يروون من الشعر ما لا يوجد(١)
ففغر فاه مبهوتاً من شدة ذكاء الشيخ، وسرعة بديهته.
وأخيراً هذه مقالةٌ تجمع كثيراً من معالم سيرة الشيخ ابن عاشور كتبها الشيخ العلامة محمد البشير الإبراهيمي الجزائري ١٣٠٦_١٣٨٥هـ في الشيخ محمد الطاهر بن عاشور، ونُشرت في جريدة البصائر سنة ١٩٤٨هـ، وهي في آثار البشير ٣/٥٤٨_٥٥٢، بعنوان (الرجال أعمال _ محمد الطاهر بن عاشور وعبدالحميد بن باديس إماما النهضة العلمية في الشمال الإفريقي).
ومما جاء في تلك المقالة التي كتبها البشير × قوله:
=الأستاذ الأكبر الشيخ محمد الطاهر بن عاشور علم من الأعلام الذين يعدُّهم التاريخ الحاضر من ذخائره؛ فهو إمام متبحِّر في العلوم الإسلامية، مستقلٌّ في الاستدلال لها، واسع الثراء من كنوزها، فسيح الذّرع بتحمّلها، نافذ البصيرة في معقولها، وافر الاطلاع على المنقول منها، أقرأ وأفاد، وتخرّجت عليه طبقات ممتازة في التحقيق العلمي، وتفرّد بالتوسع والتجديد لفروع من العلم ضيَّقها المنهاجُ الزيتوني، وأبلاها الركودُ الذهنيُّ، وأنزلتها الاعتبارات التقليدية دون منزلتها بمراحل؛ فأفاض عليها هذا الإمام من روحه وأسلوبه حياةً وجِدَّةً، وأشاع فيها مائية ورونقاً، حتى استرجعت بعض قيمتها في النفوس، ومنزلتها في الاعتبار+.
وقال: =هذه لمحات دالة _في الجملة_ على منزلته العلميةِ، وخلاصتُها أنه إمام في العلميات لا يُنازع في إمامته أحد.

(١) _ هكذا في كتاب الأستاذ الطباع، والبيت هكذا لا يستقيم وزنه، ولعل الصواب:
يروي من الأشعار ما لا يوجد

ووقع ذلك في كتاب الجامع من العتبية في سماع ابن القاسم، قال ابن القاسم: =أخرج لنا مالك مصحفاً لجده، فتحدثنا أنه كتبه على عهد عثمان بن عفان وغاشيته من كسوة الكعبة فوجدنا..+ إلى أن قال: =وفي قد أفلح كلها الثلاث لله+ أي خلافاً لقراءة: [سَيَقُولُونَ اللَّهُ] ويسمونها _أيضاً_ سورة الفلاح.
وهي مكية بالاتفاق، ولا اعتداد بتوقف من توقف في ذلك بأن الآية التي ذكرت فيها الزكاة وهي قوله: [وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ] تُعيِّن أنها مدنية؛ لأن الزكاة فرضت في المدينة؛ فالزكاة المذكورة فيها هي الصدقة لا زكاة النُّصب المعيّنة في الأموال، وإطلاق الزكاة على الصدقة مشهور في القرآن، قال _تعالى_: [وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (٦) الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ].
وهي من سورة مكية بالاتفاق، وقال [وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً (٥٤) وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ].
ولم تكن زكاة النصب مشروعة في زمن إسماعيل.
وهي السورة السادسة والسبعون في عداد نزول سور القرآن نزلت بعد سورة (الطُّور) وقبل سورة (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ).
وآياتها مائة وسبع عشرة في عدِّ الجمهور، وعدَّها أهل الكوفة مائة وثمان عشرة، فالجمهور عدوا [أُوْلَئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ] آية، وأهل الكوفة عدوا [أُوْلَئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ] آية وما بعدها آية أخرى، كما يؤخذ من كلام أبي بكر ابن العربي في العارضة في الحديث الذي سنذكره عقب تفسير قوله _تعالى_: [أُوْلَئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ (١٠) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ]. ١٨/٦
٢_ أغراض السورة: هذه السورةُ تدورُ آيُهَا حولَ مِحْورِ تحقيقِ الوحدانية، وإبطالِ الشرك، ونقضِ قواعده، والتنويهِ بالإيمان وشرائعه.


الصفحة التالية
Icon