٦٢_ وعيسى اسم مُعَرَّب من يشوع أو يسوع، وهو اسم عيسى ابن مريم قلبوه في تعريبه قلباً مكانياً؛ ليجري على وزن خفيف؛ كراهية اجتماع ثقل العجمة، وثقل ترتيب حروف الكلمة؛ فإن حرفي علة في الكلمة وشيناً والختم بحرف حلق لا يجري هذا التنظيم على طبيعة ترتيب الحروف مع التنفس عند النطق بها؛ فقدموا العين؛ لأنها حلقية؛ فهي مبدأ النطق، ثم حركوا حروفه بحركات متناسبة، وجعلوا شينه المعجمة الثقيلة سينا مهملة؛ فللَّه فصاحة العربية.
ومعنى يشوع بالعبرانية السيد أو المبارك.
ومريم هي أم عيسى وهذا اسمها بالعبرانية نقل للعربية على حاله، لخفته، ولا معنى لمريم في العربية غير العلمية إلا أن العرب المتنصرة عاملوه معاملة الصِّفة في معنى المرأة المتباعدة عن مشاهدة النساء؛ لأن هاته الصفة اشتهرت بها مريم؛ إذ هي أول امرأة عبرانية خدمت بيت المقدس؛ فلذلك يقولون: امرأةٌ مريمٌ أي معرضة عن صفات النساء كما يقولون رجل حاتم بمعنى جواد، وذلك معلوم منهم في الأعلام المشتهرة بالأوصاف. ١/٥٩٤
٦٣_ وعيسى _عليه السلام_ هو ابن مريم كَوَّنه الله في بطنها بدون مس رجل، وأمه مريم ابنة عمران من سبط يهوذا.
ولد عيسى في مدة سلطنة أغسطس ملك رومية وفي مدة حكم هيردوس على القدس من جهة سلطان الرومان وذلك في سنة ٤٣٠ عشرين وستمائة(١) قبل الهجرة المحمدية، وكانت ولادته بقرية تعرف ببيت لحم اليهودية، ولما بلغ ثلاثين سنة بعث رسولاً إلى بني إسرائيل وبقي في الدنيا إلى أن بلغ سنه ثلاثاً وثلاثين سنة.
قال الغزالي: إن ذلك لأن الإيمانَ صحتُه باعتراف بالحشر، والحشرُ مقررٌ في هذه السورة بأبلغ وجه، كما سميت الفاتحة أم القرآن؛ إذ كانت جامعة لأصول التدبر في أفانيه كما تكون أم الرأس مِلاكُ التدبرِ في أمور الجسد+. ٢٢/٣٤٢_٣٤٤
٣_ [يَسِ(١)] القول فيه كالقول في الحروف المقطعة الواقعة في أوائل السور، ومن جملتها أنه اسم من أسماء الله _تعالى_ رواه أشهب عن مالك قاله ابن العربي، وفيه عن ابن عباس أنه: يا إنسان، بلسان الحبشة.
وعنه أنها كذلك بلغة طيء، ولا أحسب هذا يصح عنه؛ لأن كتابتها في المصاحف على حرفين تنافي ذلك.
ومن الناس من يَدَّعِي أن (يس) اسم من أسماء النبي"، وبنى عليه إسماعيل بن بكر الحميري شاعر الرافضة المشهور عندهم بالسيد الحميري قوله:
يا نفس لاتمحضي بالود جاهدة | على المودة إلا آل ياسينا |
ومن الناس من قال: إن يس اختزال: يا سيد، خطاباً للنبي"ويوهنه نطق القرآن بها بنون. ٢٢/٣٤٤
٤_ [ قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٨)].
والتطير في الأصل: تكلُّف معرفة دلالة الطير على خير أو شر من تعرض نوع الطير ومن صفة اندفاعه أو مجيئه، ثم أطلق على كل حدث يتوهم منه أحد أنه كان سبباً في لحاق شر به؛ فصار مرادفاً للتشاؤم.
وفي الحديث: =لا عدوى ولا طيرة وإنما الطيرة على من تطير+.
وبهذا المعنى أطلق في هذه الآية، أي قالوا إنا تشاءمنا بكم.
ومعنى: [بِكُم] بدعوتكم، وليسوا يريدون أن القرية حل بها حادث سوء يعم الناس كلهم من قحط أو وباء أو نحو ذلك من الضر العام مقارن لحلول الرسل أو لدعوتهم.
وقد جوزه بعض المفسرين، وإنما معنى ذلك: أن أحداً لا يخلو في هذه الحياة من أن يناله مكروه.