*(وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (٤٠) البقرة) إختار تعالى لفظ العهد لليهود ولم يقل أوفوا وعدكم فهل لهذا من بُعدٍ آخر؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
هذا من لطائف القرآن خاطبهم الله تعالى بإسم التوراة المعروف عندهم. أليست التوراة تسمى عندهم العهد؟ لذلك الكلمة مزدوجة الدلالة لأمرين: لأنها تأمرهم بإلتزام أوامر الله وتأمرهم بالتزام وصايا الله تعالى المبثوثة في طيّات العهد القديم والتي فيها الإيمان بمحمد - ﷺ -.
آية (٤١):
*(وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (٤١) البقرة)ما دلالة الباء؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
عندما تشتري أمراً ما من السوق تقول اشتريت هذا بمائة درهم فانظر إلى الباء في (بمائة) دخلت على ثمن السعر وفي الآية (تشتروا بآياتي) دخلت الباء على آياتي لتعلمنا أن اليهود جعلوا آيات الله تعالى كدراهم واشتروا به عرضاً من أعراض الدنيا لا قيمة له لذلك جاء وصفه بـ (قليلاً) لأنهم بذلوا أنفس شيء واشتروا به حظاً قليلاً.
* لماذا جاءت ثمناً قليلاً مع أنها وردت في القرآن ثمناً وحدها ؟(د. حسام النعيمى)
الثمن كما قلنا هو العوض. والبخس دون قدر الشيء أي لا يناسب قدره.
في الغالب يتكلم عن كرم الله (ذو الفضل) الفضل معرفة بالأف واللام ومرة واحدة قال (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (١٧٣) فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (١٧٤) آل عمران) نكِرة. هناك (وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) ما هو مأخوذ من فضل الله تعالى على عباده، الجنة وكل ما ذكر الله من نعمه (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا (٣٤) إبراهيم) كل نعم الله التي نعرفها قال (وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) جميع ما تفضل الله تعالى به على عباده، كلنا قد قرأنا عن فضل الله علينا في الدنيا والآخرة. لكن لله فضلاً لا تعرفونه يأتيك به فجأة هذا المزيد يوم القيامة (لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (٣٥) ق) هذا من فضل الله الذي لا نعرفه. نحن نعلم أن في الجنة قصور وأنهار وحور عين لكن هناك نوع من النعيم نحن لا نعرفه. هذا في الدنيا رب العالمين أنعم عليك بالصحة والعافية والأمن والأمان ونعم لا تحصى لكن في ساعات كثيرة رب العالمين يسهل لك تسهيلات ويفتح لك فتوحات في علمك وفي مالك. هذا رئيس دولة وهذا رئيس دولة، هذا يعمل ولكنه غير موفق بلده خرِب وذاك أينما يعمل يأتي الخير والبركة والإعمار والأمان والناس سعداء أدخل على قلب كل من يدخل أرضه السعادة. الأول ليس موفقاً زراعته تخرب الناس لا تحبه لا يوجد توفيق أما الثاني فموفق وهذا من فضل الله العظيم الذي لا نعرفه.
إلى الله المصير) فيما يتعلق بنهاية رحلتنا نحن كبشر من عباد الله من بني آدم رحلتنا طريقة وطويلة مما كنا في ظهور آدم في عالم الأمر ورب العالمين خاطبنا (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ﴿١٧٢﴾ الأعراف) ثم بقينا هناك إلى أن تزوج آباؤنا بأمهاتنا ثم حملوا بنا ثم ولدنا ثم مشينا في الطريق إلى أن متنا ثم ذهبنا إلى البرزخ والبرزخ عالم تحدثنا عنه طويلاً ثم سوف نبعث يوم القيامة ثم سوف نحشر مسيرة طويلة جداً إلى أن تصل أجسامنا وأجسادنا إلى ساحة المحشر هذا مصيرنا (وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) تبقى الخطوة الأخيرة عندما نتوجه إما إلى الجنة وإما إلى النار ذاك ممشى آخر. إذاً صار (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴿١٢٦﴾ البقرة) المصير في أجسادنا عندما نقف أمام الله وبين يديه (إلى الله المصير) انتهت الرحلة. عندما أصبحنا في المصير النهائي لمن تصير الأمور؟ في الدنيا كان الأمر لأبيك لأختك لأمك للملك للحاكم للمعلِّم للمدرس للمؤدب للأنبياء الخ، في تلك الساعة لمن تصير الأمور؟ أنت جسدك صار إلى النهاية (وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) أمرك بيد من؟ مصيرك بيد من؟ بيد الله إذاً صار (إلى الله المصير) بجسدك (إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ) بالحكم عليك وشؤونك وأحوالك كلها إلى ما لا نهاية. هذا الفرق بين مصيرك أنت كإنسان وبين أن تصير أمورك كلها مباشرة بدون أسباب بيد الله عز وجل هذا الفرق بين (وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) وبين (إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ). نحن وقفنا أما رب العالمين فهذا المصير رب العالمين سبحانه وتعالى في تلك الساعة سوف يحاسبنا، من الذي يملك المحاكمة؟ ومن الذي يملك أن يحكم عليك بالخلود في النار أو بالخلود في الجنة؟ هذا يسمى مرجعية الحكم.
آيتان عجيبة (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴿٩٣﴾ النساء) انتهى يعني حصل قرار ولا رجعة عنه هناك من قتل نفساً بغير نفس هذا قصاص (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ ﴿٤٥﴾ المائدة) وإذا قُتِل القاتل فقد بريء دمه وبريء من الذنب لأن السيف محاء للخطايا القصاص يمحو الذنب.
قدم الله الضر على النفع في الآية لأن النفوس أشد تطلعاً إلى دفعه من تطلعها إلأى جلب النفع فكان أكثر ما يدفع المشركين إلى عبادة الأصنام أن يردوا بها الأضرار عن أنفسهم.
آية (٧٧):
*ما الفرق بين الآيتين (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ (١٧١) النساء) (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ (٧٧) المائدة)؟
د. فاضل السامرائى :
آية النساء قوله تعالى (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ (١٧١) النساء) في المائدة (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ(٧٧) المائدة) لماذا قال هنا (إلا الحق) وفي الثانية (غير الحق)؟ آية النساء في القول (وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ (١٧١)) في المائدة ليس في القول هو قال (لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ) ما قال لا تقولوا، أصلاً لا يصح في المعنى أن يقول لا تغلوا في دينكم إلا الحق، لا تغلوا في دينكم إلا الحق معناه أن من الغلو يكون حقاً والغلو لا يكون حقاً، لا تغلوا في دينكم إلا الحق معناه أن قسم من الغلو فيه حق معناه استثنى، إذن معنى أن من الغلو ما هو حق والغلو قطعاً ليس حقاً والغلو معناه مجاوزة الحد. (لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ) هذه صفة مؤكدة مفعول مطلق (غلواً غير الحق)، أو قد يكون حال من ضمير الفاعل لكن مغالين لكن ذاك استثناء لأنه قول منه حق ومنه باطل لكن الغلو لا يكون فيه حق، هو مجاوزة الحد فكيف يكون حقاً؟! (لا) هنا ليست أداة استثناء ولا يمكن وضع آية مكان آخرى.
إذا فهمناها ولا تقولوا على الله؟
لو نظرنا في المسألة نجد أنه ما كان له وقت محدد عبّر عنه بالفعل الماضي (أقاموا الصلاة) الصلاة لها أوقات محددة وحتى الإنفاق الزكاة أو الإفطار في رمضان وما كان سابقاً لكل الأوصاف فعل ماضي، الصبر هو يسبق كل هذه الأوصاف لأنها كلها تحتاج إلى صبر فهو أسبق منها جميعاً فعبر عنه بالماضي وما عدا ذلك هو مستمر (يوفون بعهد الله) كما فى سورة الرعد، يخشون ربهم، ليس لها وقت هذه مستمرة أما تلك فإما أن يكون لها وقت أو هي سابقة وهذا ليس التعبير الوحيد في القرآن ولكن هناك تعبير نظيره (وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ (١٧٠) الأعراف) ليس لها وقت ولكن الصلاة لها وقت.
*ما دلالة قوله تعالى (وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ ﴿١٧٠﴾) هل المصلحين وصف لهم؟(د. فاضل السامرائى)
هي إجابة عامة والمقصود بها إرادة العموم وهناك في القرآن أمثلة كثيرة على هذا النمط مثل قوله تعالى (مَن كَانَ عَدُوّاً لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ ﴿٩٨﴾ البقرة) لا يكون الجواب منحصراً بالشخص المذكور ولكن تأتي للعموم وهي أشمل كما جاء في قوله تعالى في سورة الأعراف (وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ ﴿١٧٠﴾) جاءت للعموم ولم يقل تعالى (لا نضيع أجرهم) للأفراد وكلمة أجرهم تفيد أن المذكورين دخلوا في المصلحين.
آية (١٧١):
*ما الفرق بين استعمال كلمة الجبل والطور في سورة البقرة والنساء والأعراف وما اللمسة البيانية في تقديم وتأخير ذكر الجبل عن بنى إسرائيل ؟(د. فاضل السامرائى)
لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ﴿٦﴾ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ﴿٧﴾التكاثر) قسم ذهب إلى أنها للتوكيد وقد تأتي إذا أُعيدت الجملة للتوكيد (إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ ﴿١٨﴾ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ﴿١٩﴾ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ﴿٢٠﴾ المدّثر) التكرار فيه توكيد ولا مانع أن يُفصل بحرف عطف. وقد يأتي التكرار بدون حرف عطف كما في قوله تعالى (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ﴿٥﴾ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ﴿٦﴾ الشرح)، يمكن أن تكون توكيداً مع العطف كأن نقول (والله ثم والله). وقسم آخر قال أن (ثم) ليست توكيداً وإنما المشهد مختلف فـ(ثم) الأولى هي في عذاب القبر والثانية في الحساب يوم القيامة تراخي في الزمن) وهذا الذي يرحجه الأكثرون.
وفي بداية سورة التكاثر قال تعالى أيضاً (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴿٣﴾ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴿٤﴾) هنا العلم علمان علم عند المشاهدة والإحتضار والعلم الثاني عند الحساب يوم القيامة، فإذا كان العلم الأول هو نفس العلم الثاني تكون (ثم) للتوكيد وإذا كان العلم الثاني غير العلم الأول تكون (ثم) للتراخي في الزمن لأن فيها تأسيس لمعنى جديد.
تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله
سورة العصر
*هدف السورة*
قال من ربكم لأنه أمر عباده ووجههم وأرشدهم إلى ما فيه خير أما هناك فليس خطاباً لأحد (كمثل غيث) ليس خطاباً وإنما هو وصف للدنيا (ومغفرة من الله) هذا وصف وليس خطاباً. أما الأخرى فهو توجيه وخطاب ومسابقة (مغفرة من ربكم) هذا أمر وهناك وصف للدنيا الطبيعي أن يقول مغفرة من الله لأنه لا يخاطب أحدنا (كمثل غيث) ليس خطاباً أما (مغفرة من ربكم) فيها خطاب لأنه مضافة إلى ضمير المخاطبين (كم). الهدف واحد لكن في آية مخاطبين والثانية كلام عام وصف للدنيا.
*ألا يظن أحدهم أن هناك والعياذ بالله من يسمى الله ومن يسمى الرب؟
الله هو الرب (الحمد لله رب العالمين) هذه من أسمائه وصفاته التي تذكر، الرحمن الرحيم هل نقول أنه واحد آخر وإذا قلنا الرزاق أو الرحمن أو غيره هل يكون هناك ٩٩ إلهاً.
*في هذه الآية قال تعالى (سابقوا) وقال( وسارعوا) في آل عمران؟
هذا ذكرناه قبل سنوات وأشرنا إلى هاتين الآيتين في سؤال ويعاد السؤال الآن مرة أخرى وهناك أكثر من اختلاف في الألفاظ. آية الحديد (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢١)) وآية آل عمران (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٣) الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣٤))