قال تعالى (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴿٤٥﴾ البقرة) ومرة قال (اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴿١٥٣﴾ البقرة) في الأولى كان يخاطب بني إسرائيل ويقول الصلاة عندكم كبيرة وشاقة عليكم وتتهاونون فيها وما تصلون وقلنا لكم قولوا حطة قلت زمحيقة يعني شغلتكم شغلة فعندما خاطب بني إسرائيل قال (وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ) الخاشعون من بني إسرائيل الرهبان أصحاب العلم الصالحون منهم يصلّون ولكن الأكثرية الغالبة من اليهود لا يصلّون وإذا صلّوا صلاة كلها غير صحيحة وفيها بدع كثيرة وأبعد ما تكون عن عبادة الله وهم يتثاقلون منها كما قال تعالى (وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ ﴿١٤٢﴾ النساء) بينما لما خاطب المسلمين قال لا إن الله يحب الصابرين (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) وفعلاً هل هناك أمة في العالم تصلي في المساجد خمس مرات من الفجر إلى العشاء إلا هذه الأمة والجوامع مليئة الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء وبالبيوت الضحى والأوابين والتهجد الصلاة عند هذه الأمة عماد الدين وهم يتلذذون بها والله قال (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) يا أيها المسلمون بينما اليهود غير ذلك.
آية (٤٧):
*ما دلالة تفضيل بني إسرائيل (وإني فضلتكم على العالمين)؟(د. حسام النعيمى)
(وأني فضلتكم على العالمين) هؤلاء أتباع موسى - عليه السلام - في زمانه قبل مجيء عيسى - عليه السلام - وأتباع كل نبي مفضّلون على العالمين في زمانهم قبل أن يأتي النبي الآخر وليس العالمين إلى قيام الساعة.
آية (٤٨):
فحسبنا الله ونعم الوكيل من أعظم الأذكار المأثورة التي إذا داومت عليها فإن الله تعالى يعطيك فضلاً لم تعهده (وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (١٧٣) فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (١٧٤) آل عمران) وقال لنبيه - ﷺ - (وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (١١٣) النساء) مِنّة على النبي - ﷺ - ومنة على الأمة.
آية (٧٥):
*(وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِمًا (٧٥) آل عمران) إن الفعل (يأمن) يتعدى بحرف الجر (على) فنقول: أمنته على سِرّي وقال تعالى على لسان يعقوب (هل آمنكم عليه) فلِمَ عدّى الفعل )تأمنه) في الآية بالباء فقال (تأمنه بقنطار) دون تأمنه على قنطار؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
الحرف (على) يدل على التمكن فإذا قلت أمنته على سِرّي أي جعلته متمكناً منه وراعياً له. وفي هذه الآية (إن تأمنه بقنطار) عُدِّيَ الفعل تأمنه بالباء للإيماء إلى أن هذه الأمانة أريد بها المعاملة والوديعة والأمانة بالمعاملة.
آية (٧٧):
*ما دلالة وصف الثمن بالقليل؟ (د. حسام النعيمى)
الثمن هو المقابل أو العِوَض وكلمة ثمن أوالثمن وردت في أحد عشر موضعاً في القرآن الكريم كله. في موضع واحد فقط لم يوصف فى سورة المائدة(١٠٦). ووصف مرة واحدة بأنه بخسفى سورة يوسف وفى الأماكن الأخرى وصف بأنه قليل.
لما ننظر في الآيات: الآية التي لم يوصف بها تتعلق بشهادة على وصية فهنا الأمر يتعلق بمصالح الناس الذين لهم وصية. وحتى يشمل الحقير والعظيم والمادي والمعنوي والنفيس والتافه يعني حتى يقطع عليهم الطريق لأي تأويل.
وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ) لو تأملنا فيه فهو تعبير غريب وليس مثل فلا تحزن لكفره، الكفر فاعل والكاف المخاطب مفعول به (المخاطَب هو الرسول - ﷺ - )، في اللغة المنهي هو الفاعل لما أقول لا يضرب محمد خالداً المنهي هو محمد، المنهي هو الفاعل ففي الآية الكفر هو المنهي وليس الرسول - ﷺ -. المعنى العام لا تحزن لكفره هذا أصل المعنى لكن كيف اختار التعبير؟ لماذا لم يقل فلا تحزن لكفره. في اللغة المنهي هو الفاعل إلى المفعول. لم يقل تعالى فلا تحزن وإنما قال (فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ) الكاف مفعول به. لو قال لا تحزن يكون الفاعل المخاطب (أنت) لكن في الآية المنهي هو الكفر. المنهي في الآية هو الكفر يعني أيها الكفر لا تُحزِن رسول الله - ﷺ -، ينهى تعالى الكفر ألا يُحزن رسول الله - ﷺ - إشفاقاً على رسول الله - ﷺ - وكأن الكفر يريد أن يُحزِن رسول الله - ﷺ -. هذه فيها تعبير مجازي كأن الكفر ذات عاقلة تريد أن تحزن الرسول فينهاه تعالى (فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ) تعبير في غاية اللطافة والرقة. قال تعالى في آيات أخرى (وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ (١٢٧) النحل) ليس هنا مفعول به منهي. في القرآن (فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ (٥) فاطر) لأن الشيطان يغرّ المسلم، المنهي هو إبليس لكن المقصود به الإنسان أن لا يغتر بإبليس. (فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ) المنهي هو الكفر أن لا يُحزِن رسول الله.
قال تعالى (إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (٩٤) النساء) البصير، البصر يؤخذ من أمرين، البصر يأتي بمعنيين في اللغة إما البصر هي الحاسة التي ينظر بها الباصرة (وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ (١٠) الأحزاب) ويأتي لما في القلب الإبصار بالقلب ربنا يسميه بصيره (بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (١٤) القيامة) (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ (١٠٨) يوسف) البصيرة في القلب والبصر ليست العين وإنما الرؤية وهذا الفرق بين النظر والبصر. إذن كلمة بصير فيها أمران بصير ضد الأعمى (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (١٦) الرعد) من ناحية الرؤية، وبصير لمن كان قلبه بصيراً عنده معرفة في قلبه. الخبير العليم ببواطن الأمور فربنا لما يقول (إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (٣١) فاطر) يعني محيط ببواطن الأمور وظواهرها. بواطن الأمور من خبير وظواهرها من بصير الأصل الأول هو الإبصار. البصير من الإبصار ومن قوة القلب، إذن خبير العلم ببواطن الأمور خبير بصير يعني عليم ببواطن الأمور وظواهرها ولعلمه ببواطن الأمور فمن باب أولى أنه عليم بظواهر الأمور.
آية (٩٥):
* ما دلالة استعمال أداة النفي (ما) و(لا)؟(د. فاضل السامرائى)
آية (٨٧):
*ما دلالة الاختلاف بين هذه الآيات (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (١٦٨) البقرة) - (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (١٧٢) البقرة) - (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٨٧) المائدة)؟(د. أحمد الكبيسى)
فى الآية الأولى الخطاب (يا آيها الناس) وفي الثانية والثالثة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا) لماذا يا أيها الناس ومرة يا أيها الذين آمنوا؟
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (١٧٥)) تأمل هذا اللفظ الذي يرسم لك صورة متكاملة. فكلمة (فَانسَلَخَ) ترسم صورة عنيفة قاسية للتخلص من آيات الله بظلِّها الذي تلقيه في خيال القارئ لأن الإنسلاخ حركة حسّية قوية. ونحن نرى هذا الكافر ينسلخ من آيات الله انسلاخاً، ينسلخ كأنما الايات أديم له متلبس بلحمه فهو ينسلخ منه بعنف وجهد ومشقة انسلاخ الحي من أديمه اللاصق بكيانه.
(فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ (١٧٥)) هذه صورة أخرى تلتصق بأختها لتكمل سلسلة الخيال في الآية. فهي حركة إنسان ضالٍ انسلخ عن آيات الله وسار في طريق الضلال فتبعه الشيطان بهدف غوايته حتى لا يفكر في العودة إلى الآيات التي انسلخ عنها وخلّفها وراءه.
آية (١٧٨):
* ما دلالة ذكر وحذف الياء في قوله تعالى (وَمَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ (٩٧) الإسراء) و(مَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي (١٧٨) الأعراف)؟(د. فاضل السامرائى)
من معاني العصر الدهر (العصور) هذا لغة، وربنا أقسم بالدهر لأنه الشاهد على ما أقسم عليه (إن الإنسان لفي خسر) والدهر هو أكبر شاهد، العصر هو أكبر شاهد على ما أقسم عليه وهو أن الإنسان لفي خسر إلا هؤلاء منهم من هلك ومنهم من قُتِل ومنهم من عُذّب والذي أحيا حياً من الناس ولم يؤمن كان خاسراً في عموم الحياة إلا هؤلاء. فإن شئتم أن تعلموا ذلك فاسألوا الدهر لأنه خير شاهد على ما أقسمت عليه. العصر هو الشاهد على أن الإنسان في خسر إلا هؤلاء الأصناف فلا شك أن الدهر والزمن والتاريخ هو شاهد دقيق على ما أصاب الإنسان غير المؤمن.
السماء أوسع من السموات فجاء بكاف التشبيه (كعرض السماء) هي مشبّهة كعرض السماء لأن السماء أوسع بكثير من السموات فجاء بكاف التشبيه لأن المشبه دون المشبه به. المشبه هو الجنة والمشبه به السماء والأرض فلما اتسعت اتساعاً هائلاً جداً شبّه ولما حدّد لم يحتاج التشبيه. في آل عمران (عرضها السموات والأرض) فعلاً عرضها السموات والأرض هكذا أخبرنا تعالى أن الجنة عرضها عرض السموات والأرض. يعني جنة آية الحديد أوسع من جنة آل عمران.
في آية الحديد أعدت الجنة للذين آمنوا بالله ورسله وهم أكثر من المتقين التي ذكرت في آل عمران. المتقين جزء من الذين آمنوا بالله ورسله فلما اتسع العدد استعمل الكثير (السماء). ليس كل الذين آمنوا بالله ورسله من المتقين. لم يقل وعملوا الصالحات وإنما قال (الذين آمنوا بالله ورسله) هذا فضل عظيم قال الذين آمنوا بالله ورسله أما في آل عمران فهي أخص لأنه لم يقل فقط المتقين وإنما المتقين الذين ينفقون (أعدت للمتقين) لما اتسع الخلق المكان يجب أن يتسع (السماء) لما خصص المتقين خصص (عرضها السموات).
أيها فيها تفضل أكثر؟ أن يدخل عموم الذين آمنوا بالله ورسله أم المتقين؟ الذين آمنوا فقال ذلك فضل الله لأن الفضل كبير جداً أدخل الجنة كل من آمن بالله ورسله فقال (ذلك فضل الله).
نلاحظ قال سابقوا وهي المسارعة وزيادة، وقال السماء وهي السماوات وزيادة وقال الذين آمنوا وهي المتقين وزيادة وزاد ذلك فضل الله.


الصفحة التالية
Icon