مع نوح (فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٨) المؤمنون) أيضاً تعليم بالأمر (قُل) نوع من التعليم.
في الحكاية عن قولهم (وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (١٥) النمل) إذا وجد الإنسان في نفسه شيئاً قد أكرمه الله تعالى به يقول الحمد لله وهي أيضاً جزئية من كلّية جنس الحمد المخصص لله سبحانه وتعالى.
(قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آَللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (٥٩) النمل) تعليم. أيضاً تعليم أن نقول الحمد لله أنه سبحانه وتعالى اصطفى عباداً وجعلهم مؤمنين وألقى عليهم السكينة والإستقرار. (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٩٣) النمل) إحمد الله عندما تظهر هذه الآيات أو عندما يعلمك كيف تحاور وكيف تناقش فتقول الحمد لله.
قال تعالى في سورة يونس (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ﴿٦١﴾) وقال في سورة سبأ (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ﴿٣﴾). بداية الآية مختلفة، التذييل متشابه، آية سبأ جاءت تذييلا وتعقيبا للحديث عن الساعة، آية يونس جاءت لبيان مقدار إحاطة علم الله بكل شيء، وسعة ذلك العلم، ترتب على هذا اختلاف التعبير بين الآيتين كما سنوضح فيما يلي:
في آية سورة يونس استخدم (ما) أما في سورة سبأ استخدمت (لا) والسبب أن في الأولى جاء سياق الكلام عن مقدار إحاطة علم الله تعالى بكل شيء كما جاء في أول الآية (وما تكون في شأن). أما في الآية الثانية في سورة سبأ فالسياق في التذييل والتعقيب على الساعة. و(لا) هذه قد تكون لا النافية (لا يعزب) وتكون للإستقبال مثل (لا تجزي نفس عن نفس شيئاً) وقد تكون للحال (مالي لا أرى الهدهد). إذن (لا) مطلقة تكون للحال أو للمستقبل وهي أقدم حرف نفي في الهربية وأوسعها استعمالاً. وهي مع المضارع تفيد الإستقبال وهو مطلق كما في قوله تعالى (لا تأتينا الساعة إلا بغتة) فجاء الردّ من الله تعالى (بلى لتأتينكم) و(لا يعزب) كل الجواب يقتضي النفي بـ (لا). وجاء استخدام الضمير (عنه) في آية سورة سبأ لأنه تقدّم ذكر الله تعالى قبله، أما في سورة يونس فلم يتقدم ذكر الله تعالى فجاءت الآية (وما يعزب عن ربك).
*ورد وصف عذاب قوم لوط مرة أنه وقع على القرية ومرة على القوم (فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ (٨٢) هود) (فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ (٧٤) الحجر) فما الفرق بينهما؟ (د. فاضل السامرائى)
في الحجر (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ) وفي هود (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا) عليها يقصد بها القرية وعليهم يقصد بها الناس والقوم. عليهم يعني القوم وعليها يعني القرية يبقى سبب الاختيار. لو لاحظنا الكلام على القوم في الموطنين كيف كان يتحدث حتى نفهم سبب الاختيار سنلاحظ أن الكلام على القوم في الحجر أشد مما في هود ووصفهم بصفات أسوأ مما في هود وذكر أموراً تتعلق بهم أكثر مما في هود: قال في الحجر على لسان الملائكة (قَالُواْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ (٥٨)) وفي هود (إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ (٧٠))، وفي الحجر قال (وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاء مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ (٦٦)) وفي هود (وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ (٧٦)) العذاب هنا لا يقتضي الإستئصال أما في الحجر فهناك استئصال فما في الحجر إذن أشد مما في هود. أقسم على حياة الرسول في الحجر على هؤلاء فقال (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (٧٢)) ولم يقسم في هود. إذن ما ورد في الحجر في قوم لوط أشد مما ورد في هود وصفهم بالإجرام وأنه سيتأصلهم وأنهم في سكرتهم يعمهون فذكرهم هم (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً) ذكرهم هم ولم يذكرهم في هود فلما ذكرهم هم قال وأمطرنا عليهم ولما لم يذكرهم قال وأمطرنا عليها هذه أخف. أمطرنا عليهم أشد من أمطرنا عليها ذكر فأمطرنا عليهم في مقام الشدة والصفات السيئة.
لو قال ارجعوا بقميصي كان معناه أن القميص كان معه، مثل (اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (٢٨) النمل)، إرجع به يعني احتمال أن القميص كان معه، هم يرجعون لكن القميص لم يكن معهم قال اذهبوا بقميصي. (ارْجِعُواْ إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُواْ يَا أَبَانَا (٨١) يوسف) قال ارجعوا إلى أبيكم من حيث المعنى هو رجوع لكن قال اذهبوا بقميصي حتى لا يوهم أن القميص كان معهم قال (اذهبوا به) الذهاب به ليس معناه كان معهم أما ارجعوا به معناه كان معهم. (اذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي (٩٣)) قميصي وأبي تعاطف بينهما حتى يعود بصيراً ولو لم تكن هذه العلاقة كيف يرجع بصيراً؟ علاقة التعاطف. لما قال ارجعوا قال أبيكم ولما قال بقميصي قال أبي، نفس الضمير، قميصي – أبي، ارجعوا – أبيكم، تناسب دقيق.
سؤال: هل هنالك قديماً مؤلفات بيانية بلاغية في هذا الموضوع؟
أولاً كتب التفسير التي تعني بهذه الأمور موجودة مثل الكشاف وقبله كتب كثيرة، كتب التفسير المتأخرة مثل الرازي والبحر المحيط والألوسي في كتب التفسير وكتب المتشابه مثل درة التنزيل وملاك التأويل والبرهان في متشابه القرآن للكرماني كشف المعاني وكتب الإعجاز مثل معترك الأقران للسيوطي يبحث في الأمثلة وكتب علوم القرآن مثل البرهان في علم القرآن للزركشي والاتقان للسيوطي نفسها فيها اختيارات من هذا الأمر كثير وكثير من كتب البلاغة تأخذ أمثلة كشواهد، كتب متفرقة متعددة وهذا العلم واسع.
هذا العلم واسع وليس في مقدور كل إنسان أن يبحر في هذا العلم؟
المسلمون صغيرهم وكبيرهم تقيهم وفاسقهم وكل من يقول لا إله إلا الله محمد رسول لهذا كما قال تعالى (لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴿١٤٣﴾ البقرة) فكل المسلمون سوف يشهدون أن هذا فلان الفلاني كان لا يفرِّق بين أصحاب الرسالات وفلان الفلاني كان يفرِّق، كل واحد إذا عرف واحد من اليهود أو من النصارى ما كان يفرِّق بين أصحاب الأديان ولا يتعالى على غيره يقول يا ربي هذا كان كذا (لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) وقال (نَبْعَثُ فِي كُلِّ) من غيرهم من خارجهم، (نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ) من تلك الأمة نفسها، هذا الفرق بين (نَبْعَثُ فِي كُلِّ) و (نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ).
آية (٨٩):
*انظر آية (٤٤). ؟؟؟
* انظر آية ( ٦٤). ؟؟؟
*انظر آية (٨٤). ؟؟؟
*في قوله تعالى (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ ﴿٨٩﴾ النحل) (وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ) وقوله (وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا) ما الفرق بينهما؟(د. أحمد الكبيسى)
الإيتاء يشمل الهبة وزيادة في اللغة، الإيتاء يشمل الهبة وقد يكون في الأموال وهو يشمل الهبة وغيرها فهو أعم، (آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا (٢٢) يوسف) (وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً (٥٩) الإسراء) لا يمكن أن نقول وهبنا (آتيناه الكتاب) آتينا أعم من وهبنا.
آية (٦٠):
*ما دلالة الشجرة الملعونة في الآية (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ (٦٠) الإسراء)؟ (د. فاضل السامرائى)
الآن هذا لكي يبين لك ما الفرق بين أن يعطيك من عنده ومن لدنه معنى أنت عندما تكون من لدنه يعطيك مباشرة من دون أسباب لا بد أن تكون إما نبياً أو تكون قريباً من رب العالمين قرباً خيالياً. (آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا) والرحمة في ملك الله لا حدود لها في كل مكان. (وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا) لا يمكن لأحد أن يعلِّمك يعني علم الله لا يأتي بالأسباب يسمونه علم لدني بدون أسباب. أنت تتعلم بالأسباب تذهب إلى الجامعة إلى المدرسة الثانوية ابتدائية عند شيخ عند أستاذ يعلمك هذا يعلمك علماً لكن إذا كان من لدن الله من دون معلِّم (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) عن طريق شيخ عن طريق مُفَقِّه لكن قال نحن رب العالمين (وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا) بدون أسباب هكذا شيء (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ﴿٥﴾ مريم) لو قال هب لي من عندك كان تزوج واحدة تجيب أولاد وهذا من رب العالمين (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ﴿٤٩﴾ الشورى) الخ هذا من عنده، قال لك أنا كبير وزوجتي عاقر ليس من الممكن أن ننجب أولاد بدون أسباب أعطيني قال (مِنْ لَدُنْكَ) (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا). هذا الفرق بين من عندك ومن لدنك، من عندك بالأسباب سخّر لي أحد عبادك يعطيني، من لدنك مباشرة ورب العالمين قال (وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ﴿٩٠﴾ الأنبياء) يا فلانة كن فيكون روحي احملي فحملت من دون أسباب. هذا الفرق بين (مِنْ لَدُنْهُ) و (عِنْدَهُ). )))))).
*هل ذهب الفتى مع موسى في الرحلة؟
الآن نأتي إلى الرحمة نجد أن الرحمة شاعت في سورة مريم سياق السورة والسمة التعبيرية الرحمة شائعة من أول السورة إلى آخرها (ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (٢)) (سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (٩٦)) لا تدانيها سورة في ذكر الرحمن (قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا (١٨)) وفي البقرة (قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٦٧)) حتى لو أخذنا اللفظة الرحمن في مريم وردت في ١٦ مرة ووردت في البقرة مرة واحدة فقط (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (١٦٣)) فإذا أخذناها من السمة التعبيرية فالرحمن أكثر. هناك أمر آخر إضافة إلى السمة التعبيرية بين الآيتين (قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا) (قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) أصلاً السياق في البقرة سياق عقوبة ومسخ وتنكيل (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ (٦٥) فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ (٦٦)) لفظ الرحمن لا يناسب المسخ والتنكيل فقال (أعوذ بالله) بينما في مريم (أعوذ بالرحمن) هي تستجير وتطلب من الرحمن أن يرحمها لأن لفظ الرحمن مناسب للحالة التي هي فيها تريد أن يرحمها ربها ويخلّصها مما هي فيه فإذن كل لفظة هي مناسبة في سياقها. سياق المسخ والعقوبة لا يتناسب مع الرحمة والرحمن فكيف مسخهم وهو الرحمن وكيف جعلهم قردة وخاسئين وهو الرحمن لا يستوي. مع أن الآيتين فيهما أعوذ وأعوذ ولكن ننظر السياق التي وردت فيه اللفظة. أنت لما تطلب الرزق تقول يا رزاق ارزقني ولا تقل يا قابض فكل كلمة لها مغزى ودلالة.
آية (٩٣):
ما الفرق بين الصم والبكم وبين صم بكم؟. الصم الذي لا يسمع والأبكم الذي لا يتكلم. في البقرة لما قال (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ) وفي الأنعام قال (صُمٌّ وَبُكْمٌ). (صم بكم عمي) هم في جماعة واحدة، (صم وبكم) فيها احتمالان أن يكون جماعة أو أكثر من جماعة قسم صم وقسم بكم. هؤلاء شعراء فقهاء وكتاب، الصفات الثلاث في فئة واحدو هؤلاء شعراء وفقهاء وكتاب أي يحتمل أن المجموعة فيها ثلاث فئات. عندما قال صم بكم عمي الكلام في فئة واحدة وعندما قال صم وبكم احتمالين احتمال أن تكون جماعة واحدة واحتمال أن يكون جماعات متعددة قسم صم وقسم بكم وذكر في القرآن من يتكلم ولا يبصر (قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا (١٢٥) طه) أعمى وليس أبكماً. إذن هذا المعنى اختلف كل واحدة لها دلالة قطعية. إحتمال أن تكون الصفة واحدة والعطف لا يقتضي المغايرة دائماً نقول هذا رجل كاتب وفقيه، تعدد الأوصاف بحسب الغرض منها. يبقى السؤال لماذا اختار في آية البقرة أن لا يذكر الواو وذكرها في آية الأنعام؟ لماذا هذه المغايرة؟ آية البقرة أشدّ لأنها في جماعة واحدة ذكر العمى والصمم والبكم (صم بكم عمي) وقال أيضاً في الظلمات (وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ (١٧) البقرة، آية الأنعام أقلّ لم يذكر العمى قال (وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ) إذن أهل البقرة أشد الموصوفين هؤلاء ذكر في المنافقين تسع آيات من الآية (٨) إلى الآية (٢٠) ووصفهم بصفات متعددة فذكر الإفساد ومخادعة الله والذين آمنوا والاستهزاء وشراء الضلالة بالهدى إضافة إلى صفة التكذيب أما في الأنعام آية واحدة فقط وذكر صفة التكذيب بالآيات، صفة واحدة (وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَن يَشَإِ اللّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (٣٩)) آية واحدة.
لكن قال (كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آَتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا (٩٩) مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا (١٠٠) خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا (١٠١) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا (١٠٢) طه) هنا فصل في العذاب، (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (١٢٤) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (١٢٥) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (١٢٦) طه) هذا تفصيل العذاب، (وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا (١٧) الجن) ولم يقل في الآيات مثل هذا التهديد. إذن لما يذكر الإعراض عن الذكر يذكر العقوبة أشد وهذا منطقي لأن الذكر أعم والآيات جزء من الذكر.
سؤال: إذا قرن العذاب بالجزء ينطبق على الكل لكن لما يقرن العذاب بالكل فهل ينسحب على الجزء؟
هو ذكر ما يتعلق بالإشارة (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي) هذا جزء من الذكر، الآيات جزء من الذكر فعندما يذكر الإعراض عن الذكر هل يجعله من المناسب أن يذكره كالإعراض عن آية واحدة؟ هل الإعراض عن الشريعة كلها كالإعراض عن جزئية من الشريعة؟ لا، هل العقوبة واحدة؟ لا، هل يصح أن تذكر العقوبة واحدة مع الإعراض عن الكل والإعراض عن الجزء؟ لا. لو فعل هذا لسألنا كيف يكون الإعراض عن الجزء كالإعراض عن الكل؟
آية (١٢٨):
في آخر النور قال (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٦٣)) هذا إنذار وفي أول الفرقان (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (١)). وفي آخر النور قال (وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٦٤)) وفي أول الفرقان (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (٢)) الذي يخلق كل شيء ويقدره هو بكل شيء عليم، والله بكل شيء عليم وخلق كل شيء فقدره تقديراً.
تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله تم بحمد الله
تم بحمد الله وفضله ترتيب هذه اللمسات البيانية في سورة النور للدكتور فاضل صالح السامرائي والدكتور حسام النعيمى زادهما الله علما ونفع بهما الاسلام والمسلمين وجزاهما عنا خير الجزاء والدكتور أحمد الكبيسى وقامت بنشرها الأخت الفاضلة سمر الأرناؤوط فى موقعها إسلاميات جزاها الله خير الجزاء.. فما كان من فضلٍ فمن الله وما كان من خطأٍ أوسهوٍ فمن نفسى ومن الشيطان.
أسأل الله تعالى ان يتقبل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفعنا بهذا العلم فى الدنيا والآخرة ويلهمنا تدبر آيات كتابه العزيز على النحو الذى يرضيه وأن يغفر لنا وللمسلمين جميعاً يوم تقوم الأشهاد ولله الحمد والمنة. وأسألكم دعوة صالحة بظهر الغيب عسى الله أن يرزقنا حسن الخاتمة ويرزقنا صحبة نبيه الكريم فى الفردوس الأعلى.
الرجاء توزيع هذه الصفحات لتعم الفائدة إن شاء الله وجزى الله كل من يساهم في نشر هذه اللمسات خير الجزاء في الدنيا والآخرة.
وقال وجنوده لم تقل ولجنود، سليمان هذا الحاكم له جنود كثيرين من الطير وغيرهم لو قالت الجند لكانت تعني العساكر فقط أما جنوده فكثيرين (وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (١٧) النمل)، ثم قالت وهم لا يشعرون نفت شعورهم ولم نفي العلم ما قال فهم لا يعلمون. يعني جنود تشمل الإنس والطير، (جنوده) إضافة لسليمان تعظيماً له وجنود سليمان كثيرة ومتعددة ومتنوعة (وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ) الطير من جنود سليمان أيضاً.
سؤال: هل كانت النملة تكلمهم بلسان الحال؟
سيدنا سليمان عُلم منطق الطير فتبسم ضاحكاً من قولها، سمع الكلام وأدركه وهي تخاطبهم.
(لا يحطمنكم) لا يحطمنكم نهي تنهي النمل عن التواجد في مثل هذا المكان حتى لا يُحطم. أصحاب الإعجاز العلمي يقفون عند (يحطمنكم) يقولون أن النمل مصنوع من مواد سيليكونية قابلة للتحطيم.
فى إجابة سابقة للدكتور فاضل السامرائى:
فإن موسى لم يبدل حسنا بعد سوء، ذلك انه عليه السلام لم يكن سيئا بخلاف ملكة سبأ، فإنها كانت مشركة، وقد بدلت حسنا بعد سوء. فما جاء من قوله: "إلّا من ظَلَمَ ثُمّ بَدّل حُسنا بَعدَ سوء.. " أكثر ملاءمة للموضع الذي ورد فيه من كل ناحية.
سؤال: (إلا) الاستثانئية هل هذه مستثنى؟
هذا مستثنى وليس مستثنى منه. هذه عامة على جميع المكلفين البشرية إنس وجن من ظلم ثم بدل حسناً بعد سوء فالله يغفر له هذا حكم عام ليس خاصاً بأحد (إِلَّا مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ (١١)) ليست خاصة بأحد.
؟ قال في النمل: "وَأدخِلْ يَدَكَ في جَيْبِك" وقال في القصص: "اسْلُك يَدَكَ في جَيْبِك"
العلم هو الذي يجعلك أنت أهلاً للفتوى من أولي الأمر الذين أنت من ورثة النبي تحلل وتحرم (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ (٨٣) النساء) العلم وحينئذٍ أصحاب العلم هم الذين يملكون الدليل ويملكون البصيرة (قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ (١٠٤) الأنعام) أدلة على التوحيد والفقه (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي (١٠٨) يوسف) وحينئذٍ العلماء الذين لهم حق الفتوى هو الذي يملك الدليل والفتوى مصيبة المصائب النبي ﷺ أول مفتي (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ (١٢٧) النساء) الخ فمن يملك الدليل حجة على من لا يملك الدليل ولهذا إذا شاعت الفوضى وتصدى الجهلاء كما قال النبي ﷺ (لا تقوم الساعة حتى يرفع العلم وينزل الجهل) كل واحد تكلم كلمتين حلوين صار مفتي ويحلل ويحرم على أن الفتوى خطيرة يقول المصطفى ﷺ (أجرأكم على النار أجرأكم على الإفتاء) أصحاب النبي رضوان الله عليهم كنت تسأل الواحد عن سؤال يقول لك اذهب إلى فلان وفلان يقول لك اذهب إلى فلان وهكذا إلى أن تعود على الأول كانوا يتدافعونها لأنها المسؤولية الكبيرة من أفتاه فإنما اثمه على من أفتاه إذا أفتيت فتوى وعمل بها الناس وكانت خطأ بلا دليل ولا علم ولا أصول فقه ما عندك حجة على الله هوى اتبع الهوى كما فعل بلعم (وَاتَّبَعَ هَوَاهُ) فكلهم يعملون هم في السليم وأنت الذي تذهب في النار لأن إثم هؤلاء في النهاية عليك.
الأسلوب الأخير:
هذه حكمة أولاً بدأ بقوله (يا بني) بُنيّ معناها تصغير ابن وإضافة إلى النفس (بُنيّ يعني ابني) فيها تحبيب ورفق وتلطف كما في نوح (وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ (٤٢) هود) فيها شفقة به ورحمة. لما قال له (يا بني) الوعظ بدأ فيما ذكر فيما بعد (لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ) ولكن أراد أن يفتح قلبه وهذا توجيه للدعاة وللآباء أن يبدأوا بكلمة رفيقة فيها حنان وشفقة ورأفة لأن الكلام اللين يفتح القلوب والنفوس لا يصيح بابنه وإنما يأتي إلى ابنه بكلام لطيف ويضع يده على كتفه ويبدأ بالكلام اللطيف الهين عند ذلك ينتفع الإبن باللطف والحنان أكثر مما ينتفع بالقول. حتى ربنا سبحانه وتعالى قال (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (٤٣) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (٤٤) طه) اللين في القول يفتح القلوب العصية ويفتح النفوس لذا قال لقمان (يا بني) حنان ورفق ولطف وشفقة وحتى لو كان الإبن ينوي المخالفة يخجل من المخالفة.
ثم بدأ (لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ) قبل العبادة. التوحيد رأس الإيمان وأول ما ينبغي أن يغرس في النفوس التوحيد لأن أساس الصلاح هو التوحيد. النهي عن الشرك مقدّم على العبادة لأنه لا تنفع عبادة مع الشرك فإذن بدأ بما هو أهمّ. ثم النهي عن الشرك يتعلمه الصغير والكبير يمكن أن تعلم الصغير لا إله إلا الله أما العبادة فلا تكون إلا بعد التكليف. لم يثبت كم كان عمر ابنه. ثم الانتهاء عن الشرك أيسر من العبادة وأسهل وكثير من الموحّدين يتهاونون في العبادة. الإنتهاء عن الشرك أيسر من القيام بالعبادة فبدأ بما هو أهم وأعمّ يعم الصغير والكبير وأيسر.
*(إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) كيف يكون الشرك ظلم عظيم؟
تطيرنا بكم أي تشاءمنا بكم فلم نر على وجوهكم خيراً في عيشنا. وقد تقول لقد قال في سورة النمل في قوم صالح (قالوا اطيرنا بك وبمن معك (٤٧) النمل) فأبدل وأدغم فلم لم يقل ههنا كما قال ثمَّ؟ والجواب أنا ذكرنا في كتابنا بلاغة الكلمة في التعبير القرآني أن (اطّير) ونحوه كادّبّر واطّهّر أبلغ من (تطير) ونحوه لمكان التضعيف في الفاء زيادة على تضعيف العين فدل على أن التطير في سورة النمل أشد منه مما في هذه الآية، يدل على ذلك أنهم في هذه الآية هددوهم بالرجم والتعذيب إن لم ينتهوا. وأما في سورة النمل فقد تعاهدوا وتقاسموا بالله على قتله مع أهله (قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله (٤٩) النمل) فدل على أن تطيرهم في سورة النمل أقوى وأشد.
وقد تقول إذا كان الأمر كذلك فلم إذن أكّد التطير بـ (إنّ) في سورة يس فقال (إنا تطيرنا بكم) ولو يؤكده في سورة النمل فإنه قال (قالوا اطيرنا)؟ والجواب أنه لا يلزم في الكلام توكيد كل فعل فيه مبالغة وشدة دوما فإنه إذا ذكر المتكلم فعلاً أقوى وأبلغ من فعل أو وصفاً أقوى من وصف لا يلزمه أن يؤكد الفعل أو الوصف الأقوى منهما وإنما يكون ذلك بحسب الغرض فله أن يؤكد أي واحد منهما بحسب ما يقتضيه الكلام فله أن يقول مثلاً (اصطبرت عليك وإني صبرت على فلان) فيذكر الإصطبار من دون توكيد ويؤكد الصبر مع أن الاصطبار أبلغ وأقوى من الصبر لأن الغرض من العبارة أن يخبر باصطباره عليه ويؤكد صبره على الآخر.
ولك أن تقول (إنه كاذب) فتؤكد إسم الفاعل وتقول (هو كذاب) فلا تؤكد صيغة المبالغة مع أن المبالغة أقوى من إسم الفاعل ولا يلزم من مبالغة الوصف التوكيد وإنما يكون ذلك بحسب الغرض. قال تعالى (وإنهم لكاذبون) في أكثر من موطن فأكّد بـ(إنّ) واللام.
وقال (هذا ساحر كذاب (٤) ص) و(بل هو كذاب أشر (٢٥) القمر) ولم يؤكد مع أن (كذاب) صيغة مبالغة فأكد إسم الفاعل ولم يؤكد المبالغة.
وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ) هناك تبديل فالأرض الذي يورثها المؤمنون يتبوأون من الجنة هي ليست هذه الأرض وإنما هي أرض الآخرة التي قال تعالى عنها (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (٤٨) إبراهيم). فإذن نحن لسنا والعياذ بالله في يد الرحمن كما تهيأ للسائلة ونحاسب كلا. نحن في قبضته أي في سيطرته وفي ملكه فنحاسب.
آية (٧٥):
*انظر آية (١٦). ؟؟؟
*(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (٥٨) العنكبوت) – (أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (١٣٦) آل عمران) – (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (٧٤) الزمر)؟(د. أحمد الكبيسى)
لماذا مرة (نعم أجر العاملين) ومرة بالواو (ونعم أجر العاملين) ومرة بالفاء (فنعم أجر العاملين)؟ عندما تكرّم الأول في الجامعة هناك أول مكرر هناك أكثر من أول فأعطيت كل واحد سيارة هذا نعم أجر العاملين، لكن أول الأوائل الذي هو أولهم أخذ سيارتين هذا ونعم أجر العاملين هذه أقوى من الأولى، أما فنعم أجر العاملين هذه عندما يستلمون الجائزة.
أما (إن) فستعمل لما قد يقع ولما هو محتمل حدوثه أو مشكوك فيه أو نادر او مستحيل كما في قوله تعالى (أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا) هنا احتمال وافتراض، و (وإن يروا كِسفاً من السماء ساقطاً) لم يقع ولكنه احتمال، و(وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) الأصل أن لا يقع ولكن هناك احتمال بوقوعه، وكذلك في سورة (انظر إلى الجبل فإن استقرّ مكانه) افتراض واحتمال وقوعه.
آية (٢٦):
*(حَكِيمٌ عَليمٌ) (عَلِيمٌ حَكِيمٌ) فما الفرق بينهما؟(د. فاضل السامرائى)
*جاءت كلمة بشر (فَقَالُوا أَبَشَرًا مِّنَّا وَاحِدًا نَّتَّبِعُهُ (٢٤) القمر) مفرد و(بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ (١٨) المائدة) جمع فلماذا؟(د. فاضل السامرائى)
هذا سؤال لغوي نجيب عنه الآن: كلمة ضيف تقال للمفرد وللجمع في اللغة في سورة الحجر (قَالَ إِنَّ هَؤُلاء ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ (٦٨)) وفي الذاريات (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (٢٤)) كلمة ضيف جاءت بالمفرد مع أن الملائكة مكرمين يعني جمع، مثلها كلمة خصم تقال للمفرد وللجمع (وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (٢١) ص) وهذه ليست مختصة بالإفراد. وكذلك كلمة طفل تأتي للمفرد وللجمع عندنا كلمات في اللغة تأتي للمفرد وللجمع. وكذلك كلمة بشر (فَقَالُوا أَبَشَرًا مِّنَّا وَاحِدًا نَّتَّبِعُهُ (٢٤) القمر) مفرد (بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ (١٨) المائدة) جمع. عندنا كلمات تكون للمفرد وللجمع منها كلمة بشر وضيف تكون للمفرد وللجمع. عندنا ضيوف وأضياف وعندنا خصم وخصوم وطفل وأطفال ورسول أيضاً تستعمل مفرد وجمع، ورسل، رسول جمع أيضاً تستعمل للمفرد والمثنى والجمع والمصدر أيضاً وهذا يسمى في اللغة إشتراك. الرسول تأتي بمعنى الرسالة والإرسال، المبلِّغ هذا الأصل فيها (فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦) الشعراء) (فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ (٤٧) طه).
آية (١٩):
*ورتل القرآن ترتيلاً:
(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ (١٩) المائدة) الفترة هي الفتور أي لين بعد شدة وضعف بعد قوة فقوله (عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ) أي سكون حال عن مجيء الرسول فقبل بعثته ﷺ كانت الرسل تبعث تترى متتالية.
آية (٢٠):
*ورتل القرآن ترتيلاً:
كلمة عالِم في القرآن لم ترد إلا في عالم الغيب مفرداً أو الغيب والشهادة، إما الغيب وإما الغيب والشهادة في القرآن كله لم ترد كلمة عالِم في ١٤ موضعاً لم ترد بمعنى آخر. مقترنة بالغيب (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦) الجن) أو بالغيب والشهادة (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (٧٣) الأنعام) أو لم تقترن (عالِم) إسم فاعل لا يدل على الكثير عادة فاستعملها بالمفرد الذي لا يدل على التكثير. (عليم) خصصها للغيوب (وَأَنَّ اللّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (٧٨) التوبة) لا تجد كلمة علام في القرآن في غير علام الغيوب ولم ترد إلا مع الغيوب جمع الغيب مجموعة، العلاّم كثرة والغيوب كثرة مثل سمّاع وسميع في القرآن: سمّاع استعملها في الذمّ (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ (٤١) المائدة) (وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ (٤٧) التوبة) وسميع إستعملها تعالى لنفسه (وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) واستعملها في الثناء على الإنسان (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (٢) الإنسان) وسماع لم يستعملها إلا في الذم. إذن القرآن يخصص في الاستعمال. عليم مطلقة ويستعملها في كل المعلومات على سبيل الإطلاق (بكل شيء عليم) يستعملها إما للإطلاق على الكثير أو يطلقها بدون تقييد (واسع عليم) أو يستعملها مع الجمع أو فعل الجمع. مثلاً لما يقول (وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (٧٩) يونس) هذه مطلقة (كل) تدل على العموم، (بكل شيء عليم) هذا إطلاق، أو على العموم. قلنا إذن يستعملها مطلقة (إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)، أو عامة (بكل شيء عليم) أو مع الجمع أو مع فعل الجمع.
الآية الثانية هي من كلام الله سبحانه وتعالى المباشر في سورة النمل (فما كان جواب قومه فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ (٥٧) النمل) (فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ) خبر، (إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ) ما قال قدرنا إنها، ما أبعدها وما احتاج إلى تأكيدات لأن الله سبحانه وتعالى يخبرنا بأمر: بأن قوم لوط أجابوا بهذه الإجابة فالله سبحانه وتعالى أنجاه وأهله إلا امرأته قدرها رب العزة من الغابرين. وأُنظر كيف ربط الضمير بالفعل مباشرة ما أبعده (قدرناها) لأن هذا قدره سبحانه وتعالى فما إحتاج إلى إبعاده. الغابرين قالوا بمعنى الباقين الهالكين الذين بقوا في الهلاك. نهاية الآية تفسر لنا كلمة كانت. لما قال (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (٥٨) )انتهى الكلام على ذكر الأمم، كان آخر شيء في ذكر الأمم يعني لم تكن هناك حكاية ورواية لأمور وإنما رواية لهذه المسألة. النهاية كانت (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آَللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (٥٩)) لم يذكر أمة أخرى وراءها. هو لا يتحدث حديثاً تاريخياً متواصلاً وإنما إنقطع الكلام هنا.
أعتد فيها حضور وقرب والعتيد هو الحاضر (هذا ما لدي عتيد) أي حاضر وقوله (وأعتدت لهن متكئاً بمعنى حضّرت أما الإعداد فهو التهيئة وليس بالضرورة الحضور كما في قوله تعالى (وأعدوا لهم ما استطعتم) بمعنى هيّأوا وليس حضروا وقوله (ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عُدّة) أما في سورة النساء فقال تعالى (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً ﴿١٨﴾) لأنهم ماتوا فأصبح الحال حاضراً وليس مهيأ فقط، وكذلك ما ورد في سورة الفرقان (وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً ﴿٣٧﴾) قوم نوح أُغرقوا وماتوا أصلاً فجاءت أعتدنا. أما في سورة النساء (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً ﴿٩٣﴾) هؤلاء لا يزالون أحياء وليسوا أمواتاً فجاءت أعد بمعنى هيّأ. ومما سبق نقول أنه في آية سورة الإنسان بما أن جزاء أهل الجنة بالحضور بصيغة الوقوع لا بصيغة المستقبل كذلك يقتضي أن يكون عقاب الكافرين حاضراً كما أن جزاء المؤمنين حاضر فقال تعالى في أهل الجنة (يشربون من كأس، ولقّاهم نضرة وسرورا، وجزاهم بما صبروا) وجاء عقاب الكافرين حاضراً بصيغة الوقوع فقال تعالى (إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالاً وسعيرا).
*د. أحمد الكبيسى :
أما في الآية الثانية فالفعل مُسند إلى واو الجماعة ولم تباشره نون التوكيد وأصل الفعل إذا حذفنا نون التوكيد (يقولون) ومثلها الآيات ٦١ و٦٣ في سورة العنكبوت والآية ٩ و٨٧ في الزخرف والآية ٣٨ في الزمر والآية ٦٥ من سورة التوبة (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (٦٥)) والآية ٨ من سورة هود (وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٨)).
ولهذا فلا بد أن يكون الفعل في الآية الأولى مبني على الفتح لأنه مُسند إلى اسم ظاهر (ليقولَّن) والثاني مُسند إلى واو الجماعة (ليقولُنّ) مرفوع بالنون المحذوفة لتوالي الأمثال والواو المحذوفة لالتقاء الساكنين. أصل الفعل يقولون مرفوع بثبات النون وعندما جاءت نون التوكيد الثقيلة يصبح عندنا ٣ نونات ويصبح هذا كثيراً فيحذفون نون الرفع وتبقى نون التوكيد واللام لام الفعل.
ما قال أحد أن الأوتاد هي الأهرامات بقدر إطلاعي. في كلام المفسرين (والجبال أوتاداً) لأن الوتِد (وتِد أفصح من وتَد) جزء منه في داخل الأرض أولاً ثم يكون مثبّتاً للخيمة. هذه الأسباب التي هي الجبال المشدودة بالخيمة تربط بالوتد فتكون خيمة ويكون العمود في وسطها. كيف شبّه الرسول ؟ منزلة الصلاة قال: "الصلاة عمود الدين فمن أقامها فقد أقام الدين ومن هدمها فقد هدم الدين" لأنه يمكن أن تضع الأوتاد وتربط الأسباب التي هي الحبال لكن لا تضع العمود فلا تكون خيمة وإنما تكون بساطاً مربوطاً من جهات كثيرة فلا تؤويك من برد ولا من حر، فقد يكون الإنسان كريماً حسن التعامل منفقاً وخيّراً هذه مطلوبة لكنه إذا كان لا يصلي فهو من غير عمود فليس عنده بيت. والذي يضع العمود ولا يربط الأوتاد والحبال يصلي مثلاً ولكنه يشتم هذا ويلعن هذا ويعتدي على هذا، هذا ما ربط الأسباب أيضاً لا يكون بيتاً يكون عمود وحوله قماش فهذا لا يؤويك من شيء. فهذا تلازم الصورة في الحديث الشريف من الصور الرائعة.
الجبال في دراسات طبيعة الأرض والعلماء يقولون (العهدة عليهم) أن تضاريس الأرض والجبال فيها هي التي تثبت اليابسة وإلا كانت تبقى زلازل وتطمرها المياه (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٣) الرعد) وهذا جاء موافقاً لكلام الله سبحانه وتعالى والذين يقولون ليسوا مسلمين كما أن الأوتاد تثبت أركان الخيمة الجبال تثبت اليابسة. (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (٩) النبأ) كمهد الطفل ممهدة مجهزة معدّة (والجبال أوتاداً) ثبتناها حتى تبقى ممهدة جعلت هذه الجبال.
فقال تعالى (هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) فيها ثلاث تكريمات: هو الذي ينزل على عبده لا غيره، وعبده، وآيات بينات. لماذا؟ ليخرجكم من الظلمات إلى النور، إذن هو الذي ينزل ويخرجكم من الظلمات. وكلمة (عبده) المقصود بها رسول الله - ﷺ - ووصف الآيات بأنها بيّنات ظاهرات بحجة والدلالة واضحة. آيات مقصود بها القرآن الكريم.
*من الذي يُخرج؟
(ليخرجكم) فيها إحتمالان وكلاهما يصح: الله تعالى هو الذي يُخرِج والرسول - ﷺ - يُخرِج لأنه هادي. (يخرجكم) يحتمل أن يرجع إلى الله تعالى وأن يرجع إلى الرسول - ﷺ - وكلاهما صحيح. قال تعالى (ليخرجكم من الظلمات إلى النور) يجمع القرآن دائماً الظلمات ويٌفرِ النور لأن الظلمات مصادرها متعددة أما النور مفرد وليس له إلا سبيل واحد وهو الطريق النازل من السماء. ليس هناك هداية على الحقيقة إلا ما جاءت به الرسل. أما الظلمات متعددة الشيطان والنفس وغيرها، لذلك الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم يجمع الظلمات في القرآن ويفرد النور.
*قال تعالى في أول الآية: هو ثم عبده، وفي نهاية الآية قال: إن الله بكم لرؤوف رحيم فلماذا لم يقل مثلاً إنه بكم لرؤوف رحيم؟ وما الفرق بين الرحمة والرأفة؟
هو أوضح من هو بعد أن كان ضميراً جاء بالظاهر، الظاهر والضمير تضافرا على المقصود وحتى لا يشت الذهن لأمر آخر قال (وإن الله بكم لرؤوف رحيم).
*الفرق بين الرأفة والرحمة :
العرب والقرآن يُعبّرون عن الأحداث الماضية بفعل مضارع وعن الأحداث المستقبلية بفعل ماضي. والتعبير عن الأحداث المستقبلية بالفعل الماضي دلالة على أن هذا الأمر واقع وهو بمنزلة ما مضى من الأفعال. فلا شك في وقوع حدث ماضي لأن الفعل الماضي لا شك في حدوثه فهذه الأحداث المستقبلية وإن كانت مستقبلة فهي بمنزلة ما مضى من الأفعال ولا شك بوقوعها. فكما أن الفعل الماضي حصل ووقع فهذه بدلالة ما وقع وحصل. كما في قوله تعالى (وسيق الذين كفروا) وكذلك قوله (ونادى أصحاب الأعراف). فهذه الأحداث المستقبلية هي من التحقق بمنزلة ما مضى من الأفعال.
وبالمقابل له أكثر من غرض متى يستعمل الفعل الماضي في المضارع؟ قال تعالى (قد نرى تقلب وجهك في السماء) حكاية الحال الفعل الماضي تضفي عليه الحركة والحيوية وتجعله كأنه معاصر خاصة في الأمور المهمة. وقال تعالى (فلم تقتلون أنبياء الله من قبل) لم يقل قتلتم وهذا من باب التشنيع على الفعل فعندما تكون الأمور مهمة التي تحتاج إلى جعلها صورة معاصرة لأن الإنسان يتفاعل مع الصور الحيّة معه القريبة منه وهي ليست كالأحداث الماضية البعيدة عنه، فقد نسمع أحداث ماضية ولا نتفاعل معها لكننا بالتأكيد نتفاعل مع حادثة قتل أمامنا مثلاً. فالعرب عموماً إذا أرادوا حكاية الحال ليعبّروا عن الأحداث الماضية يجعلونها حيّة. ويقول النحاة إما ينقلك إلى الحدث أو ينقل الحدث إليك. وكلاهما تعبير عن الأفعال الماضية بالفعل المضارع ويدخل في زمن الفعل. وللفعل أزمان متعددة وللفعل الماضي وحده ١٦ زمن وما يُدرس في المدارس والجامعات هو زمن واحد أي الماضي فقط.
فالتضاد من الخطوط التعبيرية في السورة فما فائدة التضادّ في اللغة؟ التضاد يُبرز المعنى ويوضحه. والشيئ يُظهر حسنه الضدّ.
*أسئلة متفرقة :
* ما اللمسة البيانية في عدم ذكر الحور العين في نعيم الجنة في سورة الإنسان؟(د. فاضل السامرائى)
لو قلنا القرينة السياقية لو أراد المعنى الأول لقال (قل إن لا أملك لكم ضراً ولا رشداً إلا بلاغاً من الله) لكن التعبير القرآني يحتمل معنيين مطلوبين كليهما هذا توسع في المعنى. المعنيان مطلوبان لو قال ذلك سيكون المعنى واحداً يعني لو قال (لا أملك لكم إلا بلاغاً) انتهت بدلالة واحدة. الآن المعنيين مرادين يعني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً إلا البلاغ ولم أجد من دونه ملتحداً إلا البلاغ المعنيين مطلوبين فلما أراد إلحاق هذه بهذين المعنيين أطلق ولم يأت بقيرنة سياقية. المعنيان في القرآن موجودان المعنى الأولى (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ (٤٨) الشورى) والمعنى الآخر (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ (٦٧) المائدة) المعنيان موجودان في القرآن فجمعهما ولو جاء بالقرينة لحدد وهو أراد الإطلاق.
* قال تعالى في سورة الجن (وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (٢٣)) في سورة النساء قال (وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ (١٤)) فما الفرق بين خالدين وخالداً؟