء) - (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ ﴿١٣﴾ فاطر)؟(د. أحمد الكبيسى)
هناك سؤال يقال أن المفروض أن في القسم يتفق المقسِم والمقسَم له على التعظيم المقسِم هو الله تبارك وتعالى والمقسَم له هم المخاطبين يتفقان على تعظيمه حتى يكون القسم؟! لا بد أن يؤمنوا هم بالقرآن ليقسم لهم لكنهم هم لم يؤمنوا فكيف يقسم لهم؟! القوم لا يرون أنه كلام الله ولا يرون أنه رسول فلماذا القسم؟ يقولون القرآن جعله الله تعالى معجزة للرسول - ﷺ - فالقرآن هو الدليل الأكبر على رسالته والبرهان الأعظم عليها وقال تعالى (وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥١) العنكبوت) وربنا تعالى سمى القرآن برهان (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ (١٧٤) النساء) معناه فيه الدليل وتحداهم به أكثر من مرة وصفه بأنه قرآن إذن هو أقسم بما تقوم الحجة عليه لأنهم لو تدبروا هم لم يستطيعوا أن يأتوا بمثله جعل فيه برهان إذن ما فيه من الأدلة على صدق الرسول كافية إذن قال لهم لو تأملتم هذا القرآن فإنه أحكم إحكاماً لا إحكام بعده وفيه الدليل على نبوة الرسول - ﷺ - فهو يقسم به لأنه هو الدليل إذن هذا ليس قسماً هكذا وإنما قسم بالبرهان وما فيه من دليل وهذا نستعمله في حياتنا اليومية مثلاً لو شخص أنكر فضل شخص آخر عليه وأنت تعلم أن القميص الذي يلبسه الآن هو من فضله عليه تقول له وحق هذا القميص هو محسن لأنه يعلم أن هذا القميص الذي يلبسه من فلان وأنت تنكر إحسانه؟ القميص الذي أنت تلبسه هو من إحسانه عليك فأنت تقسم بما تقيم عليه الحجة وكأن القسم بالقرآن هنا لأنه هو البرهان وهو المعجزة وقد تحداهم به وقد عجزوا أنتم هذا الذي عجزتم عنه هو هذا
ثم انتقل لموسى وهارون (وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (١١٤) وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (١١٥) وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ (١١٦) وَآَتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ (١١٧) وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (١١٨) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآَخِرِينَ (١١٩) سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (١٢٠) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٢١) إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (١٢٢)). ثم إنتقل إلى الحديث عن إلياس (وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٢٣) إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ (١٢٤) أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (١٢٥) اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (١٢٦) فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (١٢٧) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٢٨) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآَخِرِينَ (١٢٩) سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (١٣٠) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٣١) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (١٣٢)) وإلياس هو إل ياسين لأن العرب تتصرف في الإسم الأعجمي كما قالوا طور سيناء وطور سنين. الفاصلة مهمة في العبارة لكنها مرتبطة بالمعنى وهو إسمه يُتصرف فيه فتصرف فيه لملاءمة الفاصلة والقرآن لم يغفل الفاصلة لكنها مرتبطة بالمعنى ولم يغير المعنى لأجل الفاصلة والعربي يميل لهذه الرتابة في نهاية الآيات في السجع والشعر. والفاصلة القرآنية ولله المثل الأعلى فيها جانب من العناية الصوتية وعناية في الإنسجام الصوتي.
الركوع له معاني منها الخضوع ويقال راكع لمن طأطأ رأسه ويقال للسجود لكا لماذا قال هنا خر راكعاً ولم يقل خر ساجداً؟ من جملة معاني الراكع مطأطئ الرأس، خرّ راكعاً أي كان مطأطئاً رأسه فسجد. الخرّ في اللغة السقوط إلى الأمام. وفي لغة اليمن الركعة هي الهويُّ إلى الأرض. فيقولون خرّ راكعاً إحتمال أنه كان مطأطئاً رأسه فلما قضى (وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ). أصلاً خرّ ساجداً لم يستعملها القرآن إلا مع سماع كلام الله وتلاوته (إذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (٥٨) مريم) (إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (١٥) السجدة) (إنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا (١٠٧) الإسراء) لم يرد في القرآن خر ساجداً إلا في هذه الحال. هذا أمر. نأتي إلى خر راكعاً: هل ذكر في هذا الموطن لداوود - عليه السلام - معصية؟ كلا وإنما ذكر له خِلاف الأَوْلى في الحُكم أنه سمع من أحدهما ولم يسمع من الآخر، ما ذكر له معصية إذن ذكر ما دون المعصية فذكر ما دون السجود وهو الركوع.
*هل سجدة داوود في سورة ص(وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ﴿س﴾(٢٤)) سجدة شكر؟(د. حسام النعيمى)
د. أحمد الكبيسى :
في الزمر قال (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا (٦) الزمر) أضاف ثم بدل الواو، حينئذٍ واضحة خلق الخلق من شيء آخر الخلق غير الإبداع خلقت شيء من شيء خلقكم من طين وليس من عدم فهو خلق حواء من آدم إذاً (وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا) خلق حواء من آدم وآدم خلقه من الطين، طيب ثم قال (وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا) هو خلق حواء لكن حواء ممكن تصبح خادمة أو جارية قال لك لا جعلتها زوجة فالجعل تغيير الوظيفة. إذاً بعد أن خلقها جعل وظيفتها أنها زوجه ثم قال (ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا) وقطعاً ثم دليل على التراخي واضح جداً. إذاً هذا الفرق بين خلق وبين جعل في سورة النساء.
*ما دلالة إدخال الأنعام في خلق الإنسان في الآية (خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (٦) الزمر)؟(د. فاضل السامرائى)
· توصيات للأقليات المستضعفة: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا(٩٧) إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً(٩٨).
· رحمة الله تعالى بعباده: ومنها رحمته بنا حتى في الصلاة فشرّع قصر الصلاة (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا(١٠١))، وصلاة الخوف (وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا(١٠٢)).
*ما سبب تكرار بعض الكلمات في الآيتين في سورة غافر (أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ (٢١)) و(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٨٢))؟ (د. فاضل السامرائى)
قال (أتينا طائعين) لم يقل طائعتين من الذي مطلوب منه الطاعة العاقل أو المجنون؟ العاقل طبعاً ولو قال طائعتين مثلاً معناه يرسّخ غير العاقل فيها (مؤنث غير حقيقي فهو غير عاقل) إئتيا تقال للعاقل ولغير العاقل: رجل وامرأة، امرأتان، رجلان تقول إئتيا. لكن لو قال (طائعتين) كأنما يرسخان فكرة غير العاقل وهما خوطبتا بالعقل (إئتيا طوعاً أو كرهاً). (قالتا أتينا طائعين) لجمع المذكر السالم لأنه للعاقل. السماء والأرض مادتان أصلاً فيصنفها العربي من غير العاقل فلو قال طائعات يكون جمعاً لغير العاقل لأنهما غير عاقل لكن جمع المذكر السالم خاص بالعقلاء فقط والطاعة تستدعي العقل فماذا تستفيد أن يطيعك غير العاقل؟ إذن الطاعة من العاقل. هذه الصورة نجدها في سورة الشعراء (إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (٤)) لم يقل خاضعة لأن الخضوع لله عز وجل يقتضي خضوع العاقل. ولم يقل خاضعات لأنها غير عاقل لذا قال خاضعين. قليل اللغة يقول كيف تقول خاعين مع أن أعناق جمع عنق وهي مؤنث كيف يقول خاضعين؟ لأنه يقتضي أن الخضوع لله عز وجل يكون بعقل (العنق مؤنث ولم يقل الأعناق خاضعة مع أنها فصيحة) وإنما قال خاضعين ولذلك بعض المفسرين ممن يتهيب من هذه السورة هنا يقولون أنه يعني بالأعناق كبراء القوم لكن إن كان هذا صحيحاً فكيف نقول عن كبراء القوم (فظلّت)؟ لكن هذه لغة القرآن (خاضعين) لأن الخضوع لله عز وجل يكون بعقل ولا فائدة من خضوع غير العاقل.
ربنا تعالى مرة استعمل (عن) ومرة استعمل (من)، (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ (٢٥) الشورى) (أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ (١٠٤) التوبة) ومرة قال (تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ (٩٢) النساء) إذن مرة استعمل عن ومرة استعمل من. لما يقترن بالعباد يعني التوبة الصادرة عن عباد وهو يتجاوز عنهم ويعفو عنهم لذلك قال بعضهم هو نوع من التجاوز يعني يتجاوز عن عباده ويعفو عنهم، يقبل التوبة عنهم أي يعفو عنهم بهذا المعنى وقسم قال الصادرة عن عباده. أو التوبة عن عباده أي يعفو عنه من باب التضمين تاب عنه أي عفا عنه هذا من باب التضمين تضمين فعل دلالة فعل آخر. (من) مع الجهة التي تتوب أي مع الله هو الذي يتوب، توبة من الله أي هو التائب، عن العباد هم يتوبون وهذه (من الله) هو الذي يتوب الجهة التس تقبل التوبة، يستعمل من مع الجهة التي تقبل التوبة فيقول (تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ (٩٢) النساء) يتوب عنهم أي يعفو عنهم والتوبة من الله. إذن (عن عباده) أي الصادرة عنهم والتائب هو الله فمع الجهة التي تقبل التبو يستعمل (من) مثل (قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٢٧) المائدة). يتقبل من وليس يقبل عن ويوجد (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا (١٦) الأحقاف) قال مع العمل نتقبل عنهم والله تعالى قال (الله يتقبل) بنفسه.
*ما اللمسة البيانية في قوله تعالى (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (٢٥) الشورى) ولماذا لم يقل (من عباده)؟ (د. حسام النعيمى)
القبول هو أخذ الشيء برضى، أنت تعطي إنساناً شيئاً ما فإذا قبِله معناه أخذه وهو راضٍ، هذا الشيء الطبيعي.
*مرة يقول تعالى (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) و(عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) فى سورة يس جمع الاثنين هنا مع أنهما وردتا في القرآن متفرقتين (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (٤٣) الزخرف) و(تِلْكَ آيَاتُ اللّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٢٥٢) البقرة) ما سبب الاختلاف؟(د. فاضل السامرائى)
هو بحسب السياق الذي ترد فيه لو قال (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) واكتفى دل على أنه على صراط مستقيم تضمناً لا تصريحاً، لو قال (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) وسكت يحتمل جملة أمور وجملة معاني يحتمل أنه على صراط مستقيم لأن المرسل أكيد يكون على صراط مستقيم لكن متضمن يشمل أموراً أخرى يحتمل أنه صادق بما يأمر به ومحتمل أنه يأمر بالخير ومحتمل أنه مجرد الإخبار أنه من المرسلين، لا يريد له معنى متضمن فقوله (عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) حدد أمراً معيناً يريده المتكلِّم لم يجعل ذلك للذهن واحتمالات كثيرة هو عندما يقصد إلى أمر معين يذكره عندما يقصد العموم يعمم كما هو شأن العموم والخصوص. أما لو قال (إنك على صراط مسنقيم) وسكت كما قال في الزخرف لا يدل على أنه من المرسلين.
السؤال إذن لماذا اكتفي في موطن (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) وفي موطن (إنك عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)؟
جاثيةً: ينبغي أن تأتي منصوبة لأنه رأى لكن الإعراب يختلف. عندما تقول: رأيت زيداً ماشياً، ماشياً إعرابها حال لبيان حا زيد، وهذه (رأى) البصرية أي أبصرته ماشياً. عندنا (رأى) الذهنية التي هي بمعنى اعتقد أو علِم هذه أيضاً يأتي بعدها منصوباً لكن تعرب مفعولاً ثانياً. تالنصب حاصل لكن الإعراب يختلف. في القول: رأيت اللهَ أكبرَ كل شيء: أكبرَ مفعول ثاني. رأيت زيداً ناجحاً، ناجحاً ليست حالاً هنا وإنما مفعول ثاني لأن رأى هنا هي رأى الذهنية لكن لما تكون رأى بصرية فيكون ما بعدها حال.
(وترى كل أمة جاثيةً) في حال الجثو هنا ترى بمعنى البصر. رأيت زيداً ناجحاً (رأى بمعنى العلم) فتكون ناجحاً مفعولاً ثانياً. فكلمة جاثية منصوبة في الحالتين لكن بحسب الإعراب وبحسب المعنى.
آية (٣٧):
* لماذا لم يقل سبحانه لله الحمد فى سورة الفاتحة مثلما قال فى الجاثية (فلله الحمد)؟ (د. فاضل السامرائى)
الحمد الله تقال اذا كان هناك كلام يراد تخصيصه (مثال لفلان الكتاب) تقال للتخصيص والحصر فاذا قدم الجار والمجرور على اسم العلم يكون بقصد الاختصاص والحصر (لازالة الشك ان الحمد سيكون لغير الله).
الحمد لله في الدنيا ليست مختصة لله سبحانه وتعالى الحمد في الدنيا قد تقال لاستاذ او سلطان عادل اما العبادة فهي قاصرة على الله سبحانه وتعالى المقام في الفاتحة ليس مقام اختصاص اصلا وليست مثل اياك نعبد او اياك نستعين. فقد وردت في القران الكريم (فلله الحمد رب السموات ورب الارض رب العالمين) الجاثية (لآية ٣٦).
النداء التاسع: عقاب الذين ينقضون العهود أن يستبدلهم الله تعالى بغيرهم. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ(٥٤)).
النداء العاشر: النهي عن اتخاذ الكفار والمستهزئين بالدين أولياء (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ(٥٧)).
النداء الحادي عشر: النهي عن تحريم ما أحلّ الله تعالى. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ(٨٧)).
النداء الثاني عشر: النهي عن الخمر والميسر وهي من ضمن الوفاء بالعهود وعلى المسلم أن يعاهد الله تعالى على ترك هذه الموبقات وان يحفظ عهده (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) آية ٩٠
النداء الثالث عشر: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ(٩٤)).
أما جعل فقد جاء في تاج العروس: لفظ عام في الأفعال كلها وهو أعمّ من فعل وصنع. يقال: جعل بعضه فوق بعض أي ألقاه، جعل القبيح حسناً أي صيّره وحوّله كما في قوله (إنا جعلنا الشياطين أولياء)، جعل البصرة بغداد أي ظنّها، جعل له كذا على كذا أي شارطه، جعل يفعل كذا أي أقبل وأخذ، بمعنى التوجه والشروع في الشيء والإشتغال به، جعل بمعنى سمّى (وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً)، جعل بمعنى الإعتقاد (ويجعلون لله البنات) يعتقدون، وجعل بمعنى التبيين. والجعل فعل عام يحمل معاني كثيرة منها الصُنع وإيجاد الشيء من الشيء والتبديل والتبيين والإعتقاد والظنّ والشروع في الشيء والحكم بالشيء على الشيء والنسبة والتشريف والخلق والإيجاد وغير ذلك من المعاني. الخلق والإيجاد من ضمن معاني جعل لكن خلق لما تُستعمل لوحدها تكون بمعنى الإيجاد على شيء قدّره الله سبحانه وتعالى بحكمته ليس على مثال سابق. كلمة (جعل) فيها معاني كثيرة متشتتة لذلك تأتي في ١٤ موضعاً إجتمعت جعل وخلق تتقدم خلق وتأتي جعل لأن الخلق هو الإيجاد والجعل هو تصرّفٌ بعد الخلق (هناك شيء يلي الخلق) لذلك كلمة جعل تأتي دائماً بعد كلمة خلق.
*(الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ (١)) لم اختيرت كلمة (خلق) للسموات والأرض واختيرت كلمة (جعل) للظلمات والنور؟ وهل يختلف المعنى إن قلنا "وخلق الظلمات والنور"؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
خص ربنا عز وجل السموات والأرض بالخلق دون الجعل لأن الخلق فيه معنى التقدير وخصّ الظلمات والنور بالجعل لأن الفعل جعل فيه ملاحظة معنى الانتساب والدخول في الآخَر فالظلمات والنور مخلوقة لتتكيف بهما موجودات السموات والأرض وهي تكملة لخلق السموات والأرض ولذلك اختير لفظ الجعل للظلمات والنور.
المعروف في النحو واللغة أن المُسنَد إليه هو المتحدَّث عنه والمُسنَد هو المتحدث به عنه. من المسنَد إليه الفاعل ونائب الفاعل والمبتدأ والخبر وما أصله مبتدأ وخبر، من المسنَد إليه بالذات الفاعل ونائب الفاعل والمبتدأ. إذا أراد الحديث عن نائب الفاعل بنى الفعل للمجهول وإذا أراد الحديث عن الفاعل ذكره. عموم الكلام ماذا يريد المتكلم؟ هل الكلام عن الفاعل أو عن نائب الفاعل؟. ما ورد في الأعراف (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (٣)) (مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ) إذن الكلام عن الكتاب والكلام عن الكتاب يبدأ بالسورة (المص (١) كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (٢)) فإذا كان الكلام على الفاعل ذكر الفاعل وإذا كان الكلام عن نائب الفاعل ذكره. مثال (قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (٦) الفرقان) يتكلم عن الله، ذكر الكتاب في (أَنزَلَهُ) لكن الكلام عن الفاعل عن المنزِل لا عن المنزَل (قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (٦) الفرقان). (إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ (٢) الزمر) (إِنَّا أَنزَلْنَا) الكلام عن الله وليس عن الكتاب. فإذن هناك إذا كان الكلام عن نائب الفاعل يبنيه للمجهول.
صيغة الأنفال طاعة واحدة لله ورسوله الرسول الكريم هنا معرّف بالإضافة إلى إسم الجلالة. (أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ) لاحظ أن الرسول أضيف إلى الضمير يعني أطيعوا الله ورسوله الذي أرسله الله عز وجل بالكتاب هذا الأمر بالطاعة طاعة الرسول هنا هي طاعة الله بالضبط لماذا؟ لأن الرسول جاءك مبلغاً ينقل لكم هذا الكتاب فأطيعوه ولهذا قال وأنتم تسمعون (أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ) (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (٢١) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (٢٢) الأنفال) يعني قضية سماع (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ (٦٧) المائدة) فلما جاءت هذه الصيغة وهي الصيغة الأولى التي ينبغي أن نفهم بأنها أول الصيغ أنت أول عمل تعمله أن تسمع القرآن الكريم، من الذي جاءك به؟ محمد صلى الله عليه وسلم. فلما محمد ﷺ يقول لك هذه آية في سورة كذا هذا القرآن من عند الله هذا كلام الله إنما أنا رسول مبلِّغ عليك أن تطيع (أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ) فيما بلغكم به عن ربه ولهذا أضاف الرسول إليه (أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ) لأن طاعة الرسول هنا هي بالضبط طاعة الله. فحيثما رأيت في كتاب الله أطيعوا الله ورسوله إعلم أن الكلام يتحدث عن القرآن الكريم. هذا الأسلوب الأول.
الأسلوب الثاني:
إما أن تكون مقدرة مبتدأ أي ورسوله كذلك بريء أو النحاة يقدروها على محل إسم إنّ لأن إسم إنّ مبتدأ قبل دخولها (الله بريء من المشركين) فلو حذفنا إنّ يكون مرفوعاً في الأصل يكون معطوفاً على المحل أو هو مبتدأ يعني ورسوله كذلك وخبره محذوف (ورسوله بريء). يبقى هناك سؤال لماذا قال هذا؟ إنّ تفيد التوكيد يعني لما نقول إن الله بريء آكد من رسوله بريء، هل براءة الرسول كبراءة الله مستقلة أم تابعة لبراءة الله؟ تابعة لبراءة الله فهي أقل منها توكيداً وليستا بمنزلة واحدة. هذه الآية كانت سبباً في تشكيل القرآن الكريم لأن الأعرابي قرأها (إن الله بريء من المشركين ورسولِهِ) وهذا خطأ سمعها أبو الأسود فقام بتشكيل القرآن.
آية (٧):
* ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (٦) فصلت) وبين قوله (كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٧) التوبة) ؟(د. حسام النعيمى)
*ما الفرق بين خشعاً ابصارهم وخاشعة أبصارهم وأبصارها خاشعة (خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ (٧) القمر)، (خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (٤٤) المعارج)، (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (٤٢) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (٤٣) القلم) (أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ (٩) النازعات)؟(د. فاضل السامرائى)
البِرّ أن توفر له حاجاته لكن قد تقدمها بشكل غير لائق فيها شيء من الغلظة أو الخشونة وقد تشتم أباك وقد تزدريه من كِبَره أو تزدري أمك لكن الإحسان أن تعطي هذين الأبوين هذا البر بشكل في غاية الدقة والأناقة والجمال من حيث أنك تكون خادماً لهما وتقريباً وبلا مبالغة ولا مباهاة ٩٩% من هذه الأمة يتعاملون مع آبائهم وأمهاتهم عند العطاء بهذا الخضوع والذل. وهذا الذل من أعظم أنواع العز (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ ﴿٢٤﴾ الإسراء) هذا الذل هو من أعظم أنواع العز في الأرض. ولهذا ملوك الأرض والذين فتحوا البلدان والذين قاموا بأنواع من الحضارات والتحضّر أمام والديه كالعبد هذا الذل العبقري الذي هو أعلى قيمة الإنسان العظيم العزيز.
تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله
تم بحمد الله وفضله ترتيب هذه اللمسات البيانية في سورة الحجرات للدكتور فاضل صالح السامرائي والدكتور حسام النعيمى زادهما الله علما ونفع بهما الاسلام والمسلمين و الدكتور أحمد الكبيسى والخواطر القرآنية للأستاذ عمرو خالد وقامت بنشرها أختنا سمرالأرناؤوط فى موقعها إسلاميات جزاهم الله عنا خير الجزاء.. فما كان من فضلٍ فمن الله وما كان من خطأٍ أوسهوٍ فمن نفسى ومن الشيطان.
أسأل الله تعالى ان يتقبل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفعنا بهذا العلم فى الدنيا والآخرة ويلهمنا تدبر آيات كتابه العزيز على النحو الذى يرضيه وأن يغفر لنا وللمسلمين جميعاً يوم تقوم الأشهاد ولله الحمد والمنة. وأسألكم دعوة صالحة بظهر الغيب عسى الله أن يرزقنا حسن الخاتمة ويرزقنا صحبة نبيه الكريم فى الفردوس الأعلى.
الرجاء توزيع هذه الصفحات لتعم الفائدة إن شاء الله وجزى الله كل من يساهم في نشر هذه اللمسات خير الجزاء في الدنيا والآخرة.
*ما الفرق بين (وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (٩٣) النساء) – (وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴿٦﴾ الفتح)(د. أحمد الكبيسى)
عندنا آيتان عجيبة (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴿٩٣﴾ النساء) انتهى يعني حصل قرار ولا رجعة عنه هناك من قتل نفساً بغير نفس هذا قصاص (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ ﴿٤٥﴾ المائدة) وإذا قُتِل القاتل فقد بريء دمه وبريء من الذنب لأن السيف محاء للخطايا القصاص يمحو الذنب.
*في سورة ق (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ (٣٦)) لم عبّر عن الأمم الذين أُهلِكوا بالقرن؟(د. فاضل السامرائى)
ما هو القرن؟ أحد معانيه مائة عام وليس هو المعنى الوحيد. القرن هو القوم من الناس الذين يعيشون في زمن واحد، أي مجموعة من الناس يعيشون في زمن واحد يسمون القرن، في كتب اللغة القرن أهل زمان واحد.
إذا ذهب القرنُ الذي أنت فيهُمُ وخُلِّفت في قرنٍ فأنت غريب
إذا ذهب الناس الذين تعرفهم وعشت بينهم ونشأت بينهم وخلّفت في قوم آخرين فأنت غريب. إذن القرن ليس معناه فقط مائة سنة وإنما هذا أحد معاني القرن. القرن هم القوم المقترون في زمن واحد، الذين يعيشون في زمن واحد.
آية (٣٨):
*ما الفرق بين النصب واللغوب؟(د. فاضل السامرائى)
النصب هو التعب والإعياء واللغوب هو الفتور وهو نتيجة النصب، نيجة النصب يفتر الإنسان. النصب أولاً ثم اللغوب. النصب تعب ثم نتيجة الإعياء يحصل فتور. وقسم من أهل اللغة يفرّق يقولون النصب تعب البدن واللغوب تعب النفس. قال تعالى (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ (٣٨) ق) يعني أيّ فتور. في الجنة قال (الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (٣٥) فاطر). (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ) ما مسنا من لغوب يعني حتى الفتور ما مسّنا فكيف بالنصب؟! الشيء القليل ما مسنا فما بالك بالكثير؟ في التوراة قالوا خلق الله السماء والأرض في ستة أيام ثم تعب فارتاح يوم السبت!.
آية (٤٠):
* ما الفرق بين إدبار وأدبار؟(د. فاضل السامرائى)
*سألناك في حلقة سابقة عن الآية التي استوقفتك طويلاً فهل حدث شيء مثل هذا أثناء كتابة كتاب معاني النحو؟ (د. فاضل السامرائى)
وأنا أؤلف معاني النحو حدثت حادثة غريبة أنا عادة كل موضوع قبل أن أشرع في الكتابة فيه أضع خطة للموضوع ما يتعلق بالمعنى يعني الفاعل، المبتدأ والخبر، أضع خطة لكل موضوع وأكتب فيه إلى أن وصلت إلى لا النافية للجنس أيضاً ضعت الخطة ورجعت للمراجع والقرآن وبدأت أكتب وإذا واحد بالمنام يأتيني وقال هناك مسألة في لا النافية للجنس لم تذكرها، قلت له ما هي؟ قال ما الفرق بين لا رجلَ في الدار وما من رجلٍ في الدار مع أن كليهما لنفي الجنس؟ (من) الإستغراقية لنفي الجنس (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ (١٩) محمد) و (وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (٦٥) ص) كلاهما لنفي الجنس، وما كنت قد فكرت بها أصلاً ولا أدرجتها في الخطة. سألني لم تذكر الفرق بينهما في المعنى فقلت له صحيح وذكرت له الجواب في المنام واستيقظت فقال صح ثم استيقظت فتذكرت السؤال ونسيت الجواب. بدأت أبحث في الكتب ولم تذكر الكتب الفرق بينهما. لا أعلم من الهاتف الذي جاءني في المنام، بقى السؤال في ذهني ولم أذكر ماذا أجبته. رجعت إلى المراجع التي بين يدي فلم أجد، في كتب النحو التي بين يدي لم أجد هذا الجواب فبدأت من جديد أنظر في المسألة رجعت للقرآن من جديد وأفكر وبقيت أكثر من نصف شهر أفكر في المسألة وأقلب فيها ثم اهتديت إلى الجواب فتذكرت أن هذا الجواب هو الذي أجبت الهاتف به.
الرابط بين القتال والتسبيح: التنزيه عما لا يليق والقتال لا يليق كما قالت الملائكة (قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (٣٠) البقرة).
فى إجابة للدكتورحسام النعيمى على نفس السؤال :
طبعاً الفعل الماضي لا يراد به المضي دائماً يعني مضى وانقضى، قد يراد به المواصلة والاستمرار. عندما تُسأل ما شأن فلان؟ تقول: سكن في حارتنا أو محلتنا. سكن فعل ماض يعني هو الآن ليس ساكناً؟ كلا بل تعني والآن ما زال ساكناً. فلما يأتي (سبح لله) يعني هذه الموجودات سبّحت لله سبحانه وتعالى نزهته وقدسته لكنها هي ماضية على ذلك. عندما يكون الحديث حديث يحتاج إلى ذكر للحاضر والمستقبل (للاستمرار للحضور) يعني فيه كلام عن الحضور يستعمل المضارع (يسبح لله). لاحظ في سورة الجمعة قال (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١)) لكن انظر كيف قال (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢) ) الكلام على الرسالة والرسالة حاضرة ومستقبلة. قال (يتلو) ما قال تلا فيسبح تنسجم مع يتلو ويعلّم ويزكيهم ويعلّمهم الكتاب. لما كان الكلام كلاماً على حاضر ومستقبل استعمل الفعل يسبح ولما كان الكلام مطلقاً استعمل الفعل الثابت سبّح. فيها كلام كثير لكن لا تريد أن نطيل الاجابة.
*تقديم الجار والمجرور على الفاعل في قوله (سبح لله ما في السموات والأرض):
التقديم حسب الاهتمام في البلاغة، هل الكلام على الفاعل الآن أو على مستحق التسبيح؟ الكلام على الله وليس على الفاعل لكن يتقدم المفعول على الفاعل لأغراض بلاغية.
نحن عندنا في القرآن الكريم في بعض المواطن هناك تفريق بين المؤمنين والمسلمين بل حتى في الحديث: في حديث سعد بن أبي وقاص لما قال : يا رسول الله أعطِ فلاناً فإنه مؤمن. قال: أو مسلم. فهناك فرق بين المؤمن والمسلم وفي الآية (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ (١٤) الأحزاب) فإذن الإيمان شيء داخلي : ما وقر في القلب وصدّقه العمل. العمل المصدِّق هو الإسلام لأنه لما جاء جبريل - عليه السلام - يعلّم المسلمين أمور دينهم " حدثني أبي عمر بن الخطاب، قال: بينما نحن عند رسول الله ﷺ ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب. شديد سواد الشعر. لا يرى عليه أثر السفر. ولا يعرفه منا أحد. حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فاسند ركبتيه إلى ركبتيه. ووضع كفيه على فخذيه. وقال: يا محمد! أخبرني عن الإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتقيم الصلاة. وتؤتي الزكاة. وتصوم رمضان. وتحج البيت، إن استطعت إليه سبيلا" قال: صدقت. قال فعجبنا له. يسأله ويصدقه. قال: فأخبرني عن الإيمان. قال: "أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر. وتؤمن بالقدر خيره وشره" قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان. قال: "أن تعبد الله كأنك تراه. فإن لم تكن تراه، فإنه يراك". قال: فأخبرني عن الساعة. قال: "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل" قال: فأخبرني عن أمارتها. قال: "أن تلد الأمة ربتها. وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء، يتطاولون في البنيان". قال ثم انطلق. فلبثت مليا. ثم قال لي: "يا عمر! أتدري من السائل؟" قلت: الله ورسوله أعلم. قال: "فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم " الأعمال الظاهرية هي الإسلام والباطن هو الإيمان.
الإجابة: أحسنت، رب العالمين يقول (فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ﴿٣٣﴾ الرحمن) الشياطين وسوسة وأوهام وإيحاءات باطلة هذا الذي طلع على القمر وطبعاً القمر ليس سماء القمر أرض لكن حتى لو وصل إلى السماء بالعلم هو السلطان (فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ) أي سلطان العلم وليس سلطان الوساوس والشياطين وكلامك صحيح ومع هذا نقول للإخوان جميعاً الذي ليده من هذه القدحات الجميلة كما تداخل معنا بعض الإخوان يبعثون لنا على الفاكس حتى نثريها ونعرضها لكي يستفيد منها الناس وحتى لا يتعطل عن البرنامج الذي وضعناه الآيات التي رتبناها وعدلناها وشاركنا اشتركنا مع المشاهدين في عرضها إن شاء الله حتى نعطيها حقها.
آية (٣٩):
*(فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ (٣٩) الرحمن) هذا مغاير لآيات تؤكد سؤال المجرمين عما كانوا يعملون (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦) الأعراف) (وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (٤٤) الزخرف)؟ (د. فاضل السامرائى)
هذه مشاهد من يوم القيامة في مشهد لا يتكلمون ولا يُسأل أحد وإنما صمت عام يبقى الناس أربعين ألف سنة لا يتكلمون ثم بعد ذلك يكون السؤال والجواب. إذن هي مشاهد قبل الحساب في المشهد الأول لم يتكلم أحد (وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا (١٠٨) طه) والملائكة لا يتكلمون، هذا المشهد ليس فيه كلام يبقى الناس لا يتكلمون ثم يذهبوا إلى آدم وحتى يقول البعض اللهم أرحنا من هذا ولو إلى النار.
آية (٤٦):
*(وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (٤٦) الرحمن) (وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (٦٢)) هل يمكن شرح مفصل للآيتين؟(د. فاضل السامرائى)
أقسم بالطور وما إلى ذلك (إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (٧) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (٨) يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (٩) وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا (١٠) فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١١)) وفي آخرها (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (٤٤) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (٤٥)) هذا الذي ذكر عذاب ربك لواقع هذا ذكره في الأول فذرهم حتى يلاقوا يومهم فيه يصعقون اليوم الذي ذكره في الأول (يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٦) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٤٧)) (فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١١)).
*****تناسب خواتيم الطور مع فواتح النجم *****
مفرشي صهوة الحصان (المكان الذي يوضع عيله السرج) أي أنا هناك حتى من غير سرج ولكن قميصي (القميص مذكّر) مسرودة بالحديد (مؤنث). كيف يقول المتنبي قميصي مسرودة؟ قال: هو ما أراد القميص وإنما أراد أن يقول قميصي درعٌ مسرودة من حديد فحذف الموصوف وأبقى الصفة على غرار الآية : وحملناه على فلك هي ألواح ودسر.
أنزل ونزّل قسم غير قليل يفرق بينهما أنه نزّل تفيد التدرج والتكرار وأنزل عامة ويستدلون بقوله تعالى (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ (٣) آل عمران) وقالوا لأن القرآن نزل منجماً مفرقاً والتوراة والانجيل أنزلتا جملة واحدة فقال أنزل. ردوا التدرج بقوله تعالى (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً (٣٢) الفرقان)لأن أنزل عامة سواء كان متدرجاً أو غير متدرجاً، كلمة أنزل لا تختص بالتدرج ولا بدون تدرج. السؤال يقولون الإنزال عام لا يخص التدرج أو غير التدرج لكن التنزيل هو الذي يخص التدرج، نزّل الذي فيه التدرج (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١) القدر) أنزلناه من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا جملة واحدة، هناك مراحل لنزول القرآن الكريم من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا ثم نزل منجماً. ردوا التدرج في نزّل التدرج في نزّل وقالوا (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً (٣٢) الفرقان) هذا ليس فيه تدريج (لولا هنا من حروف التحضيض). لكن الذي يبدو أن الفرق بين نزّل وأنزل أنه نزّل تفيد الاهتمام نظير وصى وأوصى وكرّم وأكرم ففي المواطن التي فيها توكيد واهتمام بالسياق يأتي بـ (نزّل) والتي دونها يأتي بـ (أنزل).
إذن الفاكهة إسم جنس والفواكه جمع وإسم الجنس هنا أعمّ من الجمع. حتى في الجمع لما يذكر فاكهة معناها أكثر وأشكل وأعم من فاكهة حتى في الجنة مثل في الصافات قال (فَوَاكِهُ وَهُم مُّكْرَمُونَ (٤٢) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٤٣)) وفي الواقعة (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (١٢) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (١٤) عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (١٥) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (١٦) يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (١٧) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (١٨) لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (١٩) وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ (٢٠)) مع السابقون قال (وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ) كثير ومن دونهم قال (فواكه) هذا متعلق بالدرجة أيضاً.
آية (٤١):
انظر آية (٨). ؟؟؟
آية (٤٣):
*ما الفرق بين حميم ويحموم؟(د. فاضل السامرائى)
الحميم هو الماء الحار (وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ (١٥) محمد) من حمّ والحمّى. والحميم يأتي من الشيء وضده حتى أنه يستعمل للماء البارد أيضاً (مشترك لفظي). اليحموم هو الدخان الأسود الشديد السواد (وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ (٤٣) الواقعة).
آية (٤٧):
*ما الفرق بين (مِتم) بكسر الميم و(مُتم) بضم الميم؟(د. حسام النعيمى)
فخانتاهما) الخيانة هنا عدم التصديق بهما وليس عمل الفاحشة والخيانة بهذا المفهوم استعمال حديث. الخيانة في القرآن وردت بمعنى خيانة الأمانة وغيرها (إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ (٥٨) الأنفال) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٧) الأنفال) أما في الاستعمال الحديث فصار مصطلحاً حتى الذي يتزوج أخرى يقال خان فالخيانة عدم الأمانة.
* لماذا جاءت لفظة إمرأة بدل زوجة في آية سورة التحريم (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (١٠))؟ (د. حسام النعيمى)
جاء في (روح المعاني): "واختار ضمير التجارة دون اللهو، لأنها الأهم المقصود، فإن المراد ما استقبلوا به العير من الدف ونحوه. أو لأن الانفضاض للتجارة مع الحاجة إليها والانتفاع بها إذا كان مذموماً، فما ظنك بالانفضاض إلى اللهو وهو مذموم في نفسه.
(خير من اللهو ومن التجارة) وتقديم اللهو ليس من تقديم العدم على الملكة كما توهم، بل لأنه أقوى مذمة فناسب تقديمه في مقام الذم. وقال ابن عطية: قدمت التجارة على اللهو في الرؤية لأنها أهم وأخرت مع التفضيل، لتقع النفس أولاً على الأبين.
وقال الطيبي: قدم ما كان مؤخراً وكرر الجار، لإرادة الإطلاق في كل واحد واستقلاله فيما قصد منه، ليخالف السابق في اتحاد المعنى، لأن ذلك في قصة مخصوصة.
*ما اللمسة البيانية في قوله تعالى في سورة الجمعة (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴿١١﴾ )و ما دلالة تقديم التجارة واللهو مرة وتأخيرها مرة أخرى؟ (د. فاضل السامرائى)
هذه حادثة واقعة جاءت عير المدينة فكان في يوم الجمعة والرسول - ﷺ - يخطب والتجارة كان يُضرَب لها بالدفوف إشعاراً بمجيئها فانفض معظم الناس وتركوا الخطبة وتركوا الصلاة والرسول - ﷺ - يخطب، إذن التجارة التي كانت سبب الإنفضاض وليس اللهو لأن ضرب الدفوف كان بسبب التجارة وإشعاراً بأنها جاءت (اللهو هنا هو ضرب الدفوف).
سؤال: ألا تقتضي (أو) أن ما بعدها يغير ما قبلها؟
حيث ورد ذكر الرسول ﷺ يُفكّ الإدغام (يشاقق) كما في قوله تعالى ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِقِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴿١٣﴾ الأنفال) وقوله تعالى ( وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً ﴿١١٥﴾ النساء) وحيث أُفرِد الله تعالى تستخدم (يشاقّ) كما في قوله تعالى ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴿٤﴾ الحشر).
د. حسام النعيمى :
آيات التوبة (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٣٠) اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣١)) إتخاذ الأحبار والرهبان من دون الله وذكرنا سابقاً قصة عدي بن حاتم الطائي الذي كان يتصور أن العبادة هي بمعناه اللغوي فجاء في الحديث عن عدي بن حاتم الذي قال فيه للرسول - ﷺ - : يا محمد إنهم لم يعبدوهم كيف تقول (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ)؟ فالرسول - ﷺ - يبيّن له مفهوم العبادة في الإسلام فقال بلى أحلّوا لهم الحرام وحرّموا عليهم الحلال فاتّبعوهم فذلك عبادتهم إياهم. عندنا مصطلحات صار لها مفهوم آخر في الإسلام الصلاة في الإسلام لها معنى غير معناها اللغوي والزكاة معناها النمو لكن في الإسلام لها مفهومها الخاص فلما قال هم لا يعبدوهم قال - ﷺ - بلى أحلّوا لهم الحرام وحرّموا عليهم الحلال فاتّبعوهم فذلك عبادتهم إياهم. هذا التحريف إذن كان في منهجهم هم فلما كان التحريف في منهجهم هذا نوع من محاولة إطفاء نور الله أي دين الله ويأبى الله إلا أن يتم نوره بإرسال محمد - ﷺ - بقوله (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٣٣)) فلما يظهر على جميع الأديان الأخرى وهو الدين الصادق الصحيح النقي عند ذلك لفظهم بأفواههم لا يجدي نفعاً فما كان هناك حاجة إلى توكيد.
إعقلها وتوكل): معناه إتخذ الأسباب وتوكل. الأسباب لا بد من إتخاذها لذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما وجد أُناساً في المسجد في غير وقت الصلاة سألهم: ما تصنعون؟ قالوا: نحن المتوكلون على الله ويأتينا رزقنا، قال: بل أنتم المتواكلون إن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة. وأمرهم بالسعي والعمل. في قوله تعالى لمريم عليها السلام (وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنيا) هي ولدت حديثاً تحتاج إلى الرطب الحلو هي لا تستطيع أن تعمل وتحتاج إلى الرطب، كان الله عز وجل وهو قادر على أن ينزل عليها الرطب كرماً لها وقد جاءها بالغذاء لما كان يسألها زكريا (أنّى لك هذا قالت هو من عند الله) ذاك كان من غير سعي، الله تعالى كان يرزقها من غير سعي لكن (وهزي إليك بجذع النخلة) أنت تريدين وتحتاجين إلى رطب والرطب لا ينزل لوحده فينبغي أن تعملي وإن كان عملك في الحقيقة لا يؤدي إلى هز جذع نخلة ورجل بكامل قوته لا يستطيع أن يهز جذع نخلة فما بالك بإمرأة ضعيفة فما بالك وهي ولدت حديثاً؟ لكن القرآن الكريم يريج أن يعلمنا أنه ينبغي أن نقدم الأسباب، لا بد من سبب وإن كان ضعيفاً لكن حتى لا نتعبّد بالأسباب وننظر إلى أن السبب هو الفاعل أعطانا مثالاً لمريم كأن يأتيها الرزق وهي في مكانها من غير أن تقدم سبباً يأتي حتى لا نتعبد بالأسباب. فلا نقول السبب هو الفاعل وإنما الفاعل هو الله سبحانه وتعالى. فإذن التوكل غير التواكل: التوكل أنك تحسب الأمور حساباً دنيوياً هذا يكون كذا وهذا يكون كذا أفعل كذا وأفعل كذا ثم تعتقد يقيناً أنه لن يكون هناك نتيجة إلا بتوكلك على الله تعالى وإلقاء الأمر إليه جلّت قدرته أنه يا رب هذا كل ما أستطيعه والأمر إليك من قبل ومن بعد حتى يبقى المسلم وثيق الصلة بقدر الله سبحانه وتعالى لا ينفك عنه دائماً.
وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴿١٣﴾ المجادلة) و(وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴿١٢﴾ التغابن) وهذا ما جرى عليه القرآن كله كقاعدة عامة.
آية (١٩):
*لماذ استخدم فعل استحوذ في قوله تعالى (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (١٩) المجادلة) ولماذا لم تطبق القاعدة فيقول استحاذ على القياس؟(د. حسام النعيمى)
إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (٢) الممتحنة) هذه حالهم فكيف تسالمونهم؟ ثقِفَه بمعنى إستولى عليه أو حصل عليه. حتى في العامية نستعمل كلمة قريبة من ثقف وهي (لقف) نقول لقفه أي حصل عليه كأنه يُمسِك به. (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) هذه المودة في قلوبهم، هذه الرغبة والحرص الشديد على كفر المسلمين ويريدون ـأن يعيدوكم إلى ملّتهم.
ثم إن طلب التأخير يأتي رأساً بلا مهلة، ففي ساعة الموت وعند حضوره يطلب التأخير ليسلك سبيل الصالحين، ولو جاء بـ (ثم) لما أفاد ذاك، بل يفيد أن طلب ذاك إنما يكون بعد مهلة وتراخ، وكذلك الواو لا تفيد ما أفادته الفاء.
٨ـ ثم انظر كيف ناسب المجيء بالفاء الدالة على قصر الوقت حذف حرف النداء، فقال: (رب) ولم يقل: (يا رب) لأن الوقت لم يعد يحتمل التضييع في الكلام فيأتي بـ (يا) بل يريد أن يستعجل في طلبه، فيختصر من الكلام ما لا حاجة له به ليفرغ إلى مراده.
٩ـ جاء بـ (لولا) فقال: (لولا أخرتني) ولم يقلك (لو أخرتني) لأن (لولا) أشد في الطلب من (لو) وقائلها أكثر إلحاحاً من قائل: (لو) فإن (لو) تكون للطلب برفق، وأما (لولا) فتكون للطلب بشدة وحث، ومعنى ذلك أن ما هو فيه يستدعي الإلحاح في الطلب، وأن يجأر به وأن يأتي بما هو من أشد أدوات الطلب قوة، كما أنها من أدوات التنديم وفيها تنديم للنفس على ما فرط، ولو جاء بـ (لو) لفاد العرض الخفيف.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، إن (لو) قد تفيد التمني، والتمني قد يكون ميئوسا منه ليس لصاحبه فيه مطمع نحو (لو يعود الميت إلى الحياة، فيخبر الناس بما هو فيه) في حين أن هذا القائل ليس متمنياً، بل هو طالب للعودة، سائل لها فلو جاء بـ (لو) لأفاد أن هذا من باب التمني الذي يتمناه الإنسان، ولا يرجو وقوعه كقول القائل: (ألا ليت الشباب يعود يوماً) والتمني قد يكون في حال العافية كما يكون في غيرها في حين أن هذا طالب للتأخير وليس متمنياً.
وفي هذه الآية من سورة الإنسان قدّم تعالى السمع والبصر على الهداية فبعد أن قال تعالى (فجعلناه سميعاً بصيرا) قال (هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفورا)لأن السمع والبصر يوصلان المعلومات إلى العقل وبدونهما تتعسّر الهداية والأحكام في الغالب تأتي بما يقدمه السمع والبصر فهما إذن أي السمع والبصر سبيل للوصول إلى الهداية وسبيل العقل لفهم المعلومات. ومن الملاحظ أنه تعالى لم يفصل بين السمع والبصر بالواو كأن يقول (سميعاً وبصيرا) أنما جاءت الصفتان متصلتان (سميعاً بصيرا) لئلا يُفهم أنه تعالى خلق الإنسان على نوعين منهم من يسمع ومنهم من يُبصر.
وهنالك أمر آخر في هذه الآية أيضاً وهو لماذا استخدم صيغة المبالغة (سميعاً) ولم يستخدم (سمّاع) مثلاً؟
هم يفرّقون بين الرُشد والرَشَد، الرُشد معناه الصلاح والاستقامة وهم قالوا الرُشد يكون في الأمور الدينية والدنيوية، في أمور الدين وفي أمور الدنيا، في الأمور الدنيوية والأخروية والرَشد في أمور الآخرة، يعني الرُشد يكون في أمور الدنيا والآخرة والرَشَد في أمور الآخرة. في القرآن ورد الرُشد (وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا (٦) النساء) أمر دنيوي، (قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (٦٦) الكهف) أمر دنيوي موسى تتبع الرجل الصالح، (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ (٢٥٦) البقرة) و (وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً (١٤٦) الأعراف) إذن الرُشد يستعمل في أمور الدنيا والدين. أما الرَشد فالكثير أنه يستعمل في أمور الدين أكثر ما يكون في الدين (فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (١٠) الكهف) (وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (٢٤) الكهف) أغلب ما تستعمل في أمور الدين، أما الرُشد فهي عامة. هذا ما قاله قسم من اللغويين وإن كان قسم قالوا أن هاتان لغتان لكن هما في القرآن هكذا، يستعمل الرُشد في أمور الدنيا والدين والرَشَد في أمور الدين. قسم قالوا هذه لغة ولكن قسم قالوا هذا من خصوصيات الاستعمال القرآني.
*قال تعالى (يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ (٢) الجن) وفي الأحقاف قال تعالى (يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ (٣٠)) فما الفرق بين الرُشد والحق؟ وكيف نفهم اللمسات البيانية في الآيتين؟
بدأت بعقوبة المكذبين بالحاقة والقارعة في الدنيا (الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ (٢) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ (٣) كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (٤)) ثم ذكر إهلاك ثمود وعاد (فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (٥) وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (٦)) ثم ذكر الحاقة وأحوالها المؤمنين والمكذبين بها (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (١٩)) (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (٢٥)). إذن قال في أولها (كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (٤)) ثم ذكر عاقبتهم وفي الآخر قال (وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (٤٩)) وهم كذّبوا، (كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ) فأهلناكم (فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (٥) وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (٦)) (وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (٤٩) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ (٥٠)) عاقبتهم الحسرة، أولئك أهلناكم وأنتم عاقبتكم الحسرة.
*****تناسب خواتيم الحاقة مع فواتح المعارج*****
الحاقة كلها تتكلم عن يوم القيامة من بدايتها (الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ (٢)) إلى آخرها (وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (٤٩) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ (٥٠)) وفي المعارج (تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (٤)) هي نفسها، فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة هذا يوم القيامة يوم تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، هذه نفسها.
خُشّع هذا الجمع على وزن فُعّل. والخشوع هو الإنكسار والذلة ويكون للإنسان عموماً وللقلوب وللأبصار والوجوه (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (٢) الغاشية) يظهر فيها الذلة والإنكسار، (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢) المؤمنون) خشوع عام في القلب والجوارح. خُشّع جمع مفردها خاشع مثل سُجّد ساجد. قال خاشعة أبصارهم وخشّعاً أبصارهم، في الايتين في السؤال (خاشعة أبصارهم) (خشعاً أبصارهم) خشع جمع على وزن فعل هذا الوزن يفيد التكثير والمبالغة نظير قولنا في المبالغة مثل قُلّب، نقول هذا رجُل قُلّب أي كثير التقلب وسريع التقلب، وبَرْق خُلّب أي ليس فيه مطر، ورجُل حُوّل أي كثير التحوّل. هذه من صيغ المبالغة وهي أكثر من فُعَلة هُمزة لُمزة. في المفرد من صيغ المبالغة، هذه جمع خشعاً ابصارهم أي فيها مبالغة الخشوع. هذا المعنى اتضح الفرق بين خاشع وخُشّع، خاشعة إسم فاعل وخُشّع هي جمع يفيد التكثير ومفرده في الأصل على وزن فُعل يفيد المبالغة والتكثير مثل خُلّب وقُلّب.
والعاجلة يؤثرها بنو آدم على وجه العموم، ويقدمونها على الآخرة وارتباطها بما قبلها وهو قوله تعالى: (لا تحرك به لسانك لتعجل به) ظاهر فكلتاهما في العجلة وإيثارها، فالرسول eكان ينازع جبريل القراءة ولا يصبر حتى يتمها ليأخذه على عجل، والناس على وجه العموم يؤثرون العاجلة على الآخرة، فهو طبع عام في البشر خلقوا عليه كما قال تعالى: (خلق الإنسان من عجل) [الأنبياء] فالموضوع إذن موضوع واحد هو العجلة.
وكلاهما يتعجل ما هو أثير لديه ومفضل عنده.
جاء في (الكشاف) في قوله تعالى: (كلا بل تحبون العاجلة)، كأنه قال: بل أنتم يا بني آدم لأنكم خلقتم من عجل وطبعتم عليه تعجلون في كل شيء ومن ثم تحبون العاجلة: (وتذرون الآخرة)... فإن قلت: كيف اتصل قوله: (لا تحرك به لسانك) إلى آخره بذكر القيامة؟ قلت: اتصاله به من جهة التخلص منه إلى هذا التوبيخ بحب العاجلة وترك الاهتمام بالآخرة.
وجاء في (روح المعاني) في هذه الآية: "كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة) تعميم الخطاب للكل كأنه قيل: بل أنتم يا بني آدم لما خلقتم من عجل وجبلتم عليه تعجلون في كل شيء ولذا تحبون العاجلة وتذرون الآخرة ويتضمن استعجالك، لأن عادة بني آدم الاستعجال ومحبة العاجلة... ومنه يعلم أن هذا متصل بقوله سبحانه: (بل يريد الإنسان ليفجر أمامه) فإن ملوح إلى معنى: بل تحبون الخ".
إن هذه الآية كما هو واضح مناسبة لجو العجلة التي بنيت عليها السورة، وهي متصلة ـ كما مر بنا ـ بقوله تعالى: (بل يريد الإنسان ليفجر أمامه) فإن الإنسان يسوف بتوبته ويغره أمله ويؤثر ما بين يديه ويغمس نفسه في شهواته، ويستحب عاجل حياته ولا ينظر فيما وراء ذلك من أمور الآخرة، فهي متصلة بما قبلها وبقوله: (بل يريد الإنسان ليفجر أمامه) أتم اتصال.
كما أنها متصلة بالنفس اللوامة التي بنيت عليها السورة اتصالاً ظاهراً بالنفس اللوامة كما ذكرنا تلوم نفسها لأحد سببين:
بدأها بالقسم (وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا (١)) وقال (إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ (٧)) ثم ذكر من أحوال يوم القيامة (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (٨) وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ (٩) وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ (١٠) وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (١١)) ثم أنذر (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٥)). المرسلات قسم يقول الملائكة وقسم يقول الريح ومصدرها مرسلة وهي إسم مفعول. ثم نلاحظ أن هذه السورة أيضاً بدأت بيوم القيامة بأحواله (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (٨) وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ (٩) وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ (١٠) وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (١١)) ثم ختمت بما يحدث يوم القيامة للمكذبين والمؤمنين (هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (٣٥)) (هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (٣٨)) ثم (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ (٤١)) ذكر ما يحصل في هذا اليوم (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ) ثم ختمها بما يحصل للمكذبين والمؤمنين (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ (٤١)) (هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (٣٨) فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (٣٩)) ذكرها في الأول والآخر. هي أصلاً في الإنسان من بدايتها إلى نهايتها، في بدايتها (أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (٢٠)) وفي نهايتها (هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (٣٥) وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (٣٦)) أو (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ (٤١)) طائفتين وعلى الإنسان أن يختار وتستمر اللازمة (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) من أولها إلى آخرها.
*****تناسب خواتيم المرسلات مع فواتح النبأ*****
٦- ناسب ذكر العهن المنفوش أيضاً قوله في آخر السورة :(نار حامية) لأن النار الحامية هي التي تذيب الجبال، وتجعلها كالعهن المنفوش، وذلك من شدة الحرارة، في حين ذكر صفة النار في المعارج بقوله :(كلا إنها لظى * نزاعة للشوى). والشوى هو جلد الإنسان. والحرارة التي تستدعي نزع جلد الإنسان أقل من التي تذيب الجبال، وتجعلها كالعهن المنفوش، فناسب زيادة (المنفوش) في القارعة من كل ناحية. والله أعلم.
٧- كما أن ذكر النار الحامية مناسب للقارعة من ناحية أخرى، ذلك أن (القَرَّاعة) – وهي من لفظ القارعة – هي القداحة التي تقدح بها النار.
فناسب ذكر القارعة، ذكر الصوف المنفوش، وذكر النار الحامية، فناسب آخر السورة أولها.
وبهذا نرى أن ذكر القارعة حسَّنَ ذكر (المبثوث) مع الفراش، وذكر (المنفوش) مع الصوف، وذكر النار الحامية في آخر السورة. والله أعلم.
آية (١١-١٤):
*ما اللمسة البيانية في قوله تعالى (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (٣٦) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (٣٧) عبس)؟ ولماذا اختلف الترتيب مع آية سورة المعارج (يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (١١) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (١٢) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (١٣) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ (١٤))؟(د. فاضل السامرائى)
وأما سورة الأنعام فإنها يشيع فيها التحذير والتهديد والتوعد وليس فيها مشهد من مشاهد الجنة وإنما فيها صور غير قليلة من مشاهد النار. كما أن السورة لم يرد فيها إسم (الرحمن) على طولها في حين ورد فيها إسم (الله) تعالى (٨٧) سبعاً وثماني مرة فناسب كل تعبير مكانه.
آية (١٠):
*(وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (١٠) الملك) ما دلالة استعمال (في) بدل (من) في الآية؟ وفي نفس الآية (لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ) لماذا لم يقل لو كنا نبصر؟ هل لأن السمع يأتي بعد الدعوة مع أن القرآن الكريم حينما يريد أن يؤكد على الإعجاز يذكر إن في ذلك لآيات لقوم يبصرون؟(د. فاضل السامرائى)


الصفحة التالية
Icon