وبنو يعقوبَ هم الأسباط أي أسباط إسحاق ومنهم تشعبت قبائل بني إسرائيل وهم اثنا عشر ابناً: رأوبين، وشمعون، ولاوى، ويهوذا، ويساكر، وزبولون (وهؤلاء أمهم ليئة) ويوسف، وبنيامين (أمهما راحيل) ودان ونفتالي (أمهما بلهة) وجاد، وأشير (أمهما زلفة). ١/٧٣٢
٨٠_ وأما إسحاق فهو ابن إبراهيم وهو أصغر من إسماعيل بأربع عشرة سنة، وأمه سارة، ولد سنة ١٨٩٦ (ست وتسعين وثمانمائة وألف قبل ميلاد المسيح) وهو جد بني إسرائيل وغيرهم من أمم تقرب لهم. ١/٧٣٣
٨١_ واليهود يقولون: إن الابن الذي أمر الله إبراهيم بذبحه وفداه الله هو إسحاق، والحق أن الذي أمر بذبحه هو إسماعيل في صغره حين لم يكن لإبراهيم ولد غيره؛ ليظهر كمال الامتثال.
ومن الغريب أن التوراة لما ذكرت قصة الذبيح وصفته بالابن الوحيد لإبراهيم ولم يكن إسحاق وحيداً قط.
وتوفي إسحاق سنة ثمان وسبعمائة وألف قبل الميلاد، ودُفِنَ مع أبيه وأمه في مغارة المكفيلة في حبرون (بلد الخليل). ١/٧٣٣_٧٣٤
٨٢_ والحنيف: فعيل بمعنى فاعل مشتق من الحَنَف بالتحريك، وهو الميل في الرجل، قالت أم الأحنف بن قيس فيما ترقِّصه به:
والله لولا حنفٌ برجله | ما كان في فتيانكم من مثله |
وإنما كان هذا مدحاً للملة لأن الناس يوم ظهور ملة إبراهيم كانوا في ضلالة عمياء؛ فجاء دين إبراهيم مائلاً عنهم، فلُقِّب بالحنيف ثم صار الحنيف لقب مدح بالغلبة. ١/٧٣٧
٨٣_ [سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنْ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمْ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ].
ولقد ظهرت حكمة علام الغيوب في ذلك؛ فإن المشركين لما سمعوا القرآن ابتدروا إلى الطعن في كونه منزلاً من عند الله بقولهم في الرسول: هو شاعر، أي أن كلامه شعر حتى أفاقهم من غفلتهم عقلاؤهم مثل الوليد بن المغيرة، وأنيس ابن جنادة الغفاري، وحتى قرعهم القرآن بهذه الآية: [وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ].
وبعد هذا فإن إقامة الشعر لا يخلو الشاعر فيها من أن يتصرف في ترتيب الكلام تارات بما لا تقضيه الفصاحة مثل ما وقع لبعض الشعراء من التعقيد اللفظي، ومثل تقديم وتأخير على خلاف مقتضى الحال؛ فيعتذر لوقوعه بعذر الضرورة الشعرية، فإذا جاء القرآن شعراً قصّر في بعض المواضع عن إيفاء جميع مقتضى الحال حقه.
وسنذكر عند تفسير قوله _تعالى_: [وَمَا يَنْبَغِي لَه] وجوهاً ينطبق معظمها على ما أشار إليه قوله _تعالى_ هنا: [وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ].
وقد قال ابن عطية: إن الضمير المجرور باللام في قوله: [وَمَا يَنْبَغِي لَه] يجوز أن يعود على القرآن كما سيأتي.
وقوله: [وَمَا يَنْبَغِي لَه] جملة معترضة بين الجملتين المتعاطفتين قصد منها اتباع نفي أن يكون القرآن الموحى به للنبي"شعراً بنفي أن يكون النبي"شاعراً فيما يقوله من غير ما أوحى به إليه أي فطر الله النبي"على النفرة بين ملكته الكلامية والملكة الشاعرية، أي لم يجعل له ملكة أصحاب قرض الشعر، لأنه أراد أن يقطع من نفوس المكذبين دابر أن يكون النبي"شاعراً، وأن يكون قرآنه شعراً، ليتضح بهتانُهم عند من له أدنى مُسْكَةٍ من تمييز للكلام وكثيرٌ ما هُمْ بين العرب رجالهم، وكثير من نسائهم غير زوج عبدالله بن رواحة ونظيراتها، والواو اعتراضية.
وضمير (ينبغي) عائد إلى الشعر، وضمير (له) يجوز أن يكون عائد إلى ما عاد إليه ضمير الغائب في قوله: =علمناه+ وهو الظاهر.