هذه الكلمة الأعجوبة (أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه) بعد الكفر بعد الشرك بعد قتل النفس بعد الزنا بعد أكل الحرام ومع هذا يبدل الله سيئاتهم حسنات ولهذا رب العالمين يبتلي العبد لكي يرى تضرعه استغفار مع البكاء (فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (٤٢) الأنعام). حينئذ أنين المتضرعين أحب إلى الله من زجل المسبحين. إذن أول جريمة على هذه الكرة الأرضية أكل مال الحرام وأول عبادة أطفأت غضب الله تماماً هي الاستغفار والتوبة. من أجل هذا بعد معصية آدم وثار غضب الله عليه (وقلنا اهبطوا) أنت عصيتنا وقلنا اهبطوا وفعلاً هبطوا من مكان لمكان والمفسرون لهم في هذا أحكام، قطعاً الجنة جنة أرضية فيها من الخير ما يكفي الإنسان بكل حاجاته وقد يكون هبط من مكان إلى مكان من قمتها إلى ساهلها إلى أبوابها الخارجية هذا الهبوط الأول (وقلنا اهبطوا)، ثم بعد هذا بعد أن استغفر وتاب بعد يومين أو ثلاثة أو أربعة تضرع آدم وحواء واستغفروا (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا) أنت وعيالك وذريتك (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (١٧٢) الأعراف) كان يمكن أن يجعل الله تعالى لكم كلها كهذه الجنة فيها ما تشتيهه الأنفس وتلذ الأعين لكنكم أنتم عصيتم ولهذا الطرد الأول كان عنيفاً والثاني كان هداية (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٨)).
الآيات التي في سورة آل عمران في هذا الموضع فيها نوع من التنويع والتلوين بين الإفراد والجمع وبين الحاضر والغائب لكن لكلٍ موضعه. ننظر في الآيات يبدأ بقوله تعالى (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٥٥)) لمّا يقول: (إذ قال) قال للغائب لكن حينما نسمع (إذ قال الله) الله عز وجل حاضر في القلب دائماً فهو حاضر في قلبك عندما تقول الله الحضور دائم فصار عندك: قال للغائب والله حاضر فلوّنت العبادة بين غائب وحاضر. (يا عيسى إني متوفيك) إنّي هنا الإفراد لأن هذا أمر لا يُنسب إلا لله عز وجل.(وجاعل الذين اتّبعوك) نشدد على كلمة (اتبعوك) حتى لا تُفهم خطأ: الذين اتبعوك اي الذين اتبعوا عيسى بمبادئه التي جاء فيها وليست المحرّفة فالكلام عن الذين اتبعوه قبل التحريف. (ثم إليّ مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون) الذي هو خلاف أمته. (فأما الذين كفروا فأعذبهم عذاباً شديداً في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين) لاحظ الحضور المتكلم الحاضر لماذا؟ لأن العذاب دنيا وآخرة.
والهدى قسمين قد يكون ظاهراً وقد يكون باطناً، ظاهراً في الكتب ورب العالمين سمى الكتب هدى التوراة والنجيل والقرآن هدى ورحمة، والهدى الظاهر أدلاء الطريق (إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (١٠) طه) من يهديه وذكر النجوم (وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥) وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (١٦) النحل) هذا هدى ظاهر والهدى الباطن هو توفيق الله وما يقذفه من نور في قلب الإنسان (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (١٣) الكهف) (وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى (٧٦) مريم) (وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا (١٣) السجدة) وقوله (ولا كتاب منير) هذا كتاب ظاهر مقروء. إذن نفى عناصر الجهل وتدرج في ذكر العناصر من الباطن إلى المشترك إلى الظاهر، الباطن هو العلم والمشترك هو الهدى والباطن هو الكتاب. ثم وصف الكتاب بأنه منير لم يقل فقط ولا كتاب لأن هؤلاء قد يرجعون إلى كتب غير منيرة (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ (٦) لقمان) وقد يرجعون إلى الكتب المحرفة، إذن كلمة منير أفادت أنها حددت كتاب الله. علاقة منير بالوصف الذي قبله من الجهل المركّب الذين هم فيه أنهم في ظلمات ويخرجهم من الظلمات إلى النور. واللطيفة أن هذه المجادلة في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير هي أنكر المجادلات وهي مثل أنكار صوت الحمير فمن اللطيفة أن تكون بعدها، فهي مناسبة لما قبلها. جعل كلاهما من المستنكرات المستنكر في العقول أن يرفع الإنسان صوته والمستنكر في الجدال والنقاش أنه بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير.
لماذا هذه الهجمة الشرسة على القرآن هذه الآيام؟ الهجمة الشرسة على القرآن ليست في هذه الأيام وإنما تزيد وتنقص وهي منذ بداية نبوة محمد - ﷺ - وهي ماضية إلى يوم القيامة ولا نتوقع أن يأتي زمان لا يكون هناك من لا يحارب الدين. لكن أن يكون هناك إستغلال لغفلة المسلمين ولإنشغال المسلمين بأمور فتبدأ الحرب على الإسلام بأشكال مختلفة. بعض إخواننا يتحدث عن بعض الناس الذين أتخذوا لأنفسهم منهجاً خاصاً في الفقه هؤلاء لم ينشروا الإسلام في أي بلد كافر من وجودهم في التاريخ ولكن دائماً شغلهم في تحويل المسلمين من عقيدة أهل السنة والجماعة إلى فقههم، هذا شغلهم وعلى قول أحدهم يصيدون السمك من المقلاة! ولا يذهب لصيد السمك، الهند مفتوحة إذهب وادعُ الناس فيها للإسلام! لا نتوقع أن تتوقف الهجمة في أي وقت لكن على الناس أن ينتبهوا إلى ذلك وهو ليس فقط مسألة أسلوب القرآن الكريم وإنما الذي لا يعرف أسلوب القرآن الكريم ولا يعرف أساليب العربية يعرف على الأقل أحكام الشرع ويوازن بين أحكام الشرع والقوانين الوضعية، بين الأحكام الشرعية التي تضمن الخلق النظيف والمجتمع النظيف المتآخي المتواصل وهذه النظم التي تخاف من القانون فإذا غفل عنها القانون فعلت ما لا يفعله الشيطان. المجتمع المسلم مجتمع طاهر نقي نظيف من خلال تعاليم هذا الدين. العرب الآن الذين هم من أعراق عربية لم يعد لديهم ذلك الذوق العربي صرنا نتعلم العربية بحيث إذا سمعت إثنان عراقيان يتحدثان لا يفهمها الجزائري وإذا سمعت إثنان من المغرب يتحدثان أنت لا تفهمهما، فنحن إبتعدنا لذا نقول هذا الكلام هي لمسات للتذكير بهذه المعاني البيانية في كتاب الله عز وجل أما الإيمان والثبات فعلى شرع الله سبحانه وتعالى ومعرفة ما شرّعه الله سبحانه وتعالى.
آية (٣٧):
*مداخلة لأحد المشاهدين حول إجابة الدكتور السامرائي :
هذا العشق هو الإسلام النهائي الذي إذا وصلته فأنت مع (النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴿٦٩﴾ النساء) ولكن هذا ليس بالكلام، هذا بتربية دقيقة ومجاهدة النفس على عدم حب الشهرة وعدم حب المال وهيهات هيهات هذا كلام لكن الله لله من هؤلاء في كل قطر واحد اثنين بهؤلاء ينصر الناس وبهؤلاء يدفع الله البلاء عن الناس وبهؤلاء تتم النعم وبهؤلاء يتم العدل في الأرض لكنهم قلة حينئذٍ كلمة أسلم في البداية مجرد أن تقول لا إله إلا الله في النهاية استسلام وتسليم كامل واقرأ سيرة الصالحين من الأنبياء، يعني أنت عندما تقرأ قصة سيدنا أيوب هذا كم سنة والعذاب يجري عليه بشكل خيالي وهو سعيد بهذا والناس نبذوه في الصحراء ولا أحد يتقرب منه وزوجته رحمة رضي الله تعالى عنها تخدمه ليس معه أحد غيرها ومرة من المرات قالت له: يا أيوب أما آن ربك أن يشفيك؟ قال: أتعرضين على حبيبي والله لأن شفاني الله لأضربنك مائة سوط وفعلاً شفاه الله وقال له (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴿٤٤﴾ ص) كم واحد الله يقول له نعم العبد؟ والله هذا الذي يقول الله له نعم العبد أنت هذا كيف يتحملها الإنسان هذا؟.
آية (٧١):
*(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ (٧١) النساء) الأخذ هو أن تتناول شيئاً في يدك فكيف يأخذ الإنسان حذره؟ ولِمَ عدل عن أصل الفعل "يا أيها الذين آمنوا إحذروا"؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
في استعمال العقل خذوا حذركم استعارة لتوضيح شدة الحذر وملازمته لأن حقيقة الأخذ تناول الشيء الذي كان بعيداً عنك وكما كانت الغفلة والنسيان يشبهان البعد والإلقاء كان التذكّر والتيقّظ يشبهان أخذ الشيء بعد إلقائه.
*(ورتل القرآن ترتيلاً):
في سورة الحج: المجال في سورة المائدة مجال دعوة. في مجال الدعوة: الذين آمنوا صنف وهؤلاء المدعوون صنف آخر. في الحج الكلام على الفصل يوم القيامة فإذا كان عندك مجموعات تريد أن تفصل بينهم ولله المثل الأعلى ستجعلهم كتلةواحدة وتجمعهم جمعاً واحداً ثم تفصل بينهم أما ابتداء تفصل؟ إذن أنت فصلت من الأول. لاحظ الآيات في سورة الحج: لم يتكلم عن اليهود والنصارى وبالمناسبة الحقيقة الصابئون فيها كلام هل هم نوع من الموحدين خلطوا من اليهود والنصارى والعرب؟ هذا قول، وقول يقول هم من أتباع يحيى ابن زكريا لكن القول الراجح ولذلك سننظر في التقديم والتأخير لأنهم متأخرين في اليهود والنصارى وحاولوا أن يجمعوا من هؤلاء وهؤلاء لكن يرد ذكرهم بين اليهود والصارى لبيان الموقع الاعرابي وللفصل بين اليهود والنصارى ولا كما يقول النصارى ولا كما خُدِعوا بأنهم يهود مع تغيير طفيف لأن عندهم الكتاب المقدس وعند المسلمين أن النصارى الكتاب المقدس عندهم وحده. هم عندهم الكتاب المقدس: (العهد القديم) التوراة و(العهد الجديد) الانجيل ويعبدون الله بالتوراة كما نعبد نحن بالسور المكّية وهذا حوّل المسيحي المتدين الى صهيوني لأنه يعبد الله بالتوراة والتوراة فيها ما فيها.
السبيل هو الطريق السهل الذي فيه سهولة والصراط هو أوسع الطرق الطريق المستقيم وهو أوسع الطرق ولذلك لا يُجمع في القرآن (في اللغة يمكن أن يجمع مثل كتاب كتب). إذن الصراط هو الطريق المستقيم وهو أوسع الطرق ولم يرد في القرآن إلا مفرداً لأنه يُراد به الإسلام (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ (١٥٣) الأنعام) السبيل يجمع على سبل، يأتي مفرداً ويأتي جمعاً لأنها سهلة ميسرة للسير فيها. طرق الخير تجمع وطرق الشر تجمع (يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ (١٦) المائدة) طرق الخير، (وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ) هذه طرق الشر وتستخدم سبل للخير والشر أما الصراط هو أوسع الطرق أياً كان (مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (٢٣) الصافات) هو أوسع الطرق. ويأتي الصراط دائماً موصوفاً ومضافاً يدل على أن هذا طريق الخير وذاك طريق الشر. إذن الصراط الطريق الواسع والسبيل الطريق المنبثقة عنها، الطرق المتفرعة عن الصراط لذلك تجمعه سبل الخير، سبل الشر. السبيل عام وفيه معني السعة وكما قال الزمخشري سمي الصراط لأنه يسرط السالكين ويبلعهم، كم يسلكون الصراط يبلعهم. أصلها سراط بالسين من سرط ولكن أيضاً تقال صراط بالصاد لكن أصل الكلمة بالسين (سراط) وقد تكتب بحسب اللفظ. أصلها من سرط أي ابتلع لأنه يبتلع السالكين صراط يربطونها بستريت (straight) مستقيم وستريت (street) بالإنجليزية. اللغة العربية هي أقدم اللغات الموجودة المستعملة وليس هناك لغة أقدم منها وهناك بعض اللغات التي اندثرت.
آية (١٥٧):
*انظر آية (٤٦). ؟؟؟
انفجر بالماء الكثير. من ناحية اللغة (وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً) موسى ضرب الحجر لكنه لم يقل فضرب إذن الكلام محذوف وهو مفهوم ولكن لم يذكره. كذلك (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا) لم يقل معها ضرب إذن معناه هنالك تُختزل جُمَل بحسب الحالة مثل (فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا (٣٦) الفرقان) وكذلك في النمل (اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (٢٨) قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (٢٩)) إذن هناك اختزال، هناك قال انفجرت ثم عصوا ربهم فانبجست وهذا الأمر في القرآن كثير.
*د. أحمد الكبيسى :
الايتاء يكون لامور مادية وغيرها (الملك، الحكمة، الذكر) اما العطاء فهو خاص بالمادة. والايتاء اوسع من العطاء واعم والعطاء مخصص للمال. والايتاء قد يشمله النزع والعطاء لا يشمله النزع. (آتيناه آياتنا فانسلخ منها) (يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء) وقد لا يستوجب الايتاء لشخص ما ان يتصرف بما اوتي اما العطاء فلصاحبه حرية التصرف فيه بالوهب والمنح ولذا قال تعالى (انا اعطيناك الكوثر) لأن الكوثر اصبح ملكاً للرسول - ﷺ - وكما قال الله تعالى لسيدنا سليمان - عليه السلام - (هذا عطاؤنا فامنن او امسك بغير حساب) اي له الحق بالتصرف فيه كما يشاء.
*أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى (٦) وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى (٧) وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى (٨*
*ما هو تفسير الآية؟ وما دلالة حذف ضمير المخاطب؟السامرائى
أولاً السائل كان يسأل عن المعنى. الضال يعني الضال عن علم الشرائع أي لم يكن يعلم علم الشريعة (مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ (٥٢) الشورى) (وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (٣) يوسف) و العائل هو الفقير.
هذه الآيات مرتبطة بالآيات السابقة (ما ودعك ربك وما قلى) (وللآخرة خير لك من الاولى) ومرتبطة ايضاً بالقسم في اول السورة (والضحى والليل اذا سجى) والآية (الم يجدك يتيماً فآوى) تؤكد ان ربه لم يودعه ولم يقله وكذلك في وجدك ضالاً فهدى وهي كلها تصب في ( وللآخرة خير لك من الاولى) فالإيواء خير من اليتم والهداية خير من الضلالة والاغناء خير من العيلة فكلها مرتبطة بالآية (ما ودعك ربك وما قلى) وتؤكد معناها.
هناك أمر أيضاً: الرسول - ﷺ - سُئل: أيزني المؤمن؟ قال - ﷺ - بلى، قيل أيسرق المؤمن؟ قال بلى، قيل: أيكذب المؤمن؟ قال لا. فالمؤمن لا يكذب إذن المؤمن يجب أن يصدق فإن كذب فقد خرج عن الإيمان. هكذا يقول الحديث. فالمؤمن صفته الصدق دائماً وأبداً فإن لم يصدق خرج عن الإيمان في تلك اللحظة. فإذن قطعاً المؤمن صدّيق لأنه صدّق وصَدَق في الكلام. الصدّيق قد يكون من كثرة الصدق " ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً"، ما قال يُصدِّق وإنما يصدُق أي حينما يتكلم لا يتكلم إلا صِدقاً. في هذه الحالة يكون المؤمن صدّيقاً. إذا تحرى الصدق فهو صدّيق وإذا صدّق بما جاء به النبي فهو صدّيق، إذا صدّق صار مؤمناً. فالصّدّيقون هنا مقصود بهم كلها فما دام أصبح مؤمناً فهو يَصْدُق ويصدّق لأنه إذا لم يصدّق فهو ليس بمؤمن وإذا كذب انتفت عنه صفة الإيمان. لكن الصديقية درجات كالإيمان والعمل الصالح فالمؤمن تطلقها على سيد الرسل وتطلقها على من آمن بالله. وهم درجات متفاوتة عظيمة والصديقية تطلق على صفوة الخلق وعلى الرسل وعلى من دونهم (وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (٦٩) النساء) مرتبة عامة وفيها خصوصية.
*من هذا المنطلق سمي أبو بكر الصديق بهذه الصفة مع أن غيره كثيرون صدقوا الرسول ؟؟
الرسول - ﷺ - أطلق عليه هذا الاسم والصدّيقون درجات فهناك الصفوة وهناك صفوة الصفوة.


الصفحة التالية
Icon