يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) في ذلك اليوم وبعدها ليس فيه تقلب لأنه يذهب للجنة، ذِكر (فيه) خصصها باليوم فقط لما قال (ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ) هذا في يوم القيامة وليس مستمراً يومياً، الذي في الجنة توفي والذي في النار توفي عمله، التوفي في يوم القيامة توفية الحساب في يوم هو يوم القيامة وأثر التوفية إما يذهب إلى الجنة وإما إلى النار، تقلّب القلوب والأبصار في يوم القيامة ثم يذهب الناس إلى الجنة ولا يعود هناك تقلب قلوب ولا أبصار، وأصحاب النار في النار. لو جزى والدٌ عن ولده لكان أثر الجزاء ليس خاصاً في ذلك اليوم وإنما تمتد إلى الخلود إلى الأبد ولذلك لم يذكر (فيه) وأخرجه مخرج الإطلاق. لذلك حيث قال لا تجزي لم يقل (فيه) لنفي المتعلق وما يترتب عليها فيما بعد.
*ما اللمسة البيانية في تذكير كلمة شفاعة مرة وتأنيثها مرة أخرى في سورة البقرة؟(د. فاضل السامرائى)
عز وجل - يوم القيامة رب العالمين يرى لكن النظر هذا لازم يكون عقل وحينئذٍ هذا الإنسان العالم الذي يضل فئة أو فرقة كما هو واقع في العالم كله ما من دين إلا انحرفت منه مجموعة كبيرة شكلت طائفة معادية مشاكسة قاتلة محرفة مشركة خرجت عن أبسط قواعد دينها الذي أنزله الله على عيسى وعلى موسى وعلى محمد عليهم الصلاة والسلام جميعاً هذا المسؤول عنها واحد هذا يوم القيامة وفي الآية (وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ) السيئات مجرد الخوف عندما تقف أمام الله عز وجل السعيد من لا يقف وإنما من البعث إلى الجنة بغير حساب يوفون أجورهم بغير حساب هذه النجاة الهائلة متى ما عرضت على الله حتى لو نجوت مجرد العرض سيصيبك بالهلع وأنت مؤمن ما عليك هذه التهمة فكيف تعرض على الله عز وجل وعليك هذه التهمة أنك ممن أضللت لأنك كتمت ما أنزل الله لقاء مالٍ كنت تطمع فيه ولهذا قال النبي ﷺ عن سؤال أبو ذر قال له (شرار الناس شرار العلماء في الناس) هؤلاء مصيبتهم يوم القيامة.
إذن أولاً أفادت الآية عموم العموم وليس الخصوص هؤلاء وغيرهم من كفر ومن لم يكفر وأيضاً الظاهر والباطن، الأمور الظاهرة وخفايا الصدور ولو قال عليم به لا تشمل هذا فإذن هذا توسع كثير والآن وضح أنه شمل علمه ما ظهر وما بطن ولو قال عليم به لم تشمل هذا الشيء. ثم قال عليم ولم يقل عالم، عليم صيغة مبالغة. في أكثر من مناسبة قلنا أن كلمة عالم في القرآن لم ترد إلا في علم الغيب خصوصاً والمفرد (عالم الغيب) أو الغيب والشهادة (عالم الغيب والشهادة) وعلاّم للغيوب وعليم مطلقة لكل شيء. لهذا قال عليم بذات الصدور وما قال علام ولا عالم وهذا من خصوصية استعمال القرآن الكريم لأنه خصص كلمة عالِم بهذا المعنى لكن من حيث الاستخدام اللغوي يتعاور بعض هذه الكلمات مكان البعض الآخر عدا المبالغة وإسم الفاعل، المبالغة فيها تكثير وإسم الفاعل ليس فيه تكثير هذا من حيث اللغة. وكذلك أكّد هذه المسألة بـ (إنّ) في قوله (إن الله عليم بذات الصدور) واستخدم عليم دونما عالم أو علام وقال بذات الصدور وليس به.
آية (٢٤):
(نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ (٢٤))
*كلمة (قليلاً) ما دلالتها وما إعرابها؟
هناك لا ذكر واقع بل فيه مسحة مدح مسحة تثمين ها أنتم أولاء تحبون يا مسلمون بارك الله فيكم أنتم ناس طيبون أنتم لا تفرقون بين أحد من رسلكم انظروا اليهود والنصارى ها أنتم تحبونهم ولا يحبونكم أنت تقول آمنا بالله وملائكته وكتبه ورسله ها أنتم أولاء يا مسلمون يا أصحاب الفضل أولاء تكريم.
في آل عمران أطيعوا الله والرسول هذا أسلوب جديد. يقول (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ) ما أضاف الرسول إلى نفسه بل عرّفه بالألف واللام هذا الرسول له صلاحيات أن يفسر لكم القرآن ويبين مجمله ويفصِّل ما خفي منه والخ حينئذٍ أنتم أطيعوا الله في القرآن الكريم ثم أطيعوا الرسول في تصرفاته في هذا القرآن الكريم. وقال ﷺ (إنما أوتيت القرآن ومثله معه) الذي هو هذا الذي بلغنا هو من أين يعرف النبي أن الصلاة خمس اوقات والصبح اثنين والظهر أربعة من أين يعرف؟ كما نزل القرآن الكريم بلفظه للمصطفى جاء بيانه (لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ (١٧) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (١٩) القيامة) هذا الرسول (أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ) فقط مبلّغ يا مسلمون هذا أوحي إلي، (أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ)لا الآن النبي ﷺ هو يؤدي دوره كرسول له علم وله كلام موحى بمعناه لا بلفظه وله صلاحية الفهم (وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (١١٣) النساء) ورب العالمين علّم كل الأنبياء كما قال عن سيدنا عيسى (وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (١١٠) المائدة) وهكذا.
الأسلوب الثالث:
يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (١٨٧)) صيغ الكلام في الآية على الاستعارة فما من شك أننا نعلم أن الإرساء إنما يطلق للسفينة إذا استقرت في الشط. وأطلق هنا على الساعة تشبيهاً لوقوع الأمر الذي كان مرتقباً أو متردداً فيه بوصول السائر في البحر إلى المكان الذي يريده. فالساعة تقترب كلما مضى يوم حتى تبلغ النهاية كما أن السفينة تقترب كلما مر يوم وهي تسير حتى تبلغ منتهاها ومرساها في الشط.
آية (١٨٨):
* متى يأتي الضر قبل النفع في القرآن؟(د. فاضل السامرائى)
وقال في سورة القلم (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ. مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ. وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ. وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ. فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ. بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ. إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ. فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ. وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ. وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ. هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ. مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ. عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ. أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ. إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ. سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ. إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ )
استعمال هُمزة في آية سورة الهمزة لأنه ذكر النتيجة وتعرّض للعاقبة، نتيجة وغاية وعاقبة الكفار الويل وجاءت الآية (كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ ﴿٤﴾) والحُطمة هي بنفس صيغة همزة وهي صيغة مبالغة لذلك ناسب أن يذكر بلوغه النهاية في الاتصاف بهذه الصفة بالتاء تدل على النهاية في الحطم، وهي تفيد أن الجزاء من جنس العمل فكما أنه يبالغ في الهمز فسيكون مصيره مماثلا في الشدة فالذي يتعدّى على الناس في قوانين الدنيا في أنها عليهم مؤصدة في عمد ممددة. ونلاحظ أيضا من السورة أن الخارج والمتعدي يحبس في النار وهكذا في قوانين الدنيا أيضا.
هي ليست هكذا ولكن عندنا الفتحة أخف الحركات تليها الكسرة والضمة أثقلها لاحظنا أن العرب تراعي كثيراً من هذه الأمور تجعل الثقيل للثقيل سواء في الحركات أو في اللفظ عموماً وليس فقط في الحركات وتناسب اللفظ والمعنى، لما يتحول الفعل إلى فَعُل يتحول إما للتعجب أو للمدح والذم أو المبالغة أو التحوّل مثل فقِه وفَقُه، فقُه صار فقيهاً أما فقِه فجزئية، عَسِر وعَسُر، عسِر عليه الأمر أما عسُر فالأمر هو عسير. خَطَب ألقى خطبة وخَطُب صار خطيباً. الحركة تغير الدلالة تماماً. (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ (٢٣) الرعد) ما قال صلُح قال من صَلَح رأفة بالعباد. صلُح أي صار صالحاً إلى حد كبير من الصلاح والله تعالى من رحمته بعباده يكفيه أن يكون الإنسان صالحاً لا أن يبلغ ذلك المبلغ في الصلاح. هذه قاعدة عامة لكن السماع هو الذي يقطع بذلك أحياناً.