وإطلاقُ التوبة على الإيمان بعد الكفر وارد كثيراً؛ لأن الإيمان هو توبة الكافر من كفره، وإنما زاد بعده [وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا] لأن شرط كل توبة أن يتدارك التائب ما يمكن تداركه مما أضاعه بفعله الذي تاب عنه. ٢/٧١_٧٢
١٠١_ وعليه فما رُوي عن عمر بن الخطاب أنه كتب إلى عمرو بن العاص أن لا يحمل جيش المسلمين في البحر مُؤَوَّلٌ على الاحتياط، وترك التغرير.
وأنا أحسبه قد قصد منه خشيةَ تَأَخُّرِ نجداتِ المسلمين في غزواتهم؛ لأن السفن قد يتأخر وصولها إذا لم تساعفها الرياح التي تجري بما لا تشتهي السفن، ولأن ركوب العدد الكثير في سفن ذلك العصر مَظِنَّةُ وقوع الغرق، ولأن عدد المسلمين يومئذ قليل بالنسبة للعدو فلا ينبغي تعريضه للخطر؛ فذلك من النظر في المصلحة العامة في أحوال معينة؛ فلا يحتج به في أحكام خاصة للناس.
ولما مات عمر استأذن معاوِيةُ عثمانَ فأذن له في ركوبه؛ فركبه لغزو قبرص ثم لغزو القسطنطينية، وفي غزوة قبرص ظهر تأويل رؤيا النبي"في حديث أم حرام، وقد قيل: إن عمر بن عبد العزيز لما ولي الخلافة نهى عن ركوبه ثم ركبه الناس بعده، ورُوي عن مالك كراهية سفر المرأة في البحر للحج والجهاد، قال ابن عبد البر وحديث أم حرام يرد هذه الرواية، ولكن تأولها أصحابه بأنه كره ذلك؛ لخشية اطلاعهن على عورات الرجال؛ لعسر الاحتراز من ذلك؛ فخصه أصحابه بسفن أهل الحجاز؛ لصغرها، وضيقها، وتزاحم الناس فيها مع كون الطريق من المدينة إلى مكة من البر ممكناً سهلاً.
وأما السفن الكبار كسفن أهل البصرة التي يمكن فيها الاستتار، وقلة التزاحم_ فليس بالسفر فيها للمرأة بأس عند مالك. ٢/٨٢
١٠٢_ ومن وفوائد هاته الرياح الإعانة على تكوين السحاب، ونقله من موضع إلى موضع، وتنقية الكرة الهوائية مما يحل بها من الجراثيم المضرة.
وهذان الأمران موضع عبرة ونعمة لأهل العلم. ٢/٨٦
وقد أطلق على بعل في زمن موسى _ عليه السلام _ اسم (مولك) _أيضاً_ وقد مثلوه بصورة إنسان له رأس عجل، وله قرنان، وعليه إكليل، وهو جالس على كرسيٍّ ماداً يديه كمن يتناول شيئاً، وكانت صورته من نحاس، وداخلها مجوف وقد وضعوها على قاعدة من بناء كالتنور، فكانوا يوقدون النار في ذلك التنور حتى يحمى النحاس، ويأتون بالقرابين، فيضعونها على ذراعيه، فتحترق بالحرارة، فيحسبون _لجهلهم_ الصنمَ تَقَبَّلَها، وأكلها من يديه.
وكانوا يقربون له أطفالاً من أطفال ملوكهم وعظماء ملتهم، وقد عبده بنو إسرائيل غير مرة تبعاً للكنعانيين، والعمونيين، والمؤبيين وكان لبعل من السدنة في بلاد السامرة، أو مدينة صرفة أربعمائة وخمسون سادناً.
وتوجد صورة بعل في دار الآثار بقصر اللوفر في باريس منقوشة على وجه حجارة صوروه بصورة إنسان على رأسه خوذة بها قرنان، وبيده مقرعة.
ولعلها صورته عند بعض الأمم التي عبدته ولا توجد له صورة في آثار قرطاجنة الفنيقية بتونس. ٢٣/١٦٦_١٦٧
١١_ وسنة الاقتراع في أسفار البحر كانت متبعة عند الأقدمين إذا ثقلت السفينة بوفرة الراكبين أو كثرة المتاع.
وفيها قصة الحيلة التي ذكرها الصفدي في شرح الطغرائية(١): أن بعض الأصحاب يدَّعي أن مركباً فيه مسلمون وكفار أشرف على الغرق وأرادوا أن يرموا بعضهم إلى البحر، ليخف المركب، فينجو بعضهم، ويسلم المركب فقالوا: نقترع فمن وقعت القرعة عليه ألقيناه، فنظر رئيس المركب إليهم وهم جالسون على هذه الصورة فقال ليس هذا حكماً مرضياً وإنما نعد الجماعة؛ فمن كان تاسعاً ألقيناه، فارتضوا بذلك، فلم يزل يعدهم، ويلقي التاسع فالتاسع إلى أن ألقى الكفار وسلم المسلمون.
إن العُلا حدثتني وهي صادقة | فيما تحدث أن العز في النقل |