١٨_ والخداع فعل مذموم إلا في الحرب، والانخداع تمشي حيلة المخادع على المخدوع، وهو مذموم _أيضاً_ لأنه من البله.
وأما إظهار الانخداع مع التفطن للحيلة إذا كانت غير مضرة فذلك من الكرم والحلم قال الفرزدق:
استمطروا من قريش كل منخدع | إن الكريمَ إذا خادعته انخدعا |
ألا ترى إلى قوله: =والسعيد من وعظ بغيره+ مع قوله: =لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين+ وكلها تنادي على أن المؤمن لا يليق به البله.
وأما معنى =المؤمن غر كريم+ فهو أن المؤمن لما زكت نفسه عن ضمائر الشر وخطورها بباله وحمل أحوال الناس على مثل حاله فعرضت له حالة استئمان تشبه الغِرِّيَّة. ١/٢٧٤_٢٧٥
١٩_ والنفس في لسان العرب: الذات، والقوة الباطنية المعبر عنها بالروح، وخاطر العقل. ١/٢٧٨
٢٠_ والمرض حقيقة في عارض للمزاج يخرجه عن الاعتدال الخاص بنوع ذلك الجسم خروجاً غير تام، وبمقدار الخروج يشتد الألم، فإن تم الخروج فهو الموت. ١/٢٧٩
٢١_ وقد عَنَّ لي في بيان إيقاعهم الفساد أنه مراتب: أولها: إفسادهم أنفسهم بالإصرار على تلك الأدواء القلبية التي أشرنا إليها فيما مضى، وما يترتب عليها من المذام، ويتولد من المفاسد.
الثانية: إفسادهم _ أي المنافقين _ الناس ببث تلك الصفات والدعوة إليها، وإفسادهم أبناءهم، وعيالهم في اقتدائهم بهم في مساويهم كما قال نوح _عليه السلام_ [إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً].
الثالثة: إفسادهم بالأفعال التي ينشأ عنها فساد المجتمع، كإلقاء النميمة، والعداوة، وتسعير الفتن، وتأليب الأحزاب على المسلمين، وإحداث العقبات في طريق المصلحين. ١/٢٨٤
وفي الحديث الآخر: =من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت+.
ويشمل القول السديد ما هو تعبير عن إرشاد من أقوال الأنبياء والعلماء والحكماء، وما هو تبليغ لإرشاد غيره من مأثور أقوال الأنبياء والعلماء.
فقراءة القرآن على الناس من القول السديد، ورواية حديث الرسول"من القول السديد.
وفي الحديث: =نضر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها+.
وكذلك نشر أقوال الصحابة والحكماء وأئمة الفقه.
ومن القول السديد تمجيد الله، والثناء عليه مثل التسبيح.
ومن القول السديد الأذان والإقامة، قال _تعالى_: [إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ] في سورة فاطر.
فبالقول السديد تَشيع الفضائلُ والحقائق بين الناس؛ فيرغبون في التخلق بها، وبالقول السيئ تشيع الضلالات والتمويهات؛ فيغتر الناس بها، ويحسبون أنهم يحسنون صنعاً.
والقول السديد يشمل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ولما في التقوى والقول السديد من وسائل الصلاح جعل للآتي بهما جزاء بإصلاح الأعمال، ومغفرة الذنوب.
وهو نَشْرٌ على عكس اللفِّ(١)
(١) _ اللف والنشر: يسميهما بعض البلاغيين الطي والنشر، وهو أحد فنون علم البديع من علم البلاغة، ويعني أن تذكر شيئين فصاعداً إما تفصيلاً؛ فتنص على كل واحد منهما، وإما إجمالاً؛ فتأتي بلفظ واحد يشتمل على متعدد وتفوض إلى العقل رد كل واحد إلى ما يليق به من غير حاجة إلى أن تنص أنت على ذلك.
أو هو _بعبارة أخرى_: ذكر متعدد مفصل أو مجمل، ثم ذكر ما لكلٍّ من آحاده بلا تعيين؛ اتكالاً على أن السامع يَرُدَّ إلى كلٍّ ما يليق به لوضوح الحال.
ومن أمثلته قوله _تعالى_: [وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوْا فيْهِ وَلِتَبْتَغُوْا مِنْ فَضْلِهِ] فالسكون راجع إلى الليل، والابتغاء من فضل الله راجع إلى النهار على الترتيب، وهكذا.
ولهذا الفن تفصيلات ليس هذا محل تفصيلها. (م)
أو هو _بعبارة أخرى_: ذكر متعدد مفصل أو مجمل، ثم ذكر ما لكلٍّ من آحاده بلا تعيين؛ اتكالاً على أن السامع يَرُدَّ إلى كلٍّ ما يليق به لوضوح الحال.
ومن أمثلته قوله _تعالى_: [وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوْا فيْهِ وَلِتَبْتَغُوْا مِنْ فَضْلِهِ] فالسكون راجع إلى الليل، والابتغاء من فضل الله راجع إلى النهار على الترتيب، وهكذا.
ولهذا الفن تفصيلات ليس هذا محل تفصيلها. (م)