كلمة الحمد لله رب العالمين وردت في بداية أربع سور (في البداية والنهاية تكلمنا عليها حتى لا يختلط الكلام علينا). لفظة الحمد مجرّدة من غير ذكر رب العالمين بُدئ بها في أربع سور (الحمد لله رب العالمين بُدئ بها في سورة الفاتحة وختمت بها سور أخرى ذكرناها) لكن الحمد لله وحدها بُدئ بها في أربع سور ثم نجدها تتكرر في داخل عدد من السور في سبع عشرة مرة نحاول أن نقف عندها بصورة موجزة وسريعة: في بداية الأنعام، الكهف، سبأ وفاطر: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١) الأنعام) لاحظ كأنما هذه البدايات تحاول أن تبيّن نماذجاً من الحمد. قلنا الحمد لله في الفاتحة هو جنس الحمد وهنا نماذج يُحمَد الله عز وجل لآلآئه هنا الآلآء كذا، هنا من رحمته وهنا من فضله وهنا من علمه وهنا من إعطائه العلم للآخرين وهنا من رحمته بهم وهنا من خلقه السموات والأرض. السور الأربع كأن بدياتها متكاملة:
الأولى (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١) الأنعام) الكلام على الخلق ومعناه التقدير والتصوير فيه بمعنى البدء لكن غالباً فيه معنى التقدير والتصوير لأنهم يقولون هذا الصانع خلق القماش يعني قدّره قبل أن يقصه. والخلق غير التكوين والإنشاء والتصوير يصور الشيء. الكلام خاص عن خلق السموات والأرض ومن رحمة الله سبحانه تعالى جعل الظلمات والنورمعناه نظّم السموات والأرض بما فيها من ظلمات ونور مبنية على الحركة وعلى وجود الإشعاع من داخل بعضها وبعضها خال من الإشعاع.
أما في سورة الأعراف﴿١٨٨﴾ قدّم النفع على الضر لأن السياق في الآيات ما قبلها في النفع (مَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴿١٧٨﴾ ) قدّم الهداية التي هى من النفع على الضلال الذي هو من الضر. وكذلك في الآية نفسها قدّم النفع مع الخير(لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ) على الضر.
حيث تقدّم النفع على الضر يكون في السياق ما يتضمن النفع وبالعكس.
*متى يأتي الضر قبل النفع في القرآن؟(د. فاضل السامرائى)
قالوا حالة الرفع أثبت من حالة النصب. (قالوا سلاماً: مفعول به) (قال سلام: أي عليكم سلام، لكم سلام، جعلها مبتدأ وخبر فتكون أثبت. أما(سلام على نوح في العالمين) سلامٌ مبتدأ وصح الإبتداء به لأنه دعاء (لا يجوز الابتداء بالنكرة ما لم تُفِد) الإفادة هنا في كونها دعاء فإذا كانت دعاء يجوز الإبتداء بها (سلام على نوح في العالمين) هذا الكلام يكون على الحكاية سيقال "سلام على فلان" جملة محكية. الحكاية في الغالب تكون جملة فعلية لما تسمي رجلاً بـ (تأبط شراً) أو تسمي امرأة بـ (شاب قرناها) أو تقول: زرت سُرّ من رأى، هذه سُرّ من رأى، الحكاية غالباً على الفعل لكن أحياناً تأتي إسمية يقال: سمى ولده زيدٌ مجتهدُ فيقول إسمه زيد مجتهد، سلّمت على زيد مجتهد، رأيت زيدُ مجتهدٌ وإعرابه يكون فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة منع من ظهورها حركة الحكاية (أي أن تروى الكلمة كما هي) وهذا باب في النحو اسمه باب الحكاية أن ترد الكلمة كما هي. نقول زرت أبو ظبي لا تقل زرت أبا ظبي لأن المدينة اسمها أبو ظبي. يقال أيضاً: حفّظت ولدي الحمدُ لله (أي الفاتحة)، قرأت سورةٌ أنزلناها (أي سورة النور تأخذها على الحكاية).
في غير القرآن يمكن أن يقال سلاماً لكن سلام أقوى لأن فيها معنى الثبات والدوام لأن حالة الرفع فيها معنى الثبات والدوام كما قال إبراهيم - عليه السلام - (قالوا سلاماً قال سلام) العلماء يقولون قول إبراهيم أبلغ وأثبت لأنه هو المضيف والمرحِّب يرحب بعبارة أقوى منهم زبصيغة أقوى من صيغتهم.
*فى قصة إبراهيم عليه السلام مرة قال تعالى بعجل حنيذ (فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (٦٩) هود) ومرة سمين (فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ (٢٦) الذاريات) ما دلالة الإختلاف؟(د. فاضل السامرائى)
القسم بـ (تالله) في القرآن الكريم ليس مختصاً بإخوة يوسف وأصلاً القسم بـ تالله كما يذكر أهل النحو واللغة يفيد التعجب والتفخيم والتعظيم (تالله) يُقسَم بها في الأمور العظام. تالله هي عبارة عن تاء القسم وهي مُبدَلة عن الواو وأصل حروف القسم الباء ثم الواو ثم التاء. كيف عرفنا أن القسم بالباء هو الأصل؟ لأنه يذكر معه فعل القسم (بالله) أو لا يذكر مرة تقول أقسم بالله ولا يضح أن تقول أقسم والله أو أقسم تالله إذن يصح ذكر فعل القسم وعدمه. أقسم بالله معناه أوسع يمكن أن تقول أقسم بالله أو بالله. وتدخل الباء على الضمير (أقسم بك يا رب) وتكون الباء في (بك) باء القسم أما الواو والتاء فلا تدخل على الضمير إذن الباء هي الأصل ثم الواو ثم التاء والتاء مُبدلة عن الواو كما يقولون لأن الواو يقسم بها في كل مقسوم ظاهر والله تعالى أقسم بالواو كما في : والضحى، والليل، والسماء. أما التاء فلم يرد في القرآن بالتاء إلا في الله (تالله) وقليل ورد في غير اللغة بالتاء فتكاد تكون التاء مختصة بالله. قد ترد قليلاً مع غير الله (تحياتك أي وحياتك، تربِّ الكعبة أي وربِّ الكعبة) هذه مفردات قليلة. إذن (تالله) قسم والتاء للقسم وهي من حروف الجر والله لفظ الجلالة مقسم به مجرور. أما السؤال نفسه فالتاء ليست مختصة بإخوة يوسف فقد قال تعالى على لسان إبراهيم (وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (٥٧) الأنبياء) وقال تعالى (تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (٢٧) الشعراء) وأصحاب الجنة قالوا لقرنائهم (قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدتَّ لَتُرْدِينِ (٥٦) الصافات) وقال تعالى (تَاللّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَفْتَرُونَ (٥٦) النحل) هذه عامة قال تعالى مخاطباً رسوله (تَاللّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ (٦٣) النحل) إذن تالله هي ليست مختصة بإخوة يوسف.
يقول الله عز وجل (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا﴿٧٠﴾ النحل) آية أخرى وهي آية الحج (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا﴿٥﴾ الحج) إذاً (لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا) (لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا) يقولون هذه (من) زائدة! كيف (من) زائدة؟ هذه (من) الـ (من) بيانية حينئذٍ هذه تغير المعنى كاملاً الإنسان يبدأ ويتعلم ويستوعب العلم الخ فصار عنده علم عندما يبلغ من الكبر عتياً في الخمسين في الستين في السبعين (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا) الآن لا يستطيع أن يتعلم معلومات جديدة بالسبعين بالثمانين تحاول تعلمه لكن دون فائدة. (لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا) هذا عندما يصبح بالمائة والمائة والعشرين حتى الذي تعلّمه بالسابق نسيه، في الأولى ما نسي ومعروف طبياً أن الذي عمره في السبعين ثمانين تسعين قد لا يتعلم لكن يتذكر أيام الشباب والطفولة والعلم الذي أخذه من الجميع إلى أن يكبر فإذا كبر نسي الجميع (لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا) إذاً هذه الـ (من) ليست زائدة وإنما هذه المن تغير الصورة بالكامل.
آية (٧٨):
*انظر آية (١). ؟؟؟
آية (٧٩):
* ما الفرق بين استخدام كلمة الله وكلمة مسخّرات في سورة النحل وكلمة الرحمن وصافّات في سورة الملك؟ (د. فاضل السامرائى)
*لفظتى (الله) و (الرحمن):
*في كل القرآن الكريم ترد (تراباً وعظاما) إلا في سورة الإسراء وردت مرتين بقوله تعالى (عظاماً ورفاتا) فما الدلالة البيانية لكلمة رفاتاً ولماذا تقديم كلمة عظاماً ؟(د. حسام النعيمى)
(تراباً وعظاماً) حيث وردت في القرآن في أكثر من موضع وهذا هو الأصل. عندما تنبش قبراً تجد أولاً التراب وتحته تكون العظام لا تجد لحماً ولا جِلداً فهم عندما كانوا يرون هذه الجثث الميتة للحيوانات يجدون حولها تراب وهي عظام فكانوا يقولون تراباً وعظاماً.
في حالة واحدة (وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (٤٩) الإسراء) يبدو أنها كانت في مناقشة مع رسول الله - ﷺ - ويبدو أن الذين ناقشوه أو أحدهم كان يحمل بيده عظماً وأمسكه بيده وطحنه بيده فتكسّر العظم. لما يتكسّر العظم يكون رفاتاً والرفات هو الأشياء المكسّرة ليست المطحونة كالتراب فقال: بعد أن كنا عظاماً وكسّره قال: ورفاتاً. ولذلك ردُّ الآية يُظهر هذا لأنه يقول هذا شيء ضعيف وقد جعلته رفاتاً كسّرته، فقالت له الآية: (قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (٥٠) أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا (٥١)) لأنه كسر العظم قال الحديد لا يتكسر والحجارة لا تتكسر فجاء الرد في الآية لو كنتم حجارة أو حديداً التي ليس فيها حياة لأعادكم الله عز وجل
ومن باب أولى عندما تكونوا عظاماً أورفاتاً يعيدكم الله عز وجل. (انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (٤٨) وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (٤٩)) كسر العظم أمامه.
رحمة منا: عامة مثل قوله تعالى (وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنقَذُونَ (٤٣) إِلَّا رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (٤٤) يس)و(فَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ (٤٩) الزمر)عامة،(وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً (٥٠) فصلت) عامة.
(من عندنا): يستعملها خاصة قال على سيدنا نوح (وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِه (٢٨) هود)، (فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا (٦٥) الكهف) (وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (٨٤) الأنبياء). حتى (نعمة منا) و (نعمة من عندنا)، يستعمل (منا) عامة و (نعمة من عندنا) خاصة.
* النبي واحد والرب واحد وأحياناً الموقف واحد ولكن قد يتغيرالسياق فلماذا هذا التغير؟
هل حصل تناقض رحمة منا أو رحمة من عندنا؟ من أين الرحمة؟ الضمير عائد على الله سبحانه وتعالى إذن ليس هناك تناقض لكن الاختيار بحسب السياق، اختيارالمفردات بحسب السياق لاتتناقض القصتان لكن اختيارالكلمات بحسب السياق الذي ترد فيه.
*ما الفرق بين الرأفة والرحمة ؟
وهنالك فرق آخر: قال في سورة الجن (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا) وفي مريم قال (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا) جاء بـ (هو). يعني الآن هو سيصير أوسع. (مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا) (من) تحتمل أمرين إما أن تكون إسم استفهام أو إسم موصول بمعنى الذي وليس هنالك قرينة سياقية تحدد معنى معيناً والأمران مرادان. إذا كانت (من) إسم موصول بمعنى الذي أضعف ناصراً فستصير أضعف خبر لمبتدأ محذوف يعني من هو أضعف. (أضعف) إذا كانت (من) إسم استفهام (من) مبتدأ و(أضعف) خبر وإذا كانت (من) إسم موصول (من) مفعول به لفعل (فسيعلمون) و(أضعف) خبر لمبتدأ محذوف و(هو أضعف) جملة صلة. إذن هنالك خبر لمبتدأ محذوف وفي سورة مريم المبتدأ مذكور (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا) والذكر أقوى وآكد من الحذف. فهنالك أمرين يحسن ذكر (هو) الأول تفصيل الذي في مريم من العذاب وما إلى ذلك وهنا ذكر وتفصيل وهناك إيجاز أوجب الحذف، هذا أمر. والأمر الآخر أنهم تبجحوا بمكانهم (أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا) لم يقولوا هذا الشيء في آية الجن، هم تبجحوا في مقامهم وفي مكانتهم فربنا أكّد ضعف هذا المجلس فجاء بـ (هو) (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا) للتأكيد على ضعفه. ثم قال (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (٧٤)) فإذن هم تبجحوا بمقامهم وربنا رد عليهم (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (٧٤)) أحسن من هؤلاء فأكّد أن (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا) تبجحوا بالمكان فصاروا شر مكاناً فصار تأكيد من ناحيتين من ناحية التفصيل ومن ناحية أنهم شر مكاناً.
* هل البَدَل يفيد التوكيد؟(د. فاضل السامرائى)
للبدل عدة أغراض منها:
لا، الضوء أسبق من الصوت، هناك مقام عقوبة ومقام خوف، في مقام الخوف الرعد أشد. القرآن يراعي دلالة الكلمات في السياق ولا يرص الكلمات بعضها بجانب بعض. إذن هو ظلمات ورعد وبرق. إذن مطر شديد الإنصباب وظلمات وليس ظلمة ورعد وبرق. قال (يجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ) الأصابع والمقصود هو الأنامل لأن الإصبع لا يمكن أن يدخل في الأذن وهذا مجاز مرسل حيث أطلق الكُلّ وأراد الجزء وهذا لشدة الخوف، كأنما يجعلون أصابعهم لو استطاعوا أن يُدخلوها كلها في آذانهم لفعلوا من شدة الخوف وما هم فيه. الصواعق هي رعد شديد مع نار محرقة وقد يصحبها جرم حديد ليس مجرد رعد وليست صاعقة وإنما صواعق (يجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ). إذن هو رعد شديد مع نار محرقة قد يكون معها حجر أو جرم. ولاحظ من فرط الدهشة أنهم يسدون الآذان من الصواعق وسد الآذان ينفع من الصواعق ينفع من الرعد لكن لا ينفع مع الصاعقة لكن لفرط دهشتهم لا يعلمون ماذا يفعلون إذن هم يتخبطون، وصواعق جمع صاعقة لاحظ المبالغات الموجودة في الآية صواعق وظلمات وصيّب وليس مجرد مطر. (يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ) (كلما) تفيد التكرار إذن لم تكن مرة واحدة. (كلما) في اللغة عموماً تفيد التكرار وجيء بها لأنهم حريصون على المشي لكي يصلون (كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ) كلما أضاء لهم البرق مشوا فيه وإذا أظلم ولم يقل إن أظلم للتحقق ولو قال إن أظلم يكون أقل، (إذا) للمتحقق الوقوع وللكثير الوقوع أما (إن) فهي قد تكون للافتراضات وقد لا يقع أصلاً. ثم قال (مَّشَوْاْ) ولم يقل سعوا لأن السعي هو المشي السريع أما المشي ففيه بطء إشارة إلى ضعف قواهم لا يستطيعون مع الخوف والدهشة لا يعلمون كيف يفعلون. (
هذا الفرق بين تبِع واتّبع وعلينا أن نفهم جدياً حيثما وجدت تبِع يعني إما تبعت إبليس في الكفر أو تبعت محمداً أو أي الأنبياء الآخرين في التوحيد فيما عدا هذا فأنت هالك فإياك أن تهلك ولا تفرق بين تبِع وبين أتّبع وكل أفعالنا اليومية ممكن أن تقول الشر طبعاً فينا ربما نقول نكون من جماعة تَبِع أو من جماعة اتّبع فإن كنت من جماعة تبِع فأنت هالك وخالد في النار إذا كنت من جماعة اتّبع لا فأنت مذنب وعليك أن تتوب.
آية (١٢٤):
* (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً (٩٧) النحل) (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (١٢٤) طه) لما عبّر عن المؤمن الذي عمل صالحاً قال حياة طيبة ولما عبّر عن الذي أعرض عن ذكر الله تعالى قال معيشة ضنكاً، عبّر بالمعيشة ولم يقل حياة فما اللمسة البيانية والفرق بين الحياة والمعيشة؟ (د. فاضل السامرائى)
ليس المقصود هنا مسألة الشيء المأخوذ من الذباب ولا الذباب وإنما المقصود من الآية إظهار عجز الآلهة التي يدعون إليها من دون الله (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ) ولو بذلوا كل الجهد لا يستطيعون شيئاً من عجز هذه الآلهة يدعونها. (وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) حاولوا الاستنقاذ وليس الانقاذ وإن يبذلوا جهدهم كله لن يستطيعوا وهذا يبيّن ضعف ما يعبدون من آلهة وليس مقصوداً الذباب أو ما يأخذه الذباب.
*ما دلالة استخدام صيغة المبالغة في قوله تعالى (وما ربك بظلاّم للعبيد) علماً أن صيغ المبالغة لا تنفي الحدث؟ (د. فاضل السامرائى)
يتساءل السائل عن أن الآية تنفي أن يكون الله تعالى ظلاّماً فهل هذا النفي يشمل أن يكون ظالماً حاشاه سبحانه؟. الحقيقة أنه لو أن اي شخص ظلم مجموعة من الناس حتى لو كان الظلم بسيطاً يكون ظلاّماً وليس ظالماً فإذا كثر المظلومون أصبح ظلاّماً أما إذا ظلم شخصاً واحداً مرة فيكون ظالماً والملاحظ في الآية أن الله تعالى قال وما ربك بظلاّم للعبيد أي جاء بصيغة الجمع في كلمة العبيد والعبيد جمع كثرة أصلاً كما قال في آية أخرى (علاّم الغيوب) باستخدام الغيوب وهي جمع كثرة. إذن عندما يجمع يجمع الصفة ويبالغها اي يستخدم صيغة المبالغة كما في الآيتين وإذا أفرد ُيفرد الصيغة كما قال تعالى (علم الغيب) ولم يقل عالم الغيوب. وهناك رأي آخر أن هذا هو النسب أي أنه ليس بذي ظلم كما يقال في اللغة (لبّان) للنسب لأن صيغة فعّال تأتي للنسب. وإذا أخذنا الرأيين نجد أنهما يقتضيان استخدام صيغة المبالغة في ظلاّم.
وردت كلمة طفل في سورة النور وفي سورة غافر والحج. ووردت كلمة الطفل والأطفال في القرآن والطفل تأتي للمفرد والمثنى والجمع فنقول جارية طفل وجاريتان طفل وجواري طفل. فمن حيث اللغة ليست كلمة الطفل منحصرة بالمفرد. لكن وردت في سورة النور أيضاً كلمة الأطفال (وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿٥٩﴾) ولو لاحظنا في سورة الحج (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ﴿٥﴾ ) الآيات تتكلم عن خلق الجنس وليس عن خلق الأفراد فكل الجنس جاء من نطفة ثم علقة ثم مضغة لذا جاءت كلمة طفل. أما قوله تعالى في سورة النور (وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا) بكلمة الأطفال فهنا السياق مبني على علاقات الأفراد وليس على الجنس لأن الأطفال لما يبلغوا ينظرون إلى النساء كل واحد نظرة مختلفة فلا يعود التعاطي معهم كجنس يصلح في الحكم فقال (ليستأذنكم الذين لم يبلغوا الحلم منكم) فاقتضى الجمع هنا.
اسلك يدك في جيبك لا تناقض (أدخل يدك في جيبك) لكن يمكن أن نسأل ما سبب الاختيار؟ أصلاً (اسلك) إدخال بيسر وسهولة عموماً وأدخل يدك، كله إدخال لكن يبقى السؤال لماذا هنا اختار اسلك وهنا اختار أدخل؟ لاحظ السلوك كثيراً ما يتعمل في سلوك السهولة مثل سلك الطريق (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا (١٩) لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا (٢٠) نوح) (فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً (٦٩) النحل)، الدخول لا يستعمل لهذه الصورة. نلاحظ في سورة القصص تردد سلوك الأمكنة والسُبل يعني سلوك الصندوق بموسى، سلوك أخته، سلوك موسى في الطريق إلى مدين عندما فرّ، سلوكه إلى العبد الصالح (قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا (٢٥))، سلوك الطريق بالعودة إلى مصر فإذن أنسب استخدام (اسْلُكْ يَدَكَ)، في سورة النمل لم يرد كل هذا السلوك. من ناحية أخرى لو عرضنا هذه المسألة سنلاحظ أنه في القصص الجو في السورة السورة كلها مطبوعة بطابع الخوف كان مقترناً بأم موسى (فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٧)) ثم انتقل الخوف إلى موسى لما قتل واحداً (فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ (١٨)) (فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ (٢١)) الصالح قال (قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٥)) حتى لما كلفه سبحانه وتعالى قال (قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (٣٣)). في سورة النمل ليس فيها خوف وإنما قوة.
اختيار هذين الإسمين له سبب ومناسبة: أولاً هذا متناسب مع ثقل التكليف، فرعون حاكم متجبر يرتدي رداء العزة والسحرة أقسموا (وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ (٤٤) الشعراء) لما قال بعزة فرعون ربنا قال (الْعَزِيزُ) لا عزيز سواه، ليس هو عزيز وإنما هو العزيز وحده قصراً العزّة له كاملة. تأتي الحكيم، الحكيم يعني لا حاكم ولا ذا حكم سواه، الحكيم من الحكم والحكمة كلاهما وقد تأتي الحكيم لأكثر من ذلك لكن هنا يجتمع الأمران لأن الحكيم تأتي بمعنى المحكم. حكيم بمعنى المحكم وهنا تجمع معنيين من الحُكم والحكمة الحاكم أيضاً حكيم هذه مبالغة، ليس بالضرورة أن يكون الحاكم حكيماً والآية توسعت في المعنى ولم تقيد معنى معيناً لكلمة حكيم. إذن لا حاكم ولا ذا حكم سواه وهذا رد على فرعون أيضاً لأن فرعون قال (وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (٥١) الزخرف) إذن هو حاكم وقال (قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (٢٩) غافر) إذن هو حكيم فلما صوّر فرعون نفسه أنه حاكم وحكيم ربنا قال هو العزيز الحكيم لا عزيز الذي أقسم بعزته السحرة ولا حاكم ولا حكيم كما ادّعى فرعون (قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ) هذا حكيم، الحكمة أن يرى الأمور في نصابها قولاً وفعلاً، الحكمة توفيق العلم بالعمل، الحكمة وضع الأمور في موضعها فعلاً وقولاً. من قال حكمة ولم يفعل فليس بحكيم ومن فعل ولم يقل لم ينطق بالحكمة.
سؤال: ماذا قال ربنا تبارك وتعالى تحديداً (إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٩)) أم (إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٣٠)) ؟
صيغة الأنفال طاعة واحدة لله ورسوله الرسول الكريم هنا معرّف بالإضافة إلى إسم الجلالة. (أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ) لاحظ أن الرسول أضيف إلى الضمير يعني أطيعوا الله ورسوله الذي أرسله الله عز وجل بالكتاب هذا الأمر بالطاعة طاعة الرسول هنا هي طاعة الله بالضبط لماذا؟ لأن الرسول جاءك مبلغاً ينقل لكم هذا الكتاب فأطيعوه ولهذا قال وأنتم تسمعون (أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ) (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (٢١) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (٢٢) الأنفال) يعني قضية سماع (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ (٦٧) المائدة) فلما جاءت هذه الصيغة وهي الصيغة الأولى التي ينبغي أن نفهم بأنها أول الصيغ أنت أول عمل تعمله أن تسمع القرآن الكريم، من الذي جاءك به؟ محمد صلى الله عليه وسلم. فلما محمد ﷺ يقول لك هذه آية في سورة كذا هذا القرآن من عند الله هذا كلام الله إنما أنا رسول مبلِّغ عليك أن تطيع (أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ) فيما بلغكم به عن ربه ولهذا أضاف الرسول إليه (أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ) لأن طاعة الرسول هنا هي بالضبط طاعة الله. فحيثما رأيت في كتاب الله أطيعوا الله ورسوله إعلم أن الكلام يتحدث عن القرآن الكريم. هذا الأسلوب الأول.
الأسلوب الثاني:
إذن إفتراض كفر أهل الأرض بلا استثناء لم يجعلهم قمسمين ثم افتراض الكفر مستمر ثم أكد ذلك بـ (جميعاً) فاقتضى ذلك زيادة التأكيد في إبراهيم (فَإِنَّ اللّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ) الله تعالى لا يحتاج إلى غني لما ذكر هذه الأمور افتراض ليكفر أهل الأرض جميعاً وليداموا على الكفر جميعاً هذه كلها مؤكدات. ربنا تعالى لم يؤكد غني في لقمان لأن الناس فئتان ولما كان الناس على ملة واحدة أكّد لأنه تعالى لا يحتاج إليهم حتى لو كانوا كلهم كفار ويداومون ويستمرون على ذلك. فائدة التأكيد هنا فائدة بلاغية أن الله تعالى غني عن العباد كلهم لو كفروا كلهم جميعاً واستمروا ربنا غني عنهم، تأكيد الغنى.
*هل نفهم أنه – والعياذ بالله - في لقمان ليس غنياً بدرجة غناه في سورة إبراهيم؟
هو التأكيد ليس معنى ذلك لكن الموقف يحتاج لهذا الشيء فالله تعالى يقول عن نفسه عالم ومرة يقول عليم ومرة يقول والله غفور رحيم، إن ربك لغفور رحيم، حسب ما يقتضي السياق وهو سبحانه وتعالى غني عن العباد في جميع الأحوال.
وأما سورة الأنعام فإنها يشيع فيها التحذير والتهديد والتوعد وليس فيها مشهد من مشاهد الجنة وإنما فيها صور غير قليلة من مشاهد النار. كما أن السورة لم يرد فيها إسم (الرحمن) على طولها في حين ورد فيها إسم (الله) تعالى (٨٧) سبعاً وثماني مرة فناسب كل تعبير مكانه.
(إن أنتم إلا تكذبون)
لقد واجهوهم بالتكذيب صراحة بعد أن ذكروا ذلك ضمناً بقولهم (ما أنتم إلا بشر مثلنا) وقولهم (وما أنزل الرحمن من شيء) وكان النفي والإثبات بـ(ما) و(إلا) في قوله (قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا) وهنا بـ (إنْ) و(إلا) (إن أنتم إلا تكذبون). ذلك أن (إنْ) أقوى في النفي من (ما) فوضع كل حرف في الموضع الذي يقتضيه ذلك أن قولهم (ما أنتم إلا بشر مثلنا) غير منكور وهو معلوم للجميع. أما قولهم (إن أنتم إلا تكذبون) فهو موضوع النزاع فإنه الوصف الذي يلصقه أهل القرية بهم ويدفعه المرسلون عن أنفسهم فإن كونهم بشراً لا يحتاج إلى إثبات أو دليل بخلاف إثبات الكذب وأهل القرية لم يذكروا بشريتهم إلا ليصلوا إلى تكذيبهم فإن الغرض من قولهم (ما أنتم إلا بشر مثلنا) ليس إثبات البشرية لهم وإنما هو إثبات الكذب عليهم فناسب ذكر أقوى الحرفين فينا فيه قوة وإنكار ويحتاج إلى إثبات.
آية (١٦):
(قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (١٦))
الأمر الآخر ذكر جواب الشرط (حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا)، في أهل الجنة لم يذكر جواب الشرط (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (٧٣)) هنا جواب الشرط محذوف للتفخيم وأحياناً يحذف فعل الشرط للتفخيم والتعظيم سواء كان في العذاب أو في الإكرام (فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (٢٧) محمد) المشهد أكبر من الحديث وحتى في كلامنا العادي نقول: والله لئن قمت إليك وتسكت، أنت تريد ألا تكمل حتى لا يعلم السامع ماذا ستفعل لأنه لو ذكرت أمراً معيناً لاتّقاه وتهيأ له فهذا من الهويل وهنا نفس الشيء (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (٧٣)) هذه كلها عطف ولا تجد جواب الشرط مطلقاً فحذف جواب الشرط لتفخيم وتعظيم ما يلقونه لأن ما يلقونه يضيق عنه الكلام يعني اللغة الحالية الآن لا تستطيع أن تعبر عما يجدون، تضيق عنه (فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) إذن ما يجدونه أكبر من اللغة ولا تستطيع اللغة أن تعبر عنه. الجواب هناك، الجواب ما تراه لا ما تسمعه.
*ربما يتبادر إلى الذهن أن الفعل في بداية الآيتين واحد والمشهد ربما يكون واحد هنا سوق وهنا سوق والملائكة تسوقهم جميعاً فلماذا لم يستخدم صيغة مختلفة مع أهل الجنة غير فعل سيق؟
نلاحظ رب العالمين هنا حاكم وقال (وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٧٥)) كلها هكذا (وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا).
وقد ورد في القرآن الكريم آيتان متتابعتان كل منهما تحتوي على إحدى الجملتين فقد قال تعالى في سورة النساء (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا (١٠١)) وقال تعالى في آية أخرى (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (١٠٢)) الأمر في الأولى يتعلق بالضرب في الأرض وهو السير في الأرض للتجارة أو غيرها، أما في الثانية فالأمر يتعلق بالصلاة في موطن الجهاد فالآية فيها عبادة وفي موطن عبادة أما في الأولى فالموطن مختلف لأن موطن الجهاد أهم من موطن الراحة والاستجمام، والجهاد في مقتصد الدين أكثر من الضرب في الأرض. فجملة (لا جناح عليكم) أقوى لأنها جملة اسمية ومؤكدة فيستعملها في المواطن المهمة كاعبادات وتنظيم الأسرة والأمور المهمة. وهناك فرق كبير بين (ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعاً أو أشتاتاً) والآية الثانية من سورة المائدة مثلاً ولا شك أن الأكل جميعاً أو أشتاتاً ليس بمنزلة الجهاد. وهكذا إذا لاحظنا ورود "لا جناح عليكم" و"ليس عليكم جناح" يجب أن ننبته إلى الموطن الذي جاءت فيه.
كل موطن في القرآن الكريم يذكر (وما بينهما) يأتي تعقيب على من يذكر صفات الله تعالى بغير ما يستحق، تعقيب على قول النصارى (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) وعلى قول اليهود (وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (١٨) المائدة). بعد أن قال تعالى (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا (١٧) المائدة) يقول بعدها (وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٧) المائدة) لِمَ يتخذ الولد وهو الغني؟ له ملك السموات والأرض وما بينهما لا يحتاج الولد. اليهود يقولون نحن أبناء الله وأحباؤه تأتي بعدها (وما بينهما) لماذا رقّيتم أنفسكم؟ هو تعالى لا يحتاج هذا حتى يتخذكم أبناء، لِمَ يتخذكم أبناء وهو الغني؟
وفي سورة المؤمنون (حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩)) قد يقول قائل هم يتكلم ما أدركه الموت، كلا. الكافر يقول رب ارجعون بعد قبض روحه، الرجوع إلى الدنيا يريد أن يرجع إلى الدنيا بعد أن يخرج من الدنيا فإذن هنا معناه (جاء أحدهم الموت) أي اقترب منه وتاله وفارقته الروح. عند ذلك لما يرى ما يرى من هول الحساب يبدأ يقول رب ارجعون. طلب الرجوع إنما يكون لمن فارق الحياة وليس لمن هو في هذه الدنيا. موضعان في القرآن ورد فيهما (جاء) فيهما معنى المفارقة، مفارقة الروح.
آية (٦٥):
*ما الفرق بين استعمال قادر وقدير؟(د. فاضل السامرائى)
لا بد أن تكون هناك مجانسة بين الكلمات ومقتضى الحال ولا تقال الكلمات هكذا ولا يمكن أن يقال في قوم صالح رسالات.
* لماذا جاء في سورة الأعراف قوله تعالى (وأبلغكم رسالة ربي) في قصة سيدنا صالح وجاءت (وأبلغكم رسالات ربي) مع باقي الرسل وجاءت (حقيق على أن لا أقول) في قصة موسى عليه السلام؟(د. حسام النعيمى)
نلاحظ الآية الأولى في قصة صالح (فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (٧٩)) جاءت(رسالة) بالإفراد نجد أن الكلام في قوله تعالى (هذه ناقة الله لكم آية) إذن هناك معجزة وهي الناقة (فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم) إذن هذا تحذير: رسالة الله عز وجل بشأن هذه الناقة إلى قوم صالح أنه إذا مسستموها بسوء سيأخذكم عذاب أليم. إذن الكلام ليس عن الرسالة التي هي الشريعة والدين وإنما على المعجزة أن هذا المخلوق لا تمسوه بسوء. المقصود بالرسالة هو التحذير من قتل الناقة هذه هي الرسالة (أحذّركم من أن تقتلوا الناقة) هم قتلوها فإذن وقع عليهم العذاب. إذن هي ليست الرسالة السماوية ولو كانت الرسالة السمواية سيقول رسالات كما جاءت عند الأنبياء الآخرين بمعنى مفردات الأوامر والنواهي لأن كل أمر هو رسالة. أما هنا القضية تتعلق برسالة واحدة بقضية واحدة: عدم قتل الناقة، (فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٧٧) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (٧٨)) مسألة واضحة: حذّرتكم ونصحت لكم ألا تتعرضوا لها بسوء إذن هذه هي الرسالة.
الفرق بين كذبوا وكفروا، كذبوا قالوا هذا ليس نبي هذا ساحر هذا مجنون الخ، كلمة كفروا تكذيب زائد قتال وأن تعرف أن قريش قاتلوا الإسلام مقاتلة رهيبة كما قال النبي ﷺ لما في مكة قال (ما تظنون أني فاعلٌ بكم) لكثرة ما آذوه فهذه حكاية الأحزاب وتأليب العرب على المسلمين وهم قلة وحصارهم في شعب أبي طالب يعني تعرفون السير. إذاً (كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ) وهو القرآن وحينئذٍ هل هناك شيء في هذا الكون؟ طبعاً لله آيات كثيرة شمس وقمر ونجوم وبحار ورب العالمين كل هذه الآيات الكونية ذكرها على أساس أنها من دلائل الوحدانية وهذا شيء ظاهر كل هذه الآيات الوحدانية من جبال وبحار وشمس وقمر وفي أنفسكم السمع والبصر والخ هل في هذه الآيات على عظمتها وضخامتها ودلالاتها هل فيها واحد أو كلها مجموعة هل تساوي آية من كتاب الله؟ الجواب لا، كل هذه الآيات الكونية لا تساوي آية من كتاب الله عز وجل. ومع هذا هذه آيات الله، هذه آياتنا، هذه آيات ربكم وتكذبون! ولهذا قال (فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ ﴿١١﴾ آل عمران) (فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ ﴿٥٤﴾ الأنفال) من أجل هذه الآية تتكلم عن إضافة هذه الآيات القرآنية التوراتية الإنجيلية الزبورية الصحفية إبراهيم الصحيحة كما نزلت أضافها مرة إلى نفسه (بِآَيَاتِنَا) ومرة إلى اسم الله وهو لفظ الجلالة (بِآَيَاتِ اللَّهِ) ومرة (بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ) فأغلق عليهم الطرق وسد عليهم المنافذ من هذا الذي تأتيه آيات الله وآيات ربه وآياتنا نحن الله ومع هذا يكذب أو يكفر هكذا هو الفرق بين هذه الآيات.
آية (٥٧):
* ما الفرق بين يذّكرون ويتذكرون؟(د. فاضل السامرائى)
الباب الرابع هو التطوع وهذا التطوع باب لا ينتهي (وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ (١٧٧) البقرة) (وما أدراك ما العقبة فك رقبة) هذا التحبيب هذا فقط في القرآن وفي الأحاديث هناك أحاديث كثيرة تتحدث عن إعتاق الرقاب فإذن الإسلام خطا خطوات بعيدة المدى لإذابة وإنهاء الرِقّ. لكن لأنه كان نظاماً عالمياً بقي هذا المنفذ الذي هو منفذ المقابلة بالمثل، الآن إنتهى هذا الأمر وقررت الأمم المتحدة إنهاء الرِقّ والإسلام ليس عنده مشكلة في هذا. لا يقول لك الإسلام ينبغي أن يسترق أبداً إذا وجد هذا النظام يحاول أن يذوّبه لأنه لو فعل كما فعل في الخمرة وأخرج الناس إلى الشوارع يحصل فساد إجتماعي تتحول إلى سرقات وزنا وقتول وغيره. إمرأة في بيت مستور تأكل وتشرب وتعيش وتخدم لكن حاول الإسلام أن يصفّي هذا النظام الموجود لما أُلغيت فكرة أسرى الحروب يكونون رقيقاً والإسلام ليس عنده مشكلة. لا يوجد الآن ملك اليمين لأنه من أين تأتي به؟ الآية كانت خاصة بظروفها إلى عهد قريب أما الخادمات الآن هم أحرار يعملون بمرتّب ولا يجوز معاشرتها معاشرة المرأة إلا أن يعقد عليها فملك اليمين لم يعد موجوداً الآن. لو دخلت دولة مسلمة الحرب مع دولة كافرة يكون أسرى بيننا وبينهم، هم لا يسترقون أسرانا فلا يجوز أن نسترق أسراهم لأنها بالأصل هي مقابلة بالمثل فإذا أنتم لم تفعلوا هذا فنحن لسنا مستعدون لفعلها.
*د. أحمد الكبيسي :
هذا التجبر، عمرو بن كلثوم الذي قتل من أجل أن أمه صرخت واذُلاّه فقتل الملك!. فهذا الإعتداد بالنفس وهذه العنجهية وهم كانوا يصلُون بالصفير والتصفيق لآلهتهم، جاء بهم الإسلام وقال لله سبحانه وتعالى اتوا بنواصيكم للتراب لله لكي تكون أنت أعز على وجه الأرض بإسلامك (ونُشهِد من دبّ تحت الثرى وتحت السما عِزَّة المسلم). هذه الذلة لله سبحانه وتعالى رفعة وعز فالخشوع لله سبحانه وتعالى غير الخشوع يوم القيامة والمذلة لأهل النار (وجوه يومئذ خاشعة) بمعنى ذليلة وخاضعة ومنكسرة لأنها إتجهت إلى النار (عاملة ناصبة) شقية والنصب من التعب والشقاء (تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً) وبدأ يصفهم إذن هؤلاء أهل النار والمسلم لا يقف عند كلمة خاشعة يقول هذا خشوع، هذا خشوع يوم القيامة لأهل النار هو خضوع ومذلة لما شهدوه من سوء أعمالهم.
*ما دلالة تخصيص ذكر الإبل في الآية (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (١٧) الغاشية) دون سائر الأنعام الأخرى؟(د. فاضل السامرائى)
إن كنتم مؤمنين) متعلقة (أخذ ميثاقكم) الرسول يدعوكم وقد أخذ ميثاقكم فإن كنت تريد الإيمان ما الذي سيأتي بك إلى الإيمان؟ إما أن يكون منطق عقلي أو سماع الحجج التي يأتي بها الذي يخاطبك والرسول يأتي بالحجج التي تدل على أنه رسول من عند الله وليس من عند نفسه ومن الناحية النفسية والفطرة إرجع إلى نفسك كيف لا تؤمن؟ إن كنت تنوي الإيمان إذن ما هي الأشياء التي تأتي بك إلى الإيمان؟ عقلك؟ موجود، نفسك؟ موجودة، الحجج؟ موجودة، والذي ينظر فيما جاء به الرسول من الحجج ملزمة لا تقبل الشك. والله تعالى هو الذي أخذ ميثاقهم (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (١٧٢) الأعراف) هو أودع فينا الميثاق في عالم الذر أودع في عقولنا بأن نحاكم ونقبل وأودع في نفوسنا سماعاً مؤيداً بالحجج، عقل في النظر والنفس.
*ما فائدة (قد) مع الفعل الماضي في (وقد أخذ ميثاقكم) هل تفيد التأكيد؟
الآية الأولى في سورة الإنسان (يُدْخِلُ مَن يَشَاء فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (٣١)) والثانية في سورة الفتح (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاء لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (٢٥)). السياق في سورة الإنسان في غير المرحومين (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا (٢٤)) (نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا (٢٨)) إلى أن يقول (يُدْخِلُ مَن يَشَاء فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (٣١)) لما كان السياق في غير المرحومين أخّر الرحمة.
هما أمران. العبودية في القرآن يستعملها على نوعين: العبودية العامة لمطلق العباد (وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (٢٩) ق) العباد عامة والعبودية القهرية سواء شاء أم أبى هو عبد لله (إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (٩٣) مريم)، والعبودية الاختيارية العبد يختار أن يعبد ربه، التكليف ويرضى ويستجيب للعبودية. إذن هنالك عبودية قسرية أو قهرية كلنا عباد الله سواء شئنا أو أبينا رضينا أو لم نرضى آمنا أو كفرنا هذه ليس فيها أجر وليس فيها فضل ولا منة كلنا عباد الله. والعبودية الاختيارية العبد يختار أن يكون عبداً لله يعبده برضاه وإقراره فبمقدار عبوديته لله تكون منزلته أعلى، بقمدار ما يطيع وبمقدار ما يعبد تكون منزلته. فبهذا المعنى سيكون تكريماً للعبد.
(قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا (٢٠)) هذا تبليغ يعلن عن نفسه، الأمر من الله تعالى إلى النبي - ﷺ -. لاحظ التدرج المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً، هذا أمر، استجاب عبد من عباده قام يدعو، أصبحت مناسبة ظاهرة وتدرج واضح. الآية السابقة تطبيق واستجابة وهذا تبليغ ودعوة، إعلان بالقول.
آية (٢١):
(قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا (٢١))
*نلمح في الآية مقابلة الضر بالرشد وليس بالنفع والمتصور أن يكون الضر مقابل النفع؟


الصفحة التالية
Icon