وقال (رغداً) في البقرة ولم يقلها في الأعراف لأنها في مقام تقريع، رغداً تستعمل للعيش يعني لين العيش ورخاؤه، رغداً تتناسب مع التكريم. (وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ) يعني حُطّ عنا ذنوبنا من حطّ يحط حطة أي إرفع عنا، قدّم السجود على القول أما في الأعراف (وَقُولُواْ حِطَّةٌ وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا)، أولاً السجود أفضل الحالات، أقرب ما يكون العبد لربه فالسجود أفضل من القول لأن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فقدّم ما هو أفضل (وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ) وفي الأعراف جاء بالسجود بعد القول. إضافة إلى أن السياق في البقرة في الصلاة والسجود قبلها قال (وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ (٤٣) البقرة) والسجود من أركان الصلاة وقال بعدها أيضاً (وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ (٤٥) البقرة) السياق في الصلاة فتقديم السجود هو المناسب للسياق من نلحية أخرى في المقام. في البقرة قال نغفر لكم خطاياكم وهو جمع كثرة وفي الأعراف خطيئاتكم جمع قلة، خطايا جمع كثرة وخطيئات جمع قلة، جمع المذكر السالم يفيد القلة إذا كان معه جمع كثرة وإذا لم يكن معه جمع كثرة فإنه يستعمل للكثرة والقلة مثل سنبلات وسنابل، إذا كان معه في لغة العرب وليس في الآية، خطايا جمع كثرة وخطيئات جمع قلة، كافرات وكوافر كافرات جمع قلة وكوافر جمع كثرة. طالما هناك جمع كثرة الأصل في جمع السالم مذكر أو مؤنث يكون للقلة هذا الأصل فيه. فإذن خطايا جمع كثرة وخطيئات جمع قلة، نغفر لكم خطاياكم وإن كثرت، خطيئاتكم قليلة، أيها الأكرم؟ خطاياكم أكرم. إذن آية الأعراف لم تحدد أن خطاياهم قليلة لكن ما غُفر منها قليل إذا ما قورن بآية البقرة. في آية البقرة يغفر كل الخطايا أما في الأعراف فيغفر قسماً منها.
*ما الفرق بين أنزلنا إليك (قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (١٣٦) البقرة) وأنزلنا عليك (قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ )٨٤) آل عمران)؟
*د. حسام النعيمى :
لما تأتي (إلى) معناها الغاية، الوصول. ولما تأتي (على) فيها معنى نوع من الإستعلاء. مثل(خرج على قومه في زينته) فيها نوع من العلو. لما تأتي: أُرسل إليه أو أُرسل إلينا كأنه قريب منا وباشرنا نحن، مسّنا. وعلينا: فيه نوع من التلقّي من علوّ. لكن لِمَ استعمل هذا هنا واستعمل هذا هنا؟ لمَ قال مرة إلينا ومرة علينا؟
ننظر في آية البقرة (وما أنزل إلينا) وفي آل عمران (وما أنزل علينا) نلاحظ آية البقرة كان في بدايتها نوع من الدعوة أو مباشرة الدعوة لغير المسلمين من المسلمين أن يكونوا معهم يأتوا إلى دينهم فهو حديث بشري بين البشر عندئذ قالوا نحن وصل إلينا أو ورد إلينا ما هو خير مما عنكم. فيها معنى الوصول لاحظ الآيات (آمنا بما أنزل إلينا) هذا شيء وصل إلينا يعني تسلّمناه لا نحتاج إلى ما عندكم. فلما قال (أنزل إلينا) العطف عادة يكون مثل المعطوف عليه.
لما ذكر أن له ما في السموات والأرض معناه أنه غني هذا ابتداءً. وفي الآية السابقة لما قال (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) معناه أنه حميد، الذي له الحمد هو الحميد فهو الغني الحميد أي الغني المحمود في غناه وعلى وجه الإطلاق. ذكرنا سابقاً في قوله (وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (١٢)) وتعرضنا لهذه الآية سابقاً، هنالك في الآية (وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) لم يقل إن الله هو الغني الحميد من دون تعريف ومن دون ضمير فصل وهنا قال (إن الله هو الغني الحميد) بالتعريف (الغني الحميد) وضمير الفصل (هو). في آية الحج التي ذكرناها (وإن الله لهو الغني الحميد) زيادة على هذه الآية باللام (لهو). إذن صار عندنا ثلاث آيات: إن الله غني حميد، إن الله هو الغني الحميد، إن الله لهو الغني الحميد. في الآية الأولى الغني في عُرف الناس هو الذي يملك. في الآية الأولى عندما قال (وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) لم يذكر له ملك وإنما قال (وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) وضربنا مثلاً قول أحدهم أعطني حتى أكتب عنك وأذكرك في الصحف أو أثني عليك في قصيدة فيقول أنا غني عن مدحك، إذن إن يشكر أو يكفر فإن الله غني عن ذلك وذكرنا سليمان عندما أرسل إلى الخليل ابن أحمد بغال محمّلة وجاء إلى الخليل بن أحمد وهو في البصرة يأكل الخبز اليابس وقال له يقول الأمير تحوّل إلينا نكرمك وأتى له ببغال محمّلة قال الخليل:
أبلِغ سليمان أني عنه في جِدَة وفي غنى غير أني لست ذا مال
ويستفتونك) وردت مرة واحدة أيضاً في بداية آية إكتنفتها الآيات المبدوءة بالواو من قبلها ومن بعدها يعني أحاطت بها الآيات المبدوءة بالواو وهي في سورة النساء من الآية ١٢٤ إلى الآية ١٣٢ (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا (١٢٤) وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (١٢٥) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (١٢٦) وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا (١٢٧) وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (١٢٨) وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (١٢٩) وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا (١٣٠) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا
ذُكِرت كلمة ثمن مجرّداً حتى يشمل الحقير والعظيم والمادي والمعنوي والنفيس والتافه يعني حتى يقطع عليهم الطريق لأي تأويل. (لا نشتري به ثمناً) بأي وصف كان لأن هو لم يصفه بوصف. لو وصفه بأي وصف يكون هناك مجال للتحايل والقضية تتعلق بمصلحة الناس. جاءت العبارة قانونية دقيقة في غاية الدقة. لا نشتري به ثمناً أي نحن لا نقبل بما يقابله أي شيء إسمه ثمن فكله ثمن: المادة ثمن، المعنى ثمن، كله ثمن، عِوَض لأن الثمن هو المقابل لما تعطيه.
نُكّرت كلمة ثمن حتى لا يكون هناك أي مجال للتلاعب. (لا نشتري به ثمناً) والثمن كما قلنا هو العوض. عندنا إشترى وشرى: شرى وإشترى مثل باع وابتاع يعني فعل وافتعل. باع بمعنى أعطى بضاعة وأخذ مقابلاً. إبتاع بمعنى أخذ حاجة ودفع ثمناً. كذلك لما نأتي إلى شرى بمعنى أعطى حاجة وأخذ ثمناً بمعنى باع (وشروه بثمن بخس) بمعنى باعوه. واشترى بمعنى إبتاع. (لا نشتري به ثمناً) يعني لا نعطي ونأخذ ثمناً. الشهادة هذه لا نأخذ بها أي ثمن. كأنما في هذه الحالة سيشترون الثمن ويدفعون الشهادة، كأن الشهادة صارت هي الشيء الذي سيدفعونه في مقابل أخذهم للثمن. الآية قلبت الموضوع حتى تبيّن أنه ليس هناك أي مجال لهذه المساومة (لا نشتري به ثمناً) كأن هذا الثمن هو المأخوذ، هو الذي يسعون إليه سواء كان شيئاً مادياً أو معنوياً لا نسعى إليه فنأخذه وندفع هذه الشهادة.
ثمن: هو يريد أن يبيّن خِسّته وقلته مهما كان من العِظَم ومهما استلمتم مقابل ذلك فهو قليل. الوصف هنا متقصّد.
الثمن القليل جاء حيثما ورد في الكلام عن حق الله سبحانه وتعالى ومعنى ذلك أن العدوان على حق الله سبحانه وتعالى مهما بلغ فهو ثمن قليل.
وفي إيران كل عمامة سوداء يزعم صاحبها - والعهدة على صاحبها - أنه من ذرية عليّ، يعني هو عربي ولا يحسن أن يتكلم جملة عربية فامتد هؤلاء في الشرق والغرب. هؤلاء رجال نشروا هذا الدين:
تخالهم في ظهور الخيل نبتُ رُبى من شدة الحَزْم لا من شدة الحُزُم
نبت ربى نشروا هذا الدين فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا.
الجاهلين إما أن يكون بمعنى غير العالمين أو السفهاء. هذا متى يظهر؟ متى تُعرِض؟ بعد أن تأمر بالعُرف، بعد أن تتحرك وتتكلم معه مرة أو مرتين فإذا وجدت منه جهلاً وحماقة عند ذلك تُعرِض. يقول الإمام علي رضي الله عنه " ما جادلت أو ما حاججت عاقلاً إلا غلبته وما جادلني أحمق إلا غلبني". لأنه يرفع شعار لا أقتنع ولو أقنعتني، هذا كيف تتعامل معه؟ هذا الذي وجده يعظ إنساناً جُرِّبت الموعظة معه حتى يئس الناس منه فقيل له: يا فلان ما تصنع؟ قال: أغسل حبشياً لعلّه يبيض، أي أنا ما يئست منه.
الإعراض عن الجاهلين: متى يثبت عندك أنه جاهل؟ بعد أن تدعوه، بعد أن تشافهه، بعد أن تكلمه، بعد أن تدعوه أن يكف عما هو خلاف العرف. إذا تبين جهله وحماقته عند ذلك تُعرِض عنه (وإذا مروا باللغو مروا كراما) (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما).
**سؤال: هل هذا الترتيب (خذ وأمر وأعرض) مقصود بذاته؟
ربنا تعالى عظّم هذه الليلة تعظيماً كبيراً في غاية حشد التعظيم لهذه الليلة. هو قال (إنا أنزلناه) بضمير التعظيم المؤكد وذكر الهاء، لم يذكر لا المعظِم صراحة ولم يصرِّح بالهاء لم يقل القرآن وذلك لنباهته وأنه معلوم معروف ولعلو شأنه (إنا أنزلناه) معلوم من يُنزل، هو قال بعدها ليلة القدر لكن قال أنزلناه، ماذا أنزل ربنا؟ القرآن، إذن هو معلوم وأحياناً الأمر عندما يكون من الظهور بمكان لا يحتاج إلى أن يذكر وهذا يدل على وضوحه وطهوره عندما تذكر أمراً لم تذكره ولكنه معلوم لدى المخاطَب والسامعين معناه أنه من الظهور بمكان لا يحتاج السؤال عنه مثل (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ (٤٥) فاطر) ظهر ماذا؟ الأرض، لم يذكرها لوضوحها. هذا لشدة الظهور والوضوح وأنه عظيم بيّن لا يحتاج إلى ذكر فهذا دلالة على عظمته بظهوره ووضوحه فقال (إنا أنزلناه). ومن عادة القرآن أنه إذا ذكر ضمير التعظيم لا بد أن يذكر قبله أو بعده ما يدل على أنه واحد (بإذن ربهم) حتى لا يكون في النفس شائبة شرك، لا تجد في القرآن الكريم مطلقاً ضمير التعظيم إلا إذا كان قبله أو بعده ما يدل على أنه واحد. نلاحظ (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) ما المقصود بالقدر؟ ليلة القدر؟. القدر قد يكون من أشهر معانيها الشرف والمكانة، كبير القدر والمكانة والمنزلة لم يقل هو شديد القدر وإنما قال ليلة القدر كلها ليلة الشرف، فرق أن تكون هي شريفة أو هي ذات مكان أو ذات قدر أو أن تقول هي القدر نفسه، هي الشرف نفسه، إذن هي ليلة القدر. والليلة تبدأ من المغرب حتى طلوع الفجر. الأمر الآخر القدر هنالك له دلالة أخرى، كلمة القدر لها دلالتان ليلة القدر هي ليلة الشرف والمكانة وهي تقديرات الأمور.
ذكرنا أنه ختم قوي عزيز ليبين أنه غير محتاج لمن ينصره وربنا قوي عزيز لكن حتى يتعلق به الجزاء. الذي يحدد هو السياق لو نظرنا في سياق آية الحج قال (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (٣٩) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٤٠)) هذه الآية في سياق الإذن للمؤمنين بالجهاد (وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) ثم وعدهم بالنصر المؤكد (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ) اللام لام القسم والنون للتوكيد قسم وتوكيد فصار مؤكداً. هنا من الذي ينصر؟ الله سبحانه وتعالى. في الحديد قال (وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) هناك المؤمن هو الذي ينصر الله ووفي الحج الله تعالى هو الذي ينصر المستضعفين. إذن آية الحديد فيمن ينصر الله (وليعلم الله) هنا ربنا هو الذي ينصر (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ) من الأقوى الناصر أو الذي يُنصر؟ الناصر أقوى. إذن آية الحج قطعاً تحتاج لتوكيد ولا يمكن أن يكونا سواء في واحدة ذكر من ينصر الله والثانية ذكر أن الله تعالى هو الذي ينصر الناصر هو أقوى ولهذا قال (إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) لا يمكن أن يكونا سواء وهذا ميزان في التعبير.
آية (٢٦):
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُم مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ (٢٦))
* النبوة مقدمة على الكتاب فهل في هذا لمسة بيانية؟
*نظرة عامة على الآية :


الصفحة التالية
Icon