هذه الآية إذاً (يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ) وقلنا التلاوة هي القراءة المنظمة التي تعتمد على البحث والتذوق (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ (٢٤) محمد) هذه التلاوة مستمرة شيء وراء شيء هذا (يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ). الثانية (يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ (١٤٦) البقرة) بعض هؤلاء الناس الذين أسلموا من علماء اليهود والنصارى في التاريخ الإسلامي كله والآية نزلت في أربعين يهودي جاؤوا من سيناء مع جعفر بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وقد أسلموا وكان معظمهم من العلماء. علماء بني إسرائيل الذين دخلوا في الإسلام للإنصاف والواقع فهموا من هذا الكتاب العزيز من القرآن فهماً أوسع من فهم العرب الجاهليين الذين دخلوا في الإسلام. العرب أمة أميّة اليهود أصحاب علم وحضارة تاريخية (يا أهل الكتاب) وحينئذٍ هؤلاء الناس تمرسوا في التوراة والإنجيل وأنتم تعرفون لماذا رب العالمين قال (قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ (١٣٦) البقرة) لأن عيسى وموسى ومحمد متميزون برسالات ثلاثة لكل رسالة كتاب والباقيين ليس لديهم كتب اللي صحيفة واللي وحي مجرد واللي يأتيه ملك على شكل رجل الخ حينئذٍ هؤلاء علماء اليهود الذين الله سبحانه وتعالى هداهم للإسلام نفعوا المسلمين من حيثوا أنهم فهموا من القرآن من هذا القرآن الخالد الذي يعطيك عطاء متجدداً على قدر علمك وسعة فهمك وشدة تدبرك ما لا يعطيه لغيرك حتى إلى اليوم وإلى يوم القيامة مثل موريس. بوكاي وجارودي وغيرهم ناس حقيقة أثروا الإسلام ثراءاً يعني أنا عندما أقرأ كتب هؤلاء الناس أقول والله هذا علم لم يخطر على بال أبو حنيفة ولا غيره.
ورد في آل عمران قوله تعالى (وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ (١٥٧) وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى الله تُحْشَرُونَ (١٥٨)) بضم الميم وفي سورة المؤمنون (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ (٣٥)) بكسر الميم. من الناحية اللغوية لا إشكال في ذلك لأنه في (مات) لغتان كما يذكر أهل اللغة عندنا مات يموت مثل قال يقول ومات يمات مثل خاف يخاف ونام ينام، الأشهر مات يموت. من العرب الذي يقول مات يمات يقول مِتُ مثل خاف يخاف خِفت ونام ينام نِمت والذي يقول مات يموت يقول مُت مثل قال يقول قُلت. إذن من حيث اللغة ليس فيها إشكال لأن فيها لغتان مات يموت مُت ومات يمات مِت. يبقى من الناحية البيانية لماذا اختار مثلاً هذه اللغة في آل عمران مُت وفي المؤمنون مِت؟. الضمة كما هو مقرر أثقل الحركات. حالة الموت المذكورة في آل عمران أثقل وأشد مما هو مذكور في آية المؤمنون.


الصفحة التالية
Icon