أوليات ابن عاشور(١): اعتنى الأوَّلون بالتصنيف بالأوائل، مثل أبي هلال العسكري، والجراعي، والسيوطي.
وللشيخ محمد الطاهر ابن عاشور أوّليات تستحقّ الوقوف عندها، والإشارة إليها، وهي مظهر من مظاهر تميّز المترجم له × وفيما يلي شيء من ذلك:
١_ وهو أوّل مَنْ جمع بين منصب شيخ الإسلام المالكي، وشيخ الجامع الأعظم (الزيتونة).
٢_ وهو أوَّل مَنْ سُمِّي شيخاً للجامع الأعظم سنة (١٣٥١هـ _ ١٩٣٢م) ليتولَّى الإصلاحات العلمية والتعليمية، فكان أوّل شيخ لإدارة التعليم بجامع الزيتونة عوضاً عن النظارة(٢) التي كانت هي المسيّرة للتعليم به.
٣_ وأوَّل مَنْ لُقِّبَ بشيخ الإسلام، وهو لقب تفخيمي تداولته الرئاسة الشرعية الحنفية بتونس منذ القرن العاشر الهجري، ولم يكن لدى المالكية بتونس هذا اللقب.
وقد أُطلق على رئيس المجلس الشرعي الأعلى للمالكية بصفة رسمية عليه.
٤_ وهو أوَّل مَنَََْ تقلَّد جائزة الدولة التقديرية للدولة التونسية ونال وسام الاستحقاق الثقافي سنة (١٩٦٨م) وهو أعلى وسام ثقافي قررت الدولة التونسية إسناده إلى كلّ مفكر امتاز بإنتاجه الوافر ومؤلفاته العميقة الأبحاث، ودعوته الإصلاحية ذات الأثر البعيد المدى في مختلف الأوساط الفكرية.
وحصل على جائزة رئيس الجمهورية في الإسلاميات عامي ١٩٧٢م_١٩٧٣م.
٥_ وهو أوَّل مَنْ أحيا التصنيف في مقاصد الشريعة في عصرنا الحالي بعد العزّ ابن عبدالسلام (ت ٦٦٠هـ) والشاطبي (٧٩٠هـ).

(١) _ انظر شيخ الجامع الأعظم محمد الطاهر بن عاشور حياته وآثاره د. بلقاسم الغالي ص٥٦_٦٢، ومحمد الطاهر بن عاشور علامة الفقه وأصوله، والتفسير وعلومه للأستاذ خالد الطباع ص٧٨_٨٠.
(٢) _ النظارة: هي الهيئة المشرفة على التعليم.

والمنكر: ما شأنه أن ينكر في الدين، أي أن لا يُرضى بأنه من الدين، وذلك كل عمل يدخل في أمور الأمة والشريعة وهو مخالف لها؛ فعلم أن المقصود بالمنكر الأعمال التي يراد إدخالها في شريعة المسلمين وهي مخالفة لها، فلا يدخل في ذلك ما يفعله الناس في شؤون عاداتهم مما هو في منطقة المباح، ولا ما يفعلون في شؤون دينهم مما هو من نوع الديانات كالأعمال المندرجة تحت كليات دينية، والأعمال المشروعة بطريق القياس وقواعد الشريعة من مجالات الاجتهاد والتفقه في الدين.
والنهي عن المنكر آيل إلى الأمر بالمعروف وكذلك الأمر بالمعروف آيل إلى النهي عن المنكر، وإنما جمعت الآية بينهما باعتبار أول ما تتوجه إليه نفوس الناس عن مشاهدة الأعمال، ولتكون معروفة دليلاً على إنكار المنكر، وبالعكس؛ إذ بضدها تتمايز الأشياء، ولم يزل من طرق النظر والحجاج الاستدلال بالنقائض والعكوس. ١٧/٢٨١
١٥_ والإملاء: ترك المتلبس بالعصيان دون تعجيل عقوبته، وتأخيرها إلى وقت متأخر حتى يحسب أنه قد نجا، ثم يؤخذ بالعقوبة. ١٧/٢٨٤
١٦_ والتمني: كلمة مشهورة، وحقيقتها: طلب الشيء العسير حصوله.
والأُمْنِيَّة: الشيء المتمنى، وإنما يتمنى الرسل والأنبياء أن يكون قومهم كلهم صالحين مهتدين. ١٧/٢٩٧_٢٩٨
١٧_ ومعنى إلقاء الشيطان في أمنية النبي والرسول إلقاء ما يضادها، كمن يمكر فيلقي السم في الدسم؛ فإلقاء الشيطان بوسوسته: أن يأمر الناس بالتكذيب والعصيان، ويلقي في قلوب أئمة الكفر مطاعن يبثونها في قومهم، ويروج الشبهات بإلقاء الشكوك التي تصرف نظر العقل عن تذكر البرهان.
والله _تعالى_ يعيد الإرشاد ويكرر الهدي على لسان النبي، ويفضح وساوس الشيطان وسوء فعله بالبيان الواضح. ١٧/٢٩٨_٢٩٩
١٨_ وقد فسر كثير من المفسرين [تَمَنَّى] بمعنى قرأ، وتبعهم أصحاب كتب اللغة وذكروا بيتاً نسبوه إلى حسان بن ثابت، وذكروا قصة بروايات ضعيفة سنذكرها.


الصفحة التالية
Icon