هذا هو الفرق بين (وقلنا) و(قلنا) وهذه الواو تنبهنا إلى عبادة عظيمة وهي أول عبادة على وجه الأرض من بني آدم وبعد التوحيد وهي الاستغفار "ومن لزم الاستغفار جعل الله له من كل همّ فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب" مثل حبة الأسبرو ينفع في كل مرض للحمى والصداع والمغص وتخثر الدم، وهكذا هو الاستغفار أسبرو هذه الأعمال للمعصية، للرزق، يزيل الهم، يزيل الوجع (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (١٠) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (١١) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (١٢) نوح) كل هذا بالاستغفار ولهذا يقول إبليس أهلكنا الناس بكثرة الاستغفار يتعب ويوسوس فيتوب العبد إلى الله ويستغفر ويحثو التراب على رأسه ابليس وجنوده. (اهبطا) آدم وحواء، (اهبطوا) آدم وذريته وإبليس وذريته وقبيلته (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ (٢٧) الأعراف) كل هذه الحشرة بالواو ليس في كتاب الله العزيز حرف زائد ولا حركة زائدة الحركة آية والواو آية يعطي الله عليها عشر حسنات فإن الله يأجركم بتلاوته عشر حسنات لا أقول ألم حرف وإنما ألف حرف ولام حرف وميم حرف وصدق رسول الله - ﷺ -.
وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفّيهم أجورهم والله لا يحب الظالمين) اولاً: الأجور متى تُدفع؟ بعد العمل فينبغي أن ينتهي العمل حتى تُدفع الأجور فإذن الأمر غائب سوف ينتهي العمل وسوف يوفّون الأجور، هذه واحدة. (أوفّيهم) الآن لا يستعمل السين معنى ذلك أنه تراخى الأمر لأنها تدل على التراخي تراخي الموضوع. (فيوفيهم) بالمضارع وهو الغيبة هنا تتناسب مع غيبة الأجور التي ستعطى لهم هذه مسألة الحقيقة (فأعذبهم) في الدنيا يعذبون، (فأحكم) عند رجوعكم أحكم مباشرة، كيف؟ يتكلم عن نفسه يتحدث معهم ثم يقلب الكلام بهذا القُرب؟. (أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفّيهم أجورهم) صار بُعد، جاء ابتعاد في الكلام عن الكلام الأول. أنت أمام عبارة انتهت وبدأت عبارة أخرى. لم يقل (والذين آمنوا) وإنما العبارة تبدأ (أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفّيهم أجورهم) صار هناك مسافة مبتعدة ابتعدت فقال (فيوفيهم) هذه واحدة. والمسألة الثانية لما استعمل الغيبة لأن عندنا في نهاية الآية قاعدة عامة، القاعدة العامة جاءت بالغيبة (والله لا يحب الظالمين) هذه قاعدة عامة. لم يقل أنا لا أحب الظالمين إنما يعني هو لا يحب الظالمين فكأن يوفيهم كانت تمهيداً لمجيء هذه القاعدة العامة (فيوفيهم أجورهم). (والله لا يحب الظالمين) غيب وهي قاعدة عامة فمهّد لها بالعبارة التي فيها الغيب (فيوفيهم أجورهم) بينهما مجانسة لا شك لكن قلنا هناك تلوين في العبارة بين الحضور والغيبة: حضور وغيبة، حضور وغيبة، لكن وفي الوقت نفسه يمكن أن تكون (فنوفّيهم أجورهم) وعند ذلك تكون ممهِدة لقوله (ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنَ الْآَيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (٥٨)). هناك روايتان (فيوفيهم) و (فنوفيهم). (
القرآن كله وحدة واحدة مترابطة دائماً ولا يمكن تفسير القرآن بما هو خارج عنه وهناك كلام أن القرآن يفسر بعضه بعضاً ومن الأسس الذي يتصدى لعلم التفسير أن يرجع إلى ما في القرآن من نحو التعبيرات والمعاني حتى يتبين له كثير من الأمور. وهناك رسالة دكتوراة بعنوان وحدة السورة في القرآن الكريم تناولت هذه الجوانب.
*قال تعالى في سورة النحل (شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٢١)) وفي سورة لقمان (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً (٢٠)) فما الفرق بين أنعُم ونِعَم؟ نِعمه هل هي نِعَم واحدة؟
أنعم جمع قِلّة على وزن أفعُل، نِعم جمع كثرة. ونعم الله تعالى لا تحصى ولا يمكن أن تُشكر ولا نستطيع شكرها فالله تعالى مدح ابراهيم - عليه السلام - على أنه شكر الأنعم أي القليل من النِعم فمدحه على ذلك لأنه لا يمكن لأحد أن يشكر نِعَم الله تعالى التي لا تُحصى فأثنى على ابراهيم - عليه السلام - لأنه كان شاكراً لأنعم الله تعالى. والله تعالى لم يسبغ علينا أنعماً ولكنه أسبغ نعماً ظاهرة وباطنة لا تُحصى.
والاسباغ هو الإفاضة في ذكر النِِعم. قال تعالى في سورة الإنسان (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (٣)) شاكراً اسم فاعل والكفور مبالغ في الكفر. وتوجد نِعم مستديمة منها ما نعلم وما لا نعلم والله تعالى أفاض علينا بالنعم الكثيرة ولو شكرنا نشكر باللسان وهو بحد ذاته نعمة.
آية (٢١):
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (٢١))
اللمسات البيانية في الآية:
في حلقة سابقة عن الآية (وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ (٣٧) يس) على حسب معرفتي أن الليل الكوني يحتوي على النهار وعلى الظلام لذلك إذا وضعت الكرة الأرضية مقابل الشمس بالليل الكوني صار الجزء المقابل للشمس منوّراً والجزء الذي خلفها غير منوّر مظلم أما الليل إذا خرجنا إلى خارج الغلاف الجوي، إذن الليل الكوني يحتوي على النهار وعلى الظلام وعندما يصطدم الليل الكوني بالكرة الأرضية يسلخ منه رب العالمين النهار الذي هو مقابل للشمس فيبقى بخلف الكرة الأرضية الظلام فلو أخذنا جسماً ووضعناه خلف الكرة الأرضية فإنه لا ينوّر ولا يعطي أي أشعة لأنه لا يوجد. ولو تتبعنا كلمة الليل في القرآن الكريم لوجدناها وردت مع مشتقاتها ٨٣ مرة وكلمة النهار مع مشتقاته ورد ٥٧ مرة وكلمة الظلمات ٢٦ مع مشتقاتها مرة فلو جمعنا النهار مع الظلمات يكون المجموع ٨٣ مرة بما يعادل المرات التي وردت كلمة الليل الكوني. لماذ جمعت الظلمات مع النهار وليس مع الليل؟ لأن الليل يحتوي على الظلمة وعلى النهار. ما المقصود بالليل الكوني؟ الليل الكوني يحتوي على الأشعة وعلى الظلام. الليل الكوني هو المادة الموجودة بالكون مطلقاً. أما الليل الأرضي فهو عبارة عن الليل الكوني مسلوخاً منه النهار.
آية (٤٠):
*( كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) لماذا لم يقل يسبح مع أنها لغير العاقل؟(د. فاضل السامرائى)
وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ (٧٢) النساء) انظر إلى هذا اللفظ الذي اختاره ربنا سبحانه وتعالى ليعبّر عن المتقاعسين عن الجهاد والمثبّطين للهِمم أي لفظ (ليبطّئن) هذا اللفظ رسم بمفرده صورة تناسق فيها المضمون مع التعبير والمعنى من خلال إيقاعه وجرسه الذي يلقيه في الأذن حيث رسم جرس (ليبطئن) صورة واضحة للتبطئة فهذه اللفظة مختارة لما فيها من ثقل يتعثّر اللسان في حروفها وجرسها حتى تأتي على آخرها وهو يشدّها شداً وهذا يصور الحركة النفسية لأولئك المتقاعسين وما يعتريهم من تعثّر وتثاقل عن المضي قُدُماً في المعركة.
آية (٧٣):
*ما دلالة كلمة (مودة) في آية سورة النساء؟ ولماذا لم يقل عداوة؟(د. فاضل السامرائى)
في سورة النساء آية ٧٣ قال تعالى: (وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ الله لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُن بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً ﴿٧٣﴾) ولو قرأنا الآية التي تسبق هذه الآية (وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيداً ﴿٧٢﴾) لانتفى السؤال أصلاً فالآية فيها (وإنّ منكم لمن ليبطئنّ) إن منكم تعني من بين المؤمنين سواء من كان ضعيف الإيمان أوغيره فهو إما يبطيء نفسه أو يبطيءغيره فهؤلاء المخاطبين هم من صفوف المؤمنين فلايصح أن يكون بينهم عداوة وإنما مودة كما ذكرت الآية الكريمة.
آية (٧٥):
*ما إعراب (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا (٧٥) النساء)؟(د. فاضل السامرائى)
أهلُ فاعل لاسم الفاعل الظالم. هذا يسمونه نعت سببي لا يشترط فيه الموافقة في التذكير والتأنيث. الظالمِ صفة للقرية ويسمى نعت سببي القرية مجرورة والظالم مجرورة وأهلها فاعل لاسم الفاعل.
في سورة الحج ذكر ما ذكر اليهود ولا النصارى ولا شيء من هؤلاء لكنه تحدث عن مطلق الايمان والكفر والحساب يوم القيامة لذلك لما ذكر ذكرهم أولاً بالتأكيد ثم جمعهم جميعاً حتى يأتي معنى كلمة يفصل بينهم. لاحظ الآية: (وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ (١٦) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (١٧)) إذن هنا لا مجال ولا معنى لفصل المؤمنين لأن الفصل سيكون يوم القيامة ما ذكر لهم شيئاً أن هؤلاء سيفصل الله بينهم، كيف يفصلهم؟ أنت كيف تفصل بين المتلازمات؟ لا بد أن تكون متلازمة تجمعها ثم تفصل هذا يكون هكذا وهذا يكون هكذا. فلما جاء الى ذكر الفصل جمعهم وجعل العطف عطفاً طبيعياً (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) حتى يظهر أن الكلام في محل نصب. هنا صار جمع بينهما وهناك
(في المائدة) إن الذين آمنوا لهم حكم وهؤلاء لهم حكم مقيّد إذا فعلوا هذا معناه أنه سينحازون الى الايمان والاسلام. لكن هنا ليس هناك كلام على الايمان أو غيره وإنما كلام على الفصل، كيف يفصل؟ لا بد أن يجمعهم أولاً ثم يفصل. صدقت العرب قالت: الإعراب فرع المعنى. لا بد من أن نفهم المعنى حتى نقوم بتوجيه الاعراب لذا أي جملة لها توجيه إعرابي فهي عربية وأي جملة ليس لها توجيه إعرابي فهي ليست عربية، إذا لم يكن لها توجيهاً إعرابياً فهي ليست من كلام العرب.
* (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا (١٥٧)) يقال صدف عن الحق أي أعرض عن الحق، فلِمَ عبر عن الإعراض بقوله (وَصَدَفَ عَنْهَا)؟ (ورتل القرآن ترتيلاً)
الفعل أعرض رفض الإنسان للهدى وحسب أما الفعل صدف فإنه يدل على إعراض الإنسان عن قبول الحق والهدى ولكنه لا يقف عند هذا الحد بل يتجاوزه إلى الآخرين فيصد الناس عن الحق فقوله (وَصَدَفَ عَنْهَا) تضمن إعراضهم عنها وصرفهم للناس عن لآلئها وهديها.
آية (١٥٨):
*ورتل القرآن ترتيلاً:
(هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا (١٥٨)) بدأت الآية باستفهام إنكاري من تريث المشركين بالإيمان ثمَ عرضت لهم ما ينتظرون ولكن التهديد اقتصر على تحقيق إثبات آيات الله وحدها (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ) ولم تتعرض الآية لمجيء الملائكة مثلاً فهل من سبب في تخصيص مجيء الآيات دون غيرها مما ذكر في الآية؟ نعم لقد اقتصرت على ما يأتي من آيات الله في اليوم المؤجِل له ولم تتعرض لما يكون يوم تأتي الملائكة أو يأتي ربك لأن إتيان الملائكة والرب غير محتمل الوقوع ولم يعهد لهم ذلك حتى يهابوه أما نزول آيات العذاب فقد سمعوا عنها الكثير مما سبق ومنهم من رأى ذلك عياناً فهذا التهديد له من الموعظة والتحذير في نفوسهم الشيء الكثير.
آية (١٥٩):
*(إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ (١٥٩) الأنعام) هل الشيع من نفس الملة أو من ملل ثانية؟(د. فاضل السامرائى)
هذا في غاية الدقة، الإنفجار ليس كالإنبجاس كما كان يقول الكثير قبل أن نعرض برنامجنا الكلمة وأخواتها، إنفجر غير إنبجس، إنفجر ساعة خروج الماء من الأرض الصلبة أو الحجر الصلبة عندما إنفجر الحجر أين ذهب الماء؟ سال الماء هذا السيل يسمى إنبجاساً فالانبجاس كانبجاس الجرح، إذا انبجس جرحك هو ينفجر أولاً ثم ينبجس بحيث يسيل الدم إلى مكان بعيد، رب العالمين يذكر لنا الحالتين حالة بني إسرائيل مع موسى ساعة الانفجار عندما انفجر هذا الحجر وخرج منه ماء زلال عذب وانفجر بقوة انفجاره بقوة أدى إلى أنه ينبجس أي سال في الأرض التي هي بعد الحجر لكي يشرب منه ١٢ لواء من ألوية بني إسرائيل، كيف يشرب ١٢ فرقة من حجر؟ فسال هذا الماء فانبجست. إذن هاتان الآيتان تتحدثان عن تسلسل الواقعة وكل كلمة ترسم جزءاً من صورة وهكذا هو كل القصص القرآني. الإنبجاس لا يكون إلا بعد الإنفجار. إذن هكذا هو الفرق بين انفجرت وانبجست.
*ورتل القرآن ترتيلاً:
وللآخرة خير لك من الاولى)، فالله تعالى لم يترك رسوله - ﷺ - ليتمه او لحاجته او للضلال هذا من ناحية ومن ناحية اخرى هي مرتبطة بالقسم فقد اقسم الله تعالى بالضحى والليل وما سجى واليتم ظلمة والايواء هو النور وكذلك الضلال ظلمة والهدى نور (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات الى النور والذين كفروا اوليائهم الطاغوت يخرجونهم من النور الى الظلمات) سورة البقرة، والحاجة والعيلة ظلمة ايضاً والغنى نور وبهجة.
في هذه الآيات بدأ سبحانه وتعالى بالظلمة ثم النور (اليتم ثم الايواء، الضلال ثم الهدى، العيلة ثم الغنى وهذا ليناسب ويتوافق مع قوله تعالى (وللآخرة خير لك من الاولى) والاولى هي الظلمة اما الآخرة فهي النور وهي خير له من الاولى.
*لماذا لم يقسم سبحانه بالليل اذا سجى اولاً ثم الضحى؟
الضحى هو نور الوحي وكان السكون بعد الوحي وكان القسم على اثر انقطاع الوحي فانقطاع الوحي هو الذي تأخر وليس العكس لذا جاء قسم الضحى اولاً ثم الليل.
*لماذا تكررت كلمة ربك في هذه السورة؟
الرب معناه انه هو المعلم والمربي والمرشد والقيم وكل آيات السورة مرتبطة بكلمة الرب (الم يجدك يتيماً فآوى....) اليتيم يحتاج لمن يقوم بامره ويرعاه ويعلمه ويوجهه ويصلح حاله وهذه من مهام الرب واليتيم يحتاج هذه الصفات في الرب اولاً ثم ان الضال يحتاج لمن يهديه والرب هو الهادي والعائل ايضاً يحتاج لمن يقوم على امره ويصلحه ويرزقه فكلمة الرب تناسب كل هذه الاشياء وترتبط بها ارتباطاً اساسياً. وكثيراً ما ارتبطت الهداية في القرآن الكربم بكلمة الرب (ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى) (يهديهم ربهم بإيمانهم) (الحمد لله رب العالمين.... اهدنا الصراط المستقيم)
*لماذا حذف المفعول للافعال: فآوى، فأغنى، فهدى مثلما حذف في فعل قلى؟
*في الآية (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (١٩)) هل الذين كفروا وكذبوا مقابل الذين آمنوا بالله ورسله؟
لو أخذنا الآية (والذين آمنوا بالله ورسله) وبعدها (كفروا وكذبوا بآياتنا) الذين كفروا بمقابل الذين آمنوا بالله، والذين كذبوا بآياتنا مقابل الذين آمنوا برسله لأن تكذيب الآيات يكون عن طريق الرسل. التصديق والتكذيب يكون عن طريق الرسل، فإذن الذين كفروا مقابل الذين آمنوا بالله والذين كذبوا بآياتنا مقابل الذين آمنوا برسله. نلاحظ ذكر الشهداء بعد الصدّيقين (أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ) كما في آية أخرى (وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (٦٩) النساء) ثم ذكر أجرهم ونورهم والأجر والنور واضحان في السورة يترددان في أكثر من موضع في هذه السورة. قال في أكثر من موضع (فيضاعفه له وله أجر كريم) هذا أجر، (يسعى نورهم) ذكر الأجر والنور (يضاعف لهم ولهم أجر كريم) (والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم) وآخر السورة (ويجعل لكم نوراً) هذان الأمران يطبعان السورة.
* لماذا لم يقل كفروا بنا؟ او كفروا بالله؟
ذكرها مطلقة لأن الكفر عام والكفر هو الستر والتغطية. الكفر بالآيات هذا أحد أركان الكفر، فلو آمن بالله وكفر بالرسالات ولم يصدّق سيكون كافراً لذا لم يخصصها وإنما أطلقها عامة (كفروا) على العموم والإطلاق.
آية (٢٠):