القرآن الكريم يستعمل اليم والبحر في موقفين متشابهين كما في قصة موسى - عليه السلام - مرة يستعمل اليم ومرة يستعمل البحر في القصة نفسها اليمّ كما يقول أهل اللغة المحدثون أنها عبرانية وسريانية وأكادية وهي في العبرانية (يمّا) وفي الأكادية (يمو) اليمّ وردت كلها في قصة موسى ولم ترد في موطن آخر ومن التناسب اللطيف أن ترد في قصة العبرانيين وهي كلمة عبرانية. لكن من الملاحظ أن القرآن لم يستعمل اليم إلا في مقام الخوف والعقوبة أما البحر فعامة ولم يستعمل اليم في مقام النجاة، البحر قد يستعمله في مقام النجاة أو العقوبة. قال تعالى (فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ (٧) القصص) هذا خوف، (فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ (١٣٦) الأعراف)، (فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (٧٨) طه) هذه عقوبة، أما البحر فعامة استعملها في النِعم لبني إسرائيل وغيرهم، في نجاة بني إسرائيل استعمل البحر ولم يستعمل اليم. واستعمل البحر في النجاة والإغراق (وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ (٥٠) البقرة) استعملها في الإغراق والإنجاء (وجاوزنا ببني إسرائيل البحر) أي أنجيناهم. اليم يستعمل للماء الكثير وإن كان نهراً كبيراً واسعاً يستعمل اليم ويستعمل للبحر أيضاً.
اللغة تفرق بين البحر والنهر واليم: النهر أصغر من البحر والقرآن أطلق اليم على الماء الكثير ويشتق من اليم ما لم يشتقه من البحر (ميموم) أي غريق لذلك تناسب الغرق. العرب لا تجمع كلمة يم فهي مفردة وقالوا لم يسمع لها جمع ولا يقاس لها جمع وإنما جمعت كلمة بحر (أبحر وبحار) وهذا من خصوصية القرآن في الاستعمال. كونها خاصة بالخوف والعقوبة هذا من خصوصية الاستعمال في القرآن.
آية (٥١):
ولما مات عبد الله بن عباس قال محمد بن علي بن الحنفية رضي الله عنه قال اليوم مات ربانيّ هذه الأمة. فكل من هو متخصص بعلم الله ومعرفة الله عز وجل وعشقه في الله وقد رأينا في حياتنا واحد عاشق لله إذا ذُكر الله صُعق هذا رباني للمبالغة أما إذا كنا نحب الله فنحن ربيون. (بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ (٧٩) آل عمران) وفي قراءة بما كنتم تدرّسون. ولهذا تعريف الرباني قيل هو العالم الراسخ في العلم والدين أو العالِم العامل المعلم أو العالي الدرجة في العلم.
وَقِيلِهِ يَارَبِّ إِنَّ هَؤُلَاء قَوْمٌ لَّا يُؤْمِنُونَ (٨٨) الزخرف) آية الزخرف هي الآية الوحيدة من بين ما ورد التي توسع فيها بالسياق ذكر الخلق فناسب لهذا التوسع والتفصيل أن يقول (خلقهن العزيز العليم) فالبلاغة هي مطابقة الكلام لمقتضى الحال.
* لماذا جاء الفعل (ليقولَّن) بالنصب في آية سورة هود (وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (٧)) بينما جاءت بالضم في آية أخرى في سورة لقمان (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٢٥)) ؟
في الآية الأولى في سورة هود الفعل يُبنى على الفتح لأن نون التوكيد باشرت الفعل المضارع لأنه مُسند إلى اسم ظاهر (الذين كفروا) والفعل يُفرد مع الفاعل وهذه قاعدة إذا كان الفاعل ظاهراً فنأتي بالفعل في حالة الإفراد ويُبنى على الفتح لأن نون التوكيد باشرته كما في قوله تعالى (وإذا جاءك الذين كفروا) ولا نقول جاءوك الذين كفروا.
أما في الآية الثانية فالفعل مُسند إلى واو الجماعة ولم تباشره نون التوكيد وأصل الفعل إذا حذفنا نون التوكيد (يقولون) ومثلها الآيات ٦١ و٦٣ في سورة العنكبوت والآية ٩ و٨٧ في الزخرف والآية ٣٨ في الزمر والآية ٦٥ من سورة التوبة (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (٦٥)) والآية ٨ من سورة هود (وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٨)).
في هذا العطف تأكيد على روابط الآصرة الإسلامية وفي عطف إتباع غير سبيل المؤمنين على مشاقة الرسول - ﷺ - الحيطة لحفظ الجامعة الإسلامية بعد الرسول - ﷺ - فقد إرتدّ بعض العرب بعد الرسول - ﷺ - فكانوا ممن اتبع غير سبيل المؤمنين ولم يشاقوا الرسول - ﷺ -.
آية (١١٦):
*انظر آية (٤٨). ؟؟؟
*(وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا (١١٦) النساء) لو وقفنا عند قوله تعالى (فقد ضلّ) لعلمنا جزاء المرشك وهو الضلال المستحق للعذاب فلِمَ أكّده بقوله تعالى (ضلالاً بعيداً)؟ (ورتل القرآن ترتيلاً)
إن غاية هذا التأكيد هي تحذير المؤمنين من مغبة الضلال ولذلك عبّر عن الضلال بالبعيد جون الكبير أو العظيم للدلالة على قوة هذ الضلال حتى لا يُرجى لصاحبه الاهتداء فكلمة بعيد توحي بإبعاد المرء عن غايته وتقصيه عن الرجوع إلى حيث صدر.
آية (١١٧):
* ما معنى إناثاً في قوله تعالى (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (١١٧) النساء)؟(د. حسام النعيمى)
المعرفة ما دلّ على شيء معين. الكذب يقصد شيئاً معيناً بأمر معين (قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ (٦٩) يونس) هنالك أمر في السياق يقصده فذكر الكذب، فلما يقول الكذب فهو كذب عن أمر معين بالذات مذكور في السياق.(مَا جَعَلَ اللّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ (١٠٣) المائدة) إذن هذا الكذب معرّف لأنه في مسألة معينة، يتعلق بهذه الذبائح، هذا التعريف. أما عندما يقول كذب فيشمل كل كذب (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (٩٢) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (٩٣) الأنعام) ليس هنالك مسألة معينة ذكرها فهذه عامة.
آية (١٠٤):
*ما الفرق بين وجدنا وألفينا في القرآن الكريم؟(د. فاضل السامرائى)
نبدأ بكلمة (خذ العفو): كلمة العفو لها جملة معاني ولذلك ما قيل في القرآن: خذ عفو كذا وإنما العفو بجنسه، بكل ما يحمله هذا اللفظ من أجناس العفو ومن أنواع العفو، هو جنس وله أنواع. للتعريف هنا غاية العفو هنا لبيان الجنس. العفو من معانيه: الصفح، أن تصفح عنه، (خذ العفو) أي خذ الصفح خُلُقاً لك. هل (خُذ) تعني أن يأخذ من نفسه أو يأخذ من أحد؟ خذ تحتمل المعنيين خذ لنفسك وخذ من غيرك. خذ العفو: أي خذ الصفح خُلُقاً لنفسك وخُذ الرحمة خُلُقاً لنفسك وخذ ما زاد من تصرفات الناس ومن أخلاقهم هذا خذ من غيرك، خذ منهم ما يَحسُن. لأن من معاني العفو ما يطفو على السطح، خذ منهم الظاهر، ما يظهر. الذي يكون على سطح الماء يطفو هو عفو فخُذ هذا العفو أيضاً من أخلاق الناس ومن تعاملهم ولا تكلّفهم ما لا يطيقون، إقبل منهم هذا الذي هو ظاهر عندهم، إقبل منهم الظاهر، خذ العفو أي خذ هذا الظاهر وفيها نوع من المسامحة، نوع من الرضى بما يصنعون بشرط، وهذا نبّهت عليه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: "ما خُيّر رسول الله - ﷺ - بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن حراماً". يأخذ منهم هذا العفو الظاهر ما لم يكن فيه مخالفة لشرع الله سبحانه وتعالى لأن المجاملة لا تكون على حساب شرع الله سبحانه وتعالى. هذا يذكره علماء التفسير لما يتكلمون على كلمة (خذ العفو) يقول هذا الظاهر من أمر الناس حتى يأخذ منهم ما تيسر وما حسُن ولا يكلفهم ما لا يطيقون. ثم يضعون هذا القيد: بشرط أن لا يكون في ذلك خلاف لشرع الله سبحانه وتعالى، أن يكون تحت مظلة شرع الله لأنك تريد أن تبني مجتمعاً كريماً فالمجتمع الكريم يُبنى تحت مظلة شرع الله سبحانه وتعالى بتطبيقه ولا يكون بمخالفات شرعية لأنه عندها لن يكون كريماً. تقول أنا أتسامح مع فلان إذا فعل كذا مما يخالف شرع الله تعالى هذا لن يكون المجتمع مجتمعاً كريماً.
هذه الكلمات والأسماء هذه دخلت العربية قبل الإسلام وقبل القرآن فدخلت في كلامهم فأصبحت عربية الاستعمال هذا يسمونه تقارض اللغات تقترض لغة من لغة وتدخل في كلامها وفي الجزيرة العربية كثير من الفواكه والألبسة ليست فيها وإنما تنقل إليها وليس فيها معامل وكثير من الأشياء التي تؤتى مثل التوابل وغيرها ليست فيها ولكن دخلت مع كثير من الأشياء في التجارة فأصبحت عربية في الاستعمال وإن كانت أصولها قديمة منقولة من لغة أخرى غير عربية. ووقت نزول القرآن كانت العرب تعرفها وداخلة في كلامها واستعمالها من زمن كما في الإنجليزية الآن هناك كلمات عربية دخلت فيها. هناك فرق بين الأصل وبين الجاري على ألسنتهم. لا نفهم بقوله (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا) أي عربي في الأصل والجذر والاشتقاق وإنما اللغات تتداخل حتى يفهموه. حتى أسماء الأنبياء رب العالمين قال (وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ (٢٤) فاطر) فهل كل هذه الأمم عربية؟ كلا لا يمكن هذا. إذا كان فيها حرف غير عربي في أصل اللغة يحوله إلى حرف عربي. ثم هذه الكلمات تدخل في إعراب العربية ويرفعه وينصبه ويمنعه من الصرف يدخله في العربية ويأخذ سبيل العربية في التعبير من الصرف وعدم الصرف وما إلى ذلك هكذا يدخل. إذن هناك فرق بين الأصل الأول متى دخل وبين ما أصبح عربياً في الاستعمال وهذا يسمى تقارض اللغات كل اللغات في كل زمن تقترض من بعضها لأن المكان الواحد ليس فيه كل شيء. مثلاً لا تجد في كل كتب اللغة كلمة برتقال.
* هل البَدَل يفيد التوكيد؟
للبدل عدة أغراض منها:
؟ قد يكون للمدح أو الذمّ كما في قوله تعالى (كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ (١٥) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (١٦) العلق) و (وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (٣) التين).
ولكل نوع من أنواع البدل دلالة وسياق.
قال سبحانه وتعالى في سورة الحديد (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (٢٥)) ربنا سبحانه وتعالى ذكر أنه أرسل الرسل بما ذكر: البينات والكتاب والميزان وذكر الغرض (لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) ثم ذكر إنزال الحديد وذكر أن فيه بأساً شديداً (وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) ثم ذكر العِلّة (وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ) ثم بيّن أنه سبحانه ليس محتاجاً للنصر (إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) ولكن هذا ما يتعلق به الجزاء وليس لنصرة الله لأنه هو القوي العزيز. ليس المقصود نصرة الله لأنه هو القوي العزيز لأن الله تعالى ليس محتاجاً لذلك وإنما هو نصر لدعوته وإقامة شرعه. هذا العمل يتعلق به الجزاء للشخص في قائمة حسناته.
* ما دلالة تقديم البينات على الكتاب والكتاب على الميزان؟ هل له غرض بياني معين؟


الصفحة التالية
Icon