وقال عون بن عبدالله بن عتبة بن مسعود في أرض نصيبين: =كثيرة العقارب قليلة الأقارب+ أراد عديمة الأقارب، ويقولون: فلان قليل الحياء. ١/٦٠٠
٦٦_ وقوله: [ولتجدنهم] من الوَجَدَان القلبي المتعدي إلى مفعولين، والمراد من الناس في الظاهر جميع الناس أي جميع البشر فهم أحرصهم على الحياة؛ فإن الحرص على الحياة غريزة في الناس إلا أن الناس فيه متفاوتون قوة وكيفية وأسباباً قال أبو الطيب:

أرى كلنا يهوى الحياة بسعيه حريصاً عليها مستهاماً بها صَبَّا
فحب الجبان النفس أورده التقى وحب الشجاع النفس أورده الحربا
ونكَّر الحياة قصداً للتنويع، أي كيفما كانت تلك الحياة، وتقول يهود تونس ما معناه: =الحياة وكفى+. ١/٦١٧
٦٧_ والقلب هنا بمعنى النفس وما به الحفظ والفهم، والعرب تطلق القلب على هذا الأمر المعنوي نحو: [إِنَّ فيْ ذَلِكَ لَذِكْرَى لمَنْ كَاْنَ لَهُ قَلْبٌ].
كما يطلقونه _أيضاً_ على العضو الباطني الصنوبري كما قال(١):
كأن قلوب الطير رطباً ويابساً
١/٦٢٢
٦٨_ وفي ميكائيل لغات إحداها ميكائيل بهمزة بعد الألف وياء بعد الهمزة وبها قرأ الجمهور.
الثانية: (ميكائل) بهمزة بعد الألف وبلا ياء بعد الهمزة وبها قرأ نافع.
الثالثة: (ميكال) بدون همز ولا ياء وبها قرأ أبو عمرو وحفص وهي لغة أهل الحجاز. ١/٦٢٣_٦٢٤
(١) _ القائل امروء القيس، وعجز البيت:
...................................... لدى وكرها العناب والحشف الحالي (م)

حكي قول الرسل بما يرادفه ويؤدي معناه بأسلوب عربي؛ تعريضاً بأهل الشرك من قريش الذين ضُرِبَت القرية مثلاً لهم، فالرسل لم يذكروا مادة الطِّيَرة والطَيْر، وإنما أتوا بما يدل على أن شؤم القوم متصل بذواتهم لا جاءٍ من المرسلين إليهم؛ فحكي بما يوافقه في كلام العرب؛ تعريضاً بمشركي مكة.
وهذا بمنزلة التجريد لضرب المثل لهم بأن لوحظ في حكاية القصة ما هو من شؤون المشبهين بأصحاب القصة.
ولما كانت الطيرة بمعنى الشؤم مشتقة من اسم الطير لوحظ فيها مادة الاشتقاق.
وقد جاء إطلاق الطائر على معنى الشؤم في قوله _تعالى_ في سورة الأعراف: [أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ] على طريقة المشاكلة.
ومعنى: [طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ]: الطائر الذي تنسبون إليه الشؤم هو معكم، أي في نفوسكم، أرادوا أنكم لو تدبرتم لوجدتم أن سبب ما سميتموه شؤماً هو كفركم، وسوء سَمْعِكم للمواعظ؛ فإن الذين استمعوا أحسن القول اتبعوه، ولم يعتدوا عليكم، وأنتم الذين آثرتم الفتنة، وأسعرتم البغضاء والإحن؛ فلا جرم أنتم سبب سوء لحالة التي حدثت في المدينة. ٢٢/٣٦٣_٣٦٤
٦_ [وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (٢٠) اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٢١) وَمَا لِي لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٢) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِي الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنقِذُونِ (٢٣) إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٤) إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (٢٥)].
عطف على قصة التحاور الجاري بين أصحاب القرية والرسل الثلاثة لبيان البون بين حال المعاندين من أهل القرية وحال الرجل المؤمن منهم الذي وعظهم بموعظة بالغة وهو من نفر قليل من أهل القرية.


الصفحة التالية
Icon